داعش والسلطة

احيانا يراودني شعور ان أعمل مقاله من كل العناوين التي تستوقفني بالصحف ، ومؤخرا بعض ما يخرج من عناوين الفيس بوك …
كلها تصف مجريات حياتنا بجمل هكذا متقطعه،عبثيه،سطحية،سخيفة وغيرها
وتجعلني اقف للحظات قليلة جدا واحيانا لا اقف اصلا واقول في نفسي : اين نحن من العالم؟
وبين اخبار داعشيه بين مستهزيء ومؤيد ومعترض وساخر
هذا الفضول نحو داعش ايجابا وسلبا .
هذا السباق نحو الهمجيه والتطرف بكافه اشكاله . باي شكل ممكن او يسمح به . وكأن في داخل كل واحد عدو من نفسه يريد ان ينتقم منه .
هذا التزاحم على اللحاق او الرد على جهل وعنصرية واجرام ، نقبل وبكل جهل ممزوج بنرجسية ما ارتأيناه من اسلام تغلفه من كل الجهات القبليه العمياء ..
ففي داخل كل مسلم على ما يبدو اشتياق للخلافة القادمة . وداعش رغم دعشها توفره له ويجد فيه سببا للحاق بها. ولا يفكر احدا مثلا ، لما الخلافه الاسلاميه ؟ ما الذي سنكسبه كأمة مسلمة من اعادة الخلافة . وهل كانت الخلافه في يوم ما شيء يستحق مراودة النفس عنها؟
نلحق بكل ما هو شعار وانباء غير متحققه . نبتعد عن المعلومه ونمسك بالاشاعه والرياء ..
ننهزم حينا اقصى اليمين وحينا اقصى اليسار حتى اصبح ذلك الكره فينا كرها خارجا معاديا لكل ما ينبض باي حياة خارج الأنا في كل واحد.
نذهب فقط الى التطرف بغية الانتقام ممن قررنا معاداتهم وما اكثرهم .. والاقربون اولي!
نترك ما يجب ان نمسك به ونتحرى السخافات ونعلق فيما ليس فيه مضمون .نفرح للكذب والمجاملات المضللة ونصفق للرياء ونبكي مع البكاه وندعي الفرحة مع الفرحين.
نسترق اللحظات الني تخلو من القيم ، ونقف كثيرا وراء المهاترات الواهية ولا نفكر للحظه بان نتفكر..
لوقت قريب ظننت ان داعش مجرد حركه زرعت لبث الفساد من قبل الاجهزه المخابراتيه الامريكيه .. ولا ازال.. ولكن لم اكن لاتخيل بان مبدأ زرع داعش مصمم وفق العقل العربي المدعي الاسلام . ربما بدأت داعش بدعم امريكي لزمره من المجرمين ، ولكن من يضخ الحياه في داعش هو كل واحد فينا .. كبر وترعرع ويكبر ويرعرع اجيالا لاحقا على القبليه والعيش على مجد الماضي الذي لم يكن. وفكر الاستقصاء والاستعلاء المصيبة في “تدعيش” الفكر هو تحوله من نهج يتأثر به العامة بالمجتمعات الى نهج تمتهنه الحكومات .

استوقفني في الماضي القريب حالة الاستعار الاجتماعي على المواضيع الثقافية والفنية المختلفة ، والتي كانت الدبكة احدى ضحاياها . لا انكر انني قد اتفهم حالة الحزن والحداد القابعة في قلوبنا كمجتمع يثكل في كل يوم بشهيد . يتم التنكيل به من خلف الجدار ومن داخله . ولكن الاصطفاف الاعمى نحو فكرة هو المريب . ويبقى المجتمع بالرغم من عدم اتفاقي مع احقية جهله احيانا ، مجتمعا ، به من الصبغات المختلفة في الوانه وبالتالي ارتداداته.

ولكن ما يجري مؤخرا من قبل الحكومة الفلسطينية متمثلا بالكثير من قياداتها هو المريب . وهو التأصيل الداعشي اذا ما اتفقنا ان داعش مبنية على فكر التطرف والاقصاء . وكل من ليس معي فهو ضدي وعليه يستحق التكفير .

محاولة الحكومة في التعامل مع اضراب المعلمين كان من اسوأ ما يمكن وصفه بإدارة الازمة الحاصلة . وكأن العقل الداعشي اشتغل ، وكان القرار  “الحكيم” هو دعوة الناس من خلال المساجد بالالتفاف نحو الحكومة ضد المؤامرة “التكفيرية” الحاصلة.

ثم تحولت الازمة الى ملاسنات واتهامات بين فريق وفريق معاد كنا نظنهم بنفس الحزب والفصيل . كل هذه العداوات التي تنبثق من داخل الفصيل  الواحد او ما يقترب منه ، تؤكد ان تفاقم الوضع سببه غياب القانون والعدالة الاجتماعية وانحصار امور الحكم بفئة مستنفذة اطماعها شخصية جدا . فلا يكاد احد يقترب منها حتى يصبح الاخر هو العدو المتآمر. والشعب لا يستعمل الا من اجل تلبية احتياجاتهم الشخصية واستحكام نفوذهم . والقمع هو سيد الموقف .

شخصنة امور الحكم بفلان وعلان . وهذا النهج  التحقيري لكل من لا يلبي مصالح السلطة العليا يزيد من الامور ريبة . ما يحدث في اروقة السيادة الفلسطينية مريب وعلى وشك الانفجار . كنا في السابق كشعب على الهامش نقول ” فخار يطبش بعضه” . الا ان هذا الفخار في “تطبيشه” لبعضه صار يرمي بشظاياه علينا .

ما يحدث اليوم يؤكد، ان المشلكة الاساسية في نظام الحم لا ترتكز الى موضوع “اسلمة” النظام وتخوفنا منه كما رأينا من حماس بالتجربة السابقة . تخوفنا من فكرة حماس كان خوفنا مما نراه اليوم من امثلة الحكم في داعش . الا انما يجري بنا بالاسابيع الاخيرة ل يحتاج الى غطاء وعمامة ليبث الرعب فينا . ما يجري يؤكد ان المشكلة هي بمحاولة تحويل النظام الى دكتاتورية اقطاعية يستحكم فيها بعض الاشخاص بلا حاجة لعمامة او خمار .. الا اذا استحكم الامر.

ان غياب القانون وتطبيقه يجعل الحال الاني في وضع مزري. لن يضر بنا نحن الشعب الا بتلك الشظايا المترامية من مطاحناتهم . ولا اعرف ان كان مناك من يسمع . فكثيرا ما اعول على تغييب الرئيس لاعطيه التبرير بأن ما يجري ليس بالضرورة معلوم لديه . الا ان ما يصدر مؤخرا من “فرماناترئاسية” بحق اشخاص محسوبين على الرئاسة وقريبين من صنع القرار لا يقل ريبة . بدءا من قرار القبض على النائي في المجلس التشريعي نجاة ابو بكر لمشاغبتها ومساسها بالمسميات الكبرى . ثم عضو المجلس المركزي في فتح عباس زكي لشكره لمنحة ايران ، واصدار بيان بأنه لا يمثل الا نفسه .

ما يحدث هزلية حكومية تعيبنا وتعيب الحكومة. هذا الحال من التخبط واللا معرفة وعدم الوقوف على موقف محدد خوفا من رضى او غضب احد الاطراف او الدول او القوى لا يحسن في موقف الحكومة امامهم. تأرجح على اي كفة تعطي الاموال لتبقي الفساد هو المحصلة النهائية .

من المؤسف ان موضوع “الانتفاضة” التي اخذت التحليلات والتمحيصات بمحاولة تعريفها اخذ اشهرا ، ونراها اليوم تخنق بأيدينا حكومة وشعبا.

شعبا … لاننا لا نزال ساكتين خائفين راضحين عما يجري.

هناك فرصة لا تزال قائمة…. الانتخابات …

الانتخابات الفورية … وعلى اهل الحكم في رام الله وكذلك في غزة الا يقلقوا من فوز اندادهم بسباق الانتخابات ان حصلت . فلقد فقد الاثنين  شرعيتهما ومصداقيتهما في الشارعين “الغزاوي” و”الضفاوي” . فلا داعي للخوف من المنافسة على الاقصاء . ما يحدث من تطرف واقصاء بات مهدد اكثر من ذلك التهديد من الند والعدو.

الانتخابات دعوة لضخ الدم من جديد في الكيان الفلسطيني. حتى في غياب افاق دولة حقيقية . اعي جيدا انها ابدا لن ترى نورا تحت احتلال . الا ان تصريف اعمال الحال الفلسطيني هذا ، لا يمكن ان تستمر في ظل هذا الوضع المتفشي من الانحراف نحو الهاوية .

داعش تفشت نتيجة غياب الامن والامان والفراغ السياسي والحكمة ….. لا تدعوا داعش يصبح عنوان قضيتنا . .

 

اترك رد