تزاحمت الاخبار حول ما يجري في سيناء من ترحيل وقتل وهدم لأنفاق اندمج فيها الخيال العلمي والواقع الاخر لما لا يمت لواقعنا بصله.
من انفاق تبين لاحقا لانها انفاق قطار تابع للكيان الصهيوني ، وقصص قتل صورت وتداولتها الانباء وكأنها داعشيه ، وترحيل ذكرنا بترحيلنا وشتاتنا الفلسطيني..
احداث صعبه ومريره مما لا شك فيه ..
فقتل الجندي المصري لاخيه المصري الذي صار يعرف ارهابي مأساه ، وترحيل الاهل عن قراهم مأساه ، وتحويل الانفاق الى مصدر رعب الدول مأساه .
ومن ناحيه اخرى .. فمن يمارس الارهاب من المسلمين يجب ردعه … ولكن بالقتل؟
ولتنظيف المنطقه من الخلايا الارهابيه يجب تحذير الاهل وتوفير البدائل ، ولكن هل بالترحيل؟
وللسيطره على الحدود يجب هدم الانفاق … ولكن اي انفاق.؟
سأبدأ من الموضوع الاكثار تشويقا ولربما انتهيت بالموضوع الاكثر اجراما .. فاليوم نحيا حياه اصبح فيها الاجرام والقتل احدى وسائل الاثاره والاكثر مشاهدات ..
اذكر صديقا دبلوماسيا مصريا خدم في اسرائيل قائلا لي بشأن الانفاق قبل عده اعوام .. قبل اعوام لم تكن غزه مصدر الرعب ولكنها كانت الابن العاق الذي انشق عن الاخ الاكبر ، في تلك الايام كان النقاش عن فتح المعابر على غزه المحاصره بلا وجه حق ، على اهلها الذين يختنقون في كل يوم تحت حصار غاشم . قال لي ذلك الصديق حينها : وماذا تقولين في الانفاق. لقد سمحنا لهم بشق الانفاق واستخدامها حتى لتهريب السيارات الفاخره .
اذكر ردي كذلك المفعم بالغضب قائلّه : عندما تحولون الانفاق الى وسيله حياه طبيعيه فانتم لا تختلفون عن المحاصر الغاشم. الحياه الطبيعيه للانسان العادي لا تكون من خلال نفق. النفق سيخلق طبيعيا حياه ظلام وظلم على الجميع ، على تجاره ومصنعيه وسماسرته ومستخدميه والزبائن والحكومات الصديقه والعدوه والانسان البسيط الذي لا حول له ولا قوه يحتاج الى البقاء .. الى البقاء فقط..
اذكر صرختي تلك، على ظلم بغير حق و ولو حتى كنا نحن شركاء او نتحمل بعض المسئوليه او الكثير منها .
عندما يسلب الانسان من كل معاني الحياه الكريمه . الحياه نفسها بمقوماتها البسيطه الطبيعيه . عندما يحاصر جسده وكيانه فوق الارض ويعزل ويصبح منبوذا متهما بافتراءات او حقائق ولا يعد هذا مهم ، لانه سيبقى متهما مجرما مرتدا منبوذا ..
عندما تدمر امامه وخلفه وحوله كل وسائل الحياه من بيت يأويه او مصدر رزق يملي به جوع اهله . عندما يصبح الموت شريكه والقصف انيس ليلته وغدر البحر مؤنسا لوحدته ….تصبح الانفاق معنى للحياه
تصبح الانفاق ملاذا ومخلصا ومنجي
تصبح الانفاق تجاره وصناعه واستثمار
تنتهي الانفاق من كونها وسيله حياه …وتصبح هي الحياه
ويصبح التركيز على هدمها جزءا لا ينفصل ولا يتجزأ ولا يختلف عن هدم معالم الحياه للفلسطيني في غزه .
ينتهي هدم الانفاق من كونه ردعا لمجازر الارهاب في سيناء والعريش ليصبح هدفا في ظل منظومه التحالف مع الاحتلال.
واعرف بان عقلي الساذج لا يحتمل كل الوقائع ، ولكن اذا ما سلمت وعقلي الى خطوره الانفاق التي انا ادعو لهدمها منذ التفكير بانشائها . كيف اصبحت غزه هي ممول الارهاب وبؤرته ؟ كيف تمد غزه العتاد وهي اخر ما يوجد بذلك النفق ؟ فاصل الامر ان الانفاق تستخدم لمد غزه بالعتاد وليس العكس؟ هل اصبحت غزه كتلك الانفاق في الفاخره في الصور مصنعا للاسلحه وعتاد الارهابيون ؟
مع الاسف نعيش وسط حرب اعلام يحارب كل ما لا يمثله شرقا وغربا ، الكل يستند الى برهان الافك في ضرب قصه عدوه وتثبيتها ، وكلنا خرجنا من المنطق والصواب والحق .
لم يعد الاعلام مصدر بحث عن الحقيقه .. فقط مكان للغوغاء والصياح الفارغ والردح والذم والقدح ،يتشارك به الجميع ، اصباح الكلام النابي واللاذع واصحاب القلم الذي كان منطقيا ومتزن .. الكل في صف واحد يدافعون كالاعمى بالعصا نحو فضاء يضرب به الاخضر واليابس .
والكل اصبح عدو. فكل شخص يعترض الوضع القائم يصبح عدوا ، حتى هانت علينا ارواحنا وحياتنا . حتى صرنا ننظر الى عين الاخر بلا رحمه او رأفه . صرنا نركل ونسحل ونعذب ونقتل ببروده ووحشيه كل من لا يمثلنا .. وليتنا نعرف ما الذي يمثلنا .. فقط من لا يقول ما نقول ، ويدعي ما ندعيه ويوافق على من لا نوافق عليه .
صرنا نرضى بان يكون القتل للاخر ذراعنا في الدفاع عن ذلك الذي لا نعرف ما يمثل فينا . ننظر الى الجثث المذبوحه بعين المتفرج الشامت ، وكان الذبيح عدو اغتصب ارضي وعرضي وسرق مالي وحياتي ، ونسينا بان هذا المقتول كان ابنا او اخا او جارا او ابن بلد ، حكمنا عليه بالموت رجما ، دون رحمه او رأفه . قررنا ان نقلع الحياه ونمارس دور عزرائيل بالارض بميقاتنا واحكامنا نحن..
قد يكونوا هؤلاء مجرمون ؟ سفاحون ، قتله … هل نقتلهم ؟
ما الفرق بيننا وبينهم ؟ لما نبرر افعالهم المشينه بافعال اكثر اجراما من افعالهم .
متى ستنتهي من عقولنا الباليه ثقافه الذبح ونشوه الاستمتاع بمنظر الدم الفائض من جسد ما كان حيا.
الا يعي المصريون وهم يصفقون ويشجعون الجيش في سباق القتل ان هذا يقتل اخاه ..
حتى اليهود المغتصبون اخذتكم بهم رأفه ؟ الا ترأفون بابنائكم واخوانكم . كيف يستطيع ان يسمع الاخر وهو يتكلم بلغته ولكنته ولا تأخذه به رأفه ؟
كيف نلوم اولئك على افعالهم ولقد حكمتم عليهم بالاعدام مسبقا ؟
كيف نلومهم على اجرامهم ولقد قلتم لهم واكدتم لهم بانهم خوارج كفره ولقد حق ذبحهم …
يا امه محمد … الذين ورثتم من الاسم والحقتم به العار ..
حتي في الحروب يحاكم الناس ويؤسروا .
ما الفرق بينكم وبين الصهاينه الذين يذبحون اولادنا في كل يوم ظلما وبطشا وعدوانا مستمر .
منذ متى وتشبعتم بفكر وعقليه الاحتلال الذي لا يزال مغتصبا لكم ولاراضيكم .
لما لا تشد رحال الحروب العربيه ضد الارهاب من قبل شعوبها على الاحتلال الصهيوني الذي هو اصل الارهاب المنبثق عن تلك الجماعات ؟
فتجاره الحرب تمر عبر كلمه احتلال . فاذا انتهى الاحتلال سينتهي دور اولئك المتحججون به لاغراضهم الاجراميه .
الاستئصال الواجب قطعه هو الاحتلال الصهيوني الذي نخر فلسطين اولا وينخر في كل اجزاء الوطن العربي ، الذي كان يكفينا حسره هوان وخيانه وعماله قادته .. الان اصبحنا حكومات وشعوبا على نفس الدرب …
هنيئا لك ايها الاحتلال
One comment