تكثر الاخبار من هنا وهناك ، النتيجة تنتهي في قاع إحباط واحد.
دهس إسرائيلي لفلسطينيين ثلاثة في الشمال. رئيس نقابة يعتذر للرئيس ويقول له أنا تحت أمرك . صور غزة المدمرة غارقة بسيول المياه. إقالة امين عام المجلس التشريعي (المنتهي الصلاحيه ) بقرار رئاسي (غير مؤكد) . والاتحاد الاوروبي يجتمع من أجل إلإعتراف بفلسطين ، ورئيس اسرائيل يلغي ظهور مغني إسرائيلي لأن الاغنية مثيرة للعنصرية في حفل بمناسبة ذكرى ترحيل اليهود من الدول العربية وايران ،
موضوع قمع حرية التعبير أثار حفيظتي مرة أخرى وتغلب على الموضوع الرئيس في رأسي (ولم أعد أذكر ما هو في وسط تزاحم الأفكار) ء
وعلى ما يبدو انه أثر على الفيسبوكييون فالصمت يغلب على تعليقات العالم . والحقيقة معهم حق . إذا ما تم توقيف رئيس نقابة وأمين عام مجلس تشريعي بقرار من الرئيس شخصيا وتطويعهما ، فما بال باقي الشعب ؟
ومع ان الغموض كان سيد الموقف ، فلا أحد يفهم أي شيء . الكل يفتي ويحلل ويتنبأ ويتصور ، والحقيقة مجهولة كما هذا الصمت المفاجيء .
الموضوع للحقيقة ليس أساسي بالنسبة لمواطنة ليست مهمة مثلي . فبغياب الشرعية عن كل شيء لن يغير كثيرا تصرف قمعي هنا وهناك .
فالمشاكل أكبر من هكذا اخبار . فالبلد تغرق في سيول مع كثره هطول الأمطار وعدم الاستعدادات في البنى التحتية لاستقبال هكذا أمطار . وكأن الله يعوض على اهل الضفة وجود البحر والنهر صيفا ليغمره به حتى الركب شتاءا .
ناهيك عن ما ينزل على غزة من ظلم مع كل قطرة مطر . فلا أرض ولا سماء ولا بشر يرحم هؤلاء . ولا يزال السباق على اعمار لم يتم ، ووكالة غيث تحصد التبرعات تحت اسم الدمار والمساكين لتتحفظ على الاموال وتزيد في ذل المذلولين ذلا
اخبار عن اعتقالات في الضفه . البعض مطالب بتسليم نفسه للاجهزه الامنيه ، واسرائيل تدخل وتعتقل البعض الاخر..
في الجهة الأخرى الكنيست يضع خطة جديدة للتشديد على الفلسطينيين في القدس بينما يحاول نتانياهو تمرير قانون يهودية الدوله .
وبينما تزداد حوادث القمع والقتل ضد الفلسطينيين من قبل اسرائيل حكومه وشعبا. فالشرطة تعتقل والشعب يدهس.
ويخرج رئيس اسرائيل ليمنع مغني من الحضور لحفل يقيمه بمناسبة ذكرى ترحيل اليهود من الدول العربية . ويعترض على قانون نتانياهو المزمع تمريره بيهودية الدولة.
استوقفني الخبر منذ الصباح ، ليعود ليتصدر تفكيري . لا استطيع الا ان افكر بالرئيس الاسرائيلي المنتمي لحزب الليكود والمعروف بمواقفه الداعمه للاستيطان من جهة ودفاعه عن الاقليات (العرب) من الجهه الأخرى . وهو من مناهضي حل الدولتين . الا انه وسط وضع اسرائيل الحالي من عنصرية اختيارية ومدروسه من جهة ، واتهام بالعنصرية من قبل العالم من جهه اخرى ، لا تزال إسرائيل قادره على ان تخرج بصوره تجعلها تبدو ديمقراطية ، فرئيسها الليكودي حامل لغصن زيتون يشجب العنف ويناهض العنصرية.
وبينما رئيسنا في مهد ما فضح العنصريه في جنوب إفريقيا ، يناهض عنصرية إسرائيل أمام العالم من جهه ، ويشجب العنف الفلسطيني ضد الاسرائيليين من جهه ، تبدو رسالته غير فاعلة ولا مؤثره ، لا امام شعبه ولا امام المجتمع الدولي.
الحقيقة ان هذا الاسترسال بالتفكير احزنني ، وسرق مني حتى الاحساس بالسخرية . فمن جهة لست معجبة بأداء ابو مازن ، فلم يرق أبدا لطموحاتي كمواطنه لتكرار الاحباطات منذ اوسلو . وبنفس الوقت تمنيت ولا زلت اتمنى ان يثبت حسن نيته والتي لا أشكك بها ، ولكن لا افهمها . في الماضي ظننت ان مناهضته للعنف هي سياسه مهمه ولا زلت ، ولكن ليس هكذا تدار الامور. قد يصلح ابو مازن في الدبلوماسيه الدوليه ، هو مناسب جدا للقيام بدور كدور رئيس اسرائيل ، دور احتفائي رمزي . ولكن ما يجري معه مختلف . فهو رئيس للسلطه “الدوله” وعلى ما يبدو ان رئيس الوزراء هو من يقوم بالدور الفخري ، فيحميه الرئيس باعتقال من يقترب من انتقاد ادائه ، وهو الرئيس الأعلى لفتح وكذلك رئيس منظمة التحرير .
فأبو مازن يلبس كل عباءات فلسطين قضية وشعبا وسياسة مما يجعل الوضع على ما هو عليه . فينتهي بنا الوضع الى استخدام توفيق عكاشة كمتحدث إعلامي لشؤون قذف حماس. ويبقي ابو مازن دوره في الخطاب التعبوي الموجه الى الشعب الاسرائيلي لا شعبه . فمثلا ، في يوم كهذا تم دهس ثلاث فلسطينيين من قبل اسرائيليين لم نراه يخرج للاعلام لا للشجب ولا لمواساة الضحايا . بينما هرع لشجب خطف المستوطنين وقتل اليهود في المصلى ومواساه ضحاياهم. والحقيقه ان فعله كان صحيحا . ولكن هذا يكون في مكان يحتاج فيه الانسان لتقديم الواجب تجاه شعبه اولا .
ريفلين لم يخرج مخاطبا الفلسطينيون ، ولا نتانياهو . في كل مره يخرج المسؤول الاسرائيلي لمخاطبة شعبه اولا واخيرا ، سواء شجبا او عزاء .
ونحن نرى القادة عند القمع وعند حملات الانتخابات التي كانت في حالتنا استثنائية ، عقيمة ، طرأت علينا وكأنها ظاهرة كونية تحدث كل فترة من الزمن التي على ما يبدو بانها بحالتنا لن تكون معلومة.
لنأمل ان تغسل هذه الامطار كل هذه القذورات التي تتعشش في قلوبنا شعبا ووطننا