-١قراءه بالانتخابات الاسرائيلية.
قراءة في الانتخابات الإسرائيليه المرتقبة \الأسبوع الثاني
تناولت الصحافة الأسرائيلية الأسبوع الماضي ما سمته “المسيح المرتقب” بتقديم الوزير السابق من حزب الليكود كاحلون كالمخلص الجديد . وعلى ما يبدو ان كاحلون لم يحسم أمره بعد بشأن التحالف الذي سيدخله ، هل سيكون مع نتانياهو او مع لبيد او مع الاتنين .
إلا أن الأنظار توجهت هذا الأسبوع بتقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، مع مغازلة سياسية تم الإعلان عن اندماجها رسميا واخيرا ما بين هرتسوغ من حزب العمل وليفني . تداول الصحافة الإسرائيلية كان طريفا إذا ما صح التعبير في المساهمة بطرح إسم لهذا التحالف الذي قد يأخذ اسم “المخيم الصهيوني” او “هاتيكفا” او “حركة العمل” او كما اقترح الاعلام “تيبتسوع” نسبه لدمج بين اسمي تسيبي وهرتسوغ.
هذا الدمج يذكر المواطن الاسرائيلي حسب يديعوت بوالدي كل من هرتسوغ وليفني ، حيث ان والد تسيبي هو ايتان ليفني المنتمي لل”ارغون” والاخر هو ابن حاييم هرتسوغ من “الهجانا” . والمجموعتين هما مجموعتان ارهابيتان تشكلتا أيام الانتداقبالة ال ١٩٤٨ ، وقامتا بعمليات قتل إرهابية ضد الانجليز والفلسطينيين ، ومدرجتان كحركات أرهابية عالمية ، الا انهما تمثلان عمودين من اعمدة الاستقلال بالنسبة للأسرائيليين.
اندماج ليفني وهيرتسوغ أعلن عنه كالاعلان عن زواج المشاهير. وتحمل استطلاعات الرأي فيه الكثير من الأمل ، خصوصا انه قد يثبت هوس الاسرائيليين اليوم بالتأكد من التخلص من حقبة نتانياهو . فما يشغل الشارع هو فكرة : “آي شيء الا نتانياهو”. وبالرغم من كل التحالفات والمغازلات المستجده والمتوقعة الا انه هناك اجماع سياسي بأن حقبة نتانياهو قد انتهت . تسيبي بإعلانها انسحابها من تحالفها معه وما جرى من خناقات وصلت الى الشتائم بين شخصيهما في الاسابيع الماضي أغلق سلسلة التحالفات المنهارة المتكرره مع نتانياهو . فمن قبل انسحب وزراء من حزبه وحكومته ،مثل ساعر و كحلون . تحالفه مع ليبرمان استمر بسبب مصالح ليبرمان ،الا ان ليبرمان الاخر يعي استحالة التحالف مع نتانياهو كذلك . فالجميع يعي ان نتانياهو استنزف كل الامكانيات .
الا ان مراثِون تحالفات ما قبل الانتخابات ، يترك صدى مهما في الاجواء الاسرائيلية حول فراغ المرحلة الحالية من قيادة في اسرائيل . فالكل يريد ان يكون رئيس الوزراء القادم ، الكل لا يتوارى عن إعلان نفسه كرئيس الحكومة القادم . حتى ان تحالف ليفني وهيرتسوغ حسم موضوع من سيكون رئيس الحكومة القادم من خلال الاتفاق على ان المنصب يتم بالتدوير فيما بينهما . وتبقى شخصية ليفني مهيمنة لما اكتسبته من خبرة قيادية وكاريزما جعلتها تمثل وجها دبلوماسيا وسياسيا محنكا في داخل اسرائيل وخارجها ، فيما يبعد هرتسوغ الذي يتمتع بشخصية توصف بأي شيء الا الكاريزما والقيادة ، الا انه ناعم الملامح ولا يوجد على كتفه أوسمة قتل .
فالساحة الان مليئة بالكثير من المتهافتون نحو عرش الحكم الا انه لا يزال الملك القادم بعيد عن الافق .
احيانا ينتاب المشاهد مثلي بعض الشعور المتهكم المدموج بالسخرية المؤلمة بمقارنة الحال الإسرائيلي بالفلسطيني ، فعلى ما يبدو ان “سيندروم القدس” الذي يصيب الزائر الحاج الى القدس بالهوس والهلوسات وتقمص حالة المسيح المرتقب قد أصابت السياسيون الاسرائيليون كما الفلسطينيون . فبينما تخلو الساحة الفلسطينية عن اي افق لانتخابات يجب ان تكون منذ أعوام ، الا ان الرئيس القادم موضوع يستمر طرحه وبجدية طوال الوقت . ولكن يبقى الحال الاسرائيلي اقل تهكما ومأساوية من ذلك الفلسطيني ، لأن المشهد الاسرائيلي بأقل تقدير يتداول امرا طبيعيا في وقت طبيعي . فالانتخابات على الابواب . إلا ان الصراع الناعم على منصب رئيس الحكومة القادم هو الذي يشد بتصرفات الساسة الاسرائيليون نحو الانبهار نحو الكراسي مثلنا.
وبينما تبدأ نار الانتخابات بالاشتعال، يحتل الحال الاسرائيلي الاجتماعي الحيز الأكبر من هم الناخب الاسرائيلي المرتقب. وبالتالي يتناول كل مرشح عروض ووعودات لاصلاح مجتمعي واقتصادي يغلب على العرض السياسي الخاص بالمنطقة وبالشأن الفلسطيني تحديدا.
فقد يكون تحالف ليفني\هرتسوغ الاكثر إشراقا من هذا الجانب . فليفني الوحيدة التي لا تزال تحلم بتحقيق السلام او توقيع اتفاقية ما . وهي على الاقل الوحيدة التي تستطيع الوعد بما يبعد اسرائيل عن عزلتها الدولية الحالية او على الاقل لا يزيدها تعقيدا . الا انه ايضا من المخاطرة الانتخابية ترديد هكذا شعارات في الوقت الحالي لما هو مؤكد من البعد عن أي امكانية قريبة لاتفاقيات ضمن الظروف الحالية .
آما التحالفات الاخرى فتستمر فيما شرع كحلون بتسجيل حزب جديد تحت اسم ” كولانو” والذي يعني “جميعنا” بالعبرية. ومن آبرز ال»ماء بالحزب الجديد هو زيهود باراك ، رئيس حزب العمل الوزراء السابق والذي يرتبط اسمه بمذبحة قانا المرتكبة سنة ١٩٩٦ حين كان يشغل منصب وزير الدفاع “الحرب” . ويبدو انه لم يحسم أمره بعد بشأن التحالف الذي سيشكله على الرغم من تداول الجهات الاعلامية انباء بعزمه التحالف مع ليبرمان مره وليبيد مره اخرى . إلا ان حملته الإعلامية نفت كل هذه الانباء. ومن جهة اخرى يتم تداول انباء عن انفصال في حزب شاس الديني اليميني المتشدد القوي تاريخيا بعد اعلان الي ييشاي عزمه ترك الحزب لتشكيل حزبي ديني يميني متشدد جديد، ويحاول درعي رئيس الحزب الذي اشتهر بمناكفاته واختلافاته مع ييشاي منعه من هذا بمحاولات اخيره للبقاء.
إعلان وزير الداخلية الاسبق عن حزب الليكود جدعون ساعر بقراره بعدم التنافس على رئاسة الليكود في هذه المرحلة يبقي نتانياهو في المكان الاٍوى في الحزب وانتخاباته المرتقبه . مما يجعل أيضا تحالفات الليكود تبقى في مكان المراوحه بين حزبي ليبيد وليبرمان وآحزاب متطرفه اخرى متل حزب بينيت . الا ان ليبيد واحتمال تحالفه لنتانينهو يبدو مثيرا للسخرية ان تم . فليبيد لا يزال ينتقد سياسات نتانيناهو التي يعتبرها مدمره ، ويعتبر نفسه حزب وسط ولا يزال يحاول تسويق نفسه كالحلم الاسرائيلي الواعد بالتغيير كما كان في الانتخابات السابقه ، طارحا هذه المره على حسب ما أفادت عنه الجيروساليم بوست بأنه :”في حال نتخابي وفورا ، سأقترح علي الرئيس السيسي بآن يقوم رئيس الوزراء الجديد بزيارة لجامعة الدول العربية في شرم الشيخ وإعلان بدء حوار قطري وايجاد حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني.”
يبدو المشهد الانتخابي القائم في هذه الأثناء مرافقا لتنافرات الساحة الإسرائيلية بين يمينها ويسارها ، في محاولة لإنشاء جبهة قادمة بين وسط قوي ويمين متشدد. فتحالف ليفني (ليكود،كاديما،تنوعا ) وهرتسوغ (عمل) ، وكحلون (ليكود) وبراك (عمل) هو خير دليل على ان ما يحكم إسرائيل هو سياسة واحدة تجمعها المصالح وتوحدها الصهيونية وما يفرقها فقط هو المصالح الشخصية التي تنتهي دائما أمام المسألة الفلسطينية..