مربين يدي في الأسبوع الماضي ثلاث روايات توقفت عندها كثيرا . ولم يكن هذه المرة موضوع الرواية هو ما أسر عقلي لبعض الوقت . ولكني رأيت نفسي أغوص في مكان ما بين السطور والكلمات . مكان لم تكن الكلمة هي محوره ولا البلاغة ولا البيان . كان الإحساس هو ما اخترق فكري ما بين تلك الروايات . فباختلاف المكان والزمان والبيئة والجنس لكل كاتب ، ما شدني وما استنفر مني كان احساس الكاتب . وفي اختلاف المكان والزمان والبيئة ايضا ،لم يكن أي حسبان .
فبين ثلاث روايات أبدع كتابها في صياغتها ، أدبيا وبلاغيا . وأتقن كل منهم بطريقته ربما بحبكة روايته ونقلها لخيال القاريء . إلا وأنني لأول مرة أشعر بلمس ما تعني كلمة “إسقاط المشاعر” . كنت أظن لتلك اللحظة ان الموضوع منوط بشخص وما بين شخصين . إلا انني شعرت بنفسي ألقي بأحد الكتب جانبا ، بالرغم من استرسالي بالمشاعر المحاكاة مؤقتا وعذب الكلام المنسوج نسجا بيت السطور . إستفزني لدرجة الاستياء .
وما بين كتابين آخرين استعدت ثقتي بالأدب والكتاب …. وهنا تأكدت وللأبد ربما … بأن ما يميز الكاتب ليس أنامله وبلاغة عباراته واستحسان كلماته .
ما يميزه ليس وصف المواقف والمشاهد ونقل الأحاسيس .
ما يميزه هو الصدق …
وما أصعب الصدق على ما يبدو .. فهناك من احترفوا صياغته ولقد غاب عنهم .
كيف تبدو بلحظة مخاطبة العقل والقلب مختلفة بين كلمة وأخرى …مهما حاول الكاتب الوصول في ذروة إقناعه من كلام رائع وبليغ ومحكم .
هي لحظة … ما تجعلنا نصدق او نكذب بها ذلك الكاتب .. وهي لحظة صدقه هو او كذبه . مهما بلغ وصفه وتجسيده للمشاعر والأحاسيس … لحظة الصدق التي يخطها قلمه هي أبدية الإبداع .