تخطى إلى المحتوى

إحذر ….داعش تقترب من هنا

إحذر…داعش تقترب من هنا

تتسع المساحة في متاهة داعش في كل يوم لتصل تدريجيا لتقف داعش بأميرها وألويتها أمام أبواب بيوتنا . لم تعد هذه مجرد مخاوف شاسعة متباعدة ، نقولها ونحن مطمئنون في أمان بيوتنا . لم يعد مشهد أمير المؤمنون الداعشي وسيوف جيوشه ورمال الصحراء الملتهبة ومراوحتنا في مكاننا إلى قرون بعيدة إلى الوراء ما يسيطر على هذا المشهد . لم يعد أولئك الممزقون في حرب سوريا وتلك في العراق هم ضحايا هذا التنظيم وحدهم . لم يعد المشردون وقطاع الطرق والعصابات هم من يتناوبون على الولاية والإمارة . ولم يعد المستضعفون والمنبوذون والمتشددون هم فقط جنود هؤلاء . فتوسعت شراك داعش ودخلت بيوتنا من كل الاتجاهات وفي كل الأرجاء . تخاطبنا بكل اللغات وبكافة الأشكال . ننتظر عروضها بطوق وخوف ربما ، يكاد يسكننا فيبث الرعب فينا.
ولم تعد داعش تنظيما يهدف الى تحرير سوريا والعراق من أيدي اعداءهم ، فالعدو لا يقتصر على احد. قد يكون شيعيا وقد يكون سنيا . قد يكون مسيحيا وقد يكون يهوديا . قد يكون امريكيا وقد يكون يابانيا . قد يكون مصريا او ليبيا . سوريا او عراقيا . فلسطينيا او اردنيا ..
فداعش ترفع لواء العولمة وتتكلم لغته . فقد تكون فلسطينيا مقدسيا وعميلا لإسرائيل فتقتل على ايدي طفل ويقيم عليك الحد اميرا باللغة الفرنسية .
فداعش تجلس بيننا ، وتتحرك على هوانا . فإن شككنا بمصداقية رسالتها تخرج علينا بفيلم جديد تشتتنا فيه لانها تعرف مدى قصر نظرنا وقلة دهائنا وعجز عقولنا وادراكنا . فتدب الذعر في قلوبنا ونبدأ بتحليلاتنا الغوغائية الفارهة الفارغة . التي تبعد بكل المقاييس عن حسابات داعش الحقيقية . قد يكون قصرا بالحكمة والمعرفة الحقيقية لمدارات التخطيط والواقع السياسي الخاص بالمنطقة ان قررنا التقليل من مهبة الخطر المتسرب الينا من داعش . فانتشارهم بأقل من عام بهذه الطريقة التي مما لا شك به مدروسة وممولة ومتابعة من قبل قوى اكبر من امراء داعش واخوانها ، يؤكد بان هذا التنظيم لا يستهان بما يتم التدبر به من خلاله . ولكن من قصر النظر والحكمة ، ان نرى من داعش فقط ما تريده منا نحن المرتعبون منها ان تراه . داعش لا تزال وليدة . وما نراه من اعمال دموية بربرية وحشية ما هو الا تمهيد وتجارب اداء لعرض اكبر مخطط لقدومه. داعش لا تزال في مرحلة “استقطاب وتجنيد” لفرقها المختلفة . المرحلة السابقة كانت مرحلة “قراءة للوضع” ،”مسح ميداني” للواقع المحيط. فخرج من هذه المرحلة مؤيد ومعترض . متعاطف وشاجب لافعال ورؤى التنظيم . ولا يزال التنظيم في مرحلة تشكيل لرؤيا محددة يبيع فيها اصول ما يريده ان يصبح فكرا. فنحن منشغلون منذ عام في تحليل مرجعيتهم الدينيه ، وحملنا ابن تيمية وكل امام متشدد فائت وزر اعمالهم. فأصبحت داعش مجرد اداة لتطبيق فكر بالاصل موجود. فكيف نتهمها فيما نشأنا عليه ؟فأصبحت العهدة العمرية”ملطشة” كل قاصي وداني. وقوانين الغيار واهل الذمة صارت وكأنها نشأتنا الولى. فمع تحفظي وجهلي بمعظم ما جاء به علماء الاسلام من غائبين وحاضرين . الا ان هناك قاعدة بسيطة يجب تذكرها دائما خصوصا عند استعمال مراجع ما كان ، وهي عدم اقتطاع جملة او فقرة او حتى خطاب من سياقه العام . فلا يزال الاسلام منذ نشوئه عرضة لهجوم المعترضين عليه من خلال جمل وعبارات اخذت من سياقها الاصيل واستخدمت في غير موقعها والقصد منها . والقياس على هذا بالكثير من الحالات والامور ، وما يقوم به مدافعوا داعش ومحاربوها اليوم هو نفسه . استخدام ما قيل واخراجه بلا ادنى شك من سياقه الحقيقي بلا اي وجه حق لما يريد كل فريق اثباته لتبرير افعاله او عكس ذلك . فانغمسنا جميعا وشمرنا عن سواعدنا في النبش والبحش عن ما كتب بالكتاب وما سن من سنن وصرنا كلنا مضطلعون ومدركون وباحثون وعلماء فقه لما كان محصورا ومقصورا بأيدي آهل الفقه ولا يزالون . الا اننا وكعادتني انغمسنا مع انغماس كل فريق ورددنا ما يردده كل على حسب هواه وبلا استثناء تحت اسم الله ورسوله. فلا يزال كل فريق يكفر ويندد ويشجب ويكذب الآخر وراية الله ورسوله هي حجته الوحيدة والمتوحدة والتي لا يشكك فيها مشكك ولا يخر منها نقطة ماء .
ويبدو ان داعش سبقتنا بمرادها ، فدخلت بمرحلة جديده بينما لا نزال نهيم بما لا يدركه إلا نظرنا . كانت داعش قد أعلنت في سياق سابق عن نيتها باستقطاب الأطفال ، لتنشئة جيل داعشي أصيل . ورأينا في بعض التقارير مراكز تدريب لاولئك الأطفال ، وتحليلات من مناصرين ومناهضين لداعش عن أهمية هكذا استقطاب وخطورته . فجاء فيديو الشاب المقدسي بينما يتم قتله بدم بارد على يد طفل يقود مجموعة أطفال قاموا بجر الشاب الى المشهد الأخير بعملية اطلاق نار ممنتجة بطريقة سينمائية تجعل المشاهد ينظر اليها براحة تامة ويتقبلها وقد يبدي إعجابه بها . لم أستطع خلال مشاهدة ذلك المقطع ،التوقف عن التفكير بكل الأطفال المحيطون بي ( باستثناء اطفالي ، فهم مشبعون بأفكاري “المتطرفة” التي ينقدوها هم انفسهم حتى ) ، كل تلك اللقطات العابرة من ذاكرتي لأطفال أعرفهم ولا اعرفهم توقفت عند ذلك المشهد ورأيتهم يشاهدونه واستحضرت شعورهم بالنشوة والتمني لبطولة عادة ما يحاول الاطفال صناعتها من خلال لعبة قد تجمع عدة اطفال في حارة ،او لعبة الكترونية على الاغلب على الايباد او غيره .كيف بدا ذلك الطفل كبطل تلك الألعاب التي نتسابق لنربي اطفالنا عليها . فكيف لو تصبح تلك اللعبة حقيقة؟ كل ذلك العنف الذي نقوم بتغذية اطفالنا عليه بكل لحظة من حياتهم بقصد وبلا قصد من خلال تربية ذكورية ممنهجة تغذي وجدهم على حب السيطرة والتملك والتحكم من جهة ، وتلك التي تشجع على عرض العضلات وتأكيد فرض القوة من جهة مقابلة. فنحن نعلم اولادنا الكراتيه والمصارعة ونراقب العابهم بين شرطي وحرامي وحمل السلاح البلاستيكي وتبادل الادوار المليئة بالحروب والقتل والعنف بتشجيع وشغف قد لا يقتصر فقط على المتابعة من بعيد .وطبعا هناك تربيتنا المبنية اصلا على استعمال العنف ، فالطفل تشد هامتة ويصلب عوده كل ما تحمل ضرب اكثر ، من والديه او الاساتذة او العم او الخال او كل كبير . وبينما نشجب بالعلن هكذا ممارسات ، نمارسها جميعا باستثناآت نادرة بالخفاء . وان كنت سأدعي بأني ضمن تلك الاستثناآت مثلا ، فيكون هذا ايضا ادعاء كاذب بجدارة ، لان العنف لا يقتصر ابدا على الضرب ، ولو حتى تجنبنا العنف الكلامي وتربية العقاب ، فهناك نهج يمتزج فيه العنف بين طريقة ادائنا بحياتنا اليومية . هناك عنف قابع فينا يكبر في داخلنا ويستمر في النمو احيانا اسرع من نمونا العمري . وما نلبث الا ان نبدأ بتفريغه منا عندما تتاح لنا الفرصة في ذلك عندما نصبح اباء . فكيف سيرى الطفل هذا المشهد الداعشي من ذلك الطفل بهي الصورة في ذلك الفيديو؟ كم من طفل نعرفه سيتجسد في مخيلتنا لذلك الطفل القاتل وتلك المجموعة من الاطفال ؟ كم من طفل عنيف وكم من طفل معنف سيمروا من خلال ذاكرتنا في هذا المشهد؟ فنحن كأحباء داعش وكارهوها سواء. فكم من أم منا تتصرف بحكمة عندما يأتي اليها ابنها مضروبا من المدرسة من قبل الاطفال الاخرين ؟ وكم من ام منا تتصرف بحكمة عندما يكون الموقف معاكسا؟ فكل ام منا تصاب بإهانة قد تكون اكبر من اهانة ابنها ولو كوت تلك الاهانة تحت جلدها وصمتت ، عندما يآتي ابننا مضروبا . وكل ام منا يرقص قلبها فرحا ولو تمت مراسم الاحتفال سرا في احشائها عند الموقف المعاكس. ولو كانت الام منا استثناء ، فلن يكون الاب ابدا الاتستثناء ولا الجد والجدة ولا الخالة والعمة. كلنا نربي اولادنا على نهج عنف مدروس ، نطبقه كما تطبق داعش تخطيطاتها الغير معلنة علينا.
ويبقى المشهد الاخير التي تركته داعش لاوهامنا النائية في دواخلنا العاجزة لنفكر فيه . وهو رمي طعم لهذا الوهم في دج اسم الموساد لاولئك منا المشككون في اجندة داعش “الوطنية” الاسلامية. فداعش تريد ان تقول لجمهورها الذي يشكك بأن اجندتها لا تضم محاربة اسرائيل وعدائها لها ، بانه حان وقت تبديد هذا الوهم وايجاد صف لهذا الجمهور منا في طوابير داعش المختلفة التي بدأت تمتليء بنا . فداعش يا سادة يا كرام …لا تحارب فقط المرتدون واّهل الذمة والخوارج والكفار فكذلك بني اسرائيل قتلة الانبياء ومحتلي أرض الإسراء والمعراج.

1 أفكار بشأن “إحذر ….داعش تقترب من هنا”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading