يوم الام .. لمن تذهب المعايدة

يوم الام .. لمن تذهب المعايدة

سألتني صغرى بناتي عن الهدية التي اريد لعيد الام . وقلت لها على الفور: لا شيء . وبعد اصرار من جانبها ورفض من جانبي (على اعتبار ان الهدية التي يتم التفاوض عليها عقدالماس) رميت الكره في ملعبها وقلت :لا اعتقد باني استحق هدية لأني على حسب المعطيات لست الام التي يراد ان يقدم لها الهدية .،فمثلما ارفض ان يتم تقييمي على حسب قايمه إنجازات الام من تضحيات وخدمات تحفر في نفوس اطفالنا وفينا من كل الاتجاهات أصبحت فيها الأمومة مجموعه من الاستحقاقات يترتب عليها بالتقادم مجموعة من الخدمات والعكس ,وبما انني لست على حسب ديباجة الام المثالية التي يتعلم عنها الأطفال في المدارس . فابنتي مثلا تضطر للكذب عندما تعرض خدماتي الأمومية امام معلمتها من واجبات لا اقدمها ..والحقيقة اني في كل مرة اذكر فبها عيد الام اذكر ابنائي .ولاني مثلهم قد تربيت على نفس النهج الذي يصر على غرز الشعور الدائم بالتقصير والذنب ، فيستمر بنا كأطفال حتى الممات تجاه امهاتنا اللاتي علينا تعويضهن مقابل تربيتهن لنا . كأن التربية عمل خيري تقوم بها الام مقابل الزواج . فيبدو لي وكأن واجب المرأه الاولي والاصلي هو كونها زوجة ، ويأتي دور الامومة كالعمل الثانوي الذي تستحق على اثره بالمكافأه ممن قدمت له الخدمة . فالاجدر ان يكون هناك يوم الزوجة . يوم يقدم به للزوجة باقة شكر عللى ما تتحمله من اعباء لا تنتهي . ولكن لا تحصل الامور على هذا المنوال . فكيف تشكر المرأة الزوجة على هذا . فالزواج عبارة عن عقد عبودية ، تحصل فيه المرأه في احسن احوالها على استحقاقات خادمة او جارية ، وفي اسوأ احوالها تبقى على وضع العبدة .
فلا اعرف من الذي قرر تخصيص يوم للام . وكأن المرأة منا تسترجع حقوقها من خلال ابنائها وليس من خلال الزوج .
فلا اعرف لما علينا ان نركع لامهاتنا شكرا لجلبهن لنا على الحياة . في حين ان ابناءنا بالفعل هم من يمنحونا اي معنى للحياة .
ولاني كابنة وكأم عشت على نفس الموال . اقوم بضخ التأنيب والعرفان والذل وسرد حكايا واساطير التضحيات في كل لحظة من حياة ابنائي وكأنهم يتحملوا ذنب ما اقترفناه من آثام الزواج واستعباد الرجال لنا على شكل تضحيات واهية وهمية كاذبة .
فالامومة ليست تضحيات . والامومة ليست قائمة لا تنتهي من الخدمات
الامومة ليست يوم يشكر فيها الابناء ويتذكر تعب الامهات ..
كيف ينسى اولادنا تعبنا ونحن نزن على رؤوسهم بها مع كل نفس يأخذونه .
فالحقيقة هي عكس ذلك تماما …. فهذا اليوم اريد ان اهديه في كل سنة لابنائي … لاعطائهم ما اعطوني اياه في لحظة اصبحت فيها ام . لكل تلك المعاني بالكمال والاكتمال والنضوج والوجود التي لم تكن ولم تكتمل ولم تشكل الا بوجودهم .
اشعر بان هذا اليوم هو اليوم الذي اريد به ان اقدم الشكر والامتنان لابنائي لانهم تحملوا ويتحملوا عذابات اعيشها لا تمت لهم بصلة . لانهم يتحملوا إزر ما لم تقترفه ايديهم . لانهم اقحموا بنا الى حياة لم يختاروها وجندناهم فيها لخدماتنا واحتياجاتنا . وكأن الابناء وجدوا ليكونوا عبيدنا . كل هذا تحت مسميات قدسناها وعبدناها ولم نعد نجرؤ التقرب منها ….
في عيد الام …. اريد ان اشكر ابنائي لانهم جعلوني بوجودهم اما …
اريد ان اشكرهم لان بهم صرت انا … وبهم اصبحت كونا لايهزم….

اترك رد