علمونا منذ نشأنا، وتربينا على ما لا يلبس الشك ، ولم نميز أكان ذاك تربية او قيما او تاريخ يندمج فيه الماضي البعيد الممتليء بالقصص الدينية والبطولية لانتصارات وانجازات وحاضر بماض قريب ممتلىء بالمؤامرات علينا ومن حولنا.
علمونا بأن الإسلام حق الله على الأرض والمؤامرة عليه وعلينا لأننا خلفاء الله على هذه الارض. وغذوا رؤوسنا بوطن عربي لا زلنا نحلم به بينما كانت تشتد المؤامرات عليه ، فالغرب بقيادة أمريكا هو عدونا الأكبر ، ولكن مهلا… فبريطانيا كذلك العدو الاكبر من الاكبر ، فوعد بلفور جاء منها . فالغرب مجتمعا وامريكا عدونا وعدو الاسلام الاكبر . واسرائيل هي العد الاكبر من الاكبر والاكبر منه ، وقد تكون احيانا هي ذلك العملاق الممتد قوة لتطال من هم اكبر منه .
ومضينا بنشأتنا ،وبينما لم يزل الغرب بقيادة امريكا العدو الاكبر ،والاخطر ، خرج عدو مسلم تجسد بالفرس والمجوس القدامى بهيئة الشيعة بايران . وحاصرنا الشيعة بهم هناك ورفعنا اولية تحرير الاسلام من العدو المجوسي المختبىء في الشيعة الذي انشقوا عن بيعة الرسول وعن الاسلام كما علمونا عنه . وكبرنا على حرب دموية بين عراق وايران ، ومحي من ذاكرة التاريخ الذي لو دخل سهوا لعقولنا والاستفسار عنها اي ربط بين الشيعة والاسلام . فاصبحت كلمة شيعة كفرا وشاعت وكأنها مرض خبيث لدى ذكرها ،كرهنا ايران وشملنا دعواتنا بالانتقام منها بصلواتنا الجماعية والفردية . سنوات من العدوان بين مسلمين فيما يسن العراق وايران استنزفت الشعبين ولم نفهم من الذي غلب ومن الذي خسر حتى افقنا وانشغلنا على حرب العراق والكويت ، ومن بعدها التحالف العربي الغربي على العراق ذراع المسلمين بالامس لانهاك عبدة النار من شيعة تحت غطاء الاسلام. وبينما انشغلنا في درء وطء التاريخ وسد ثغراته التي كانت تنهار من جانب وما نكاد نهرب لجانب اخر لنراه يتهاوى امامنا . ففي المقابل كان عدو اسلامي اخر يسمى تركيا ، التي بسببها انهارت الخلافة العثمانية وانهار بها زمن مجد الخلافات ومضى . وبقيت تركيا العدو المتنكر في زي الاسلام حتى حق الله علينا كلمة منه بالمسلسلات التركية اكتشفنا ان تركيا مسلمة بطريقة لا تختلف عنا بالضرورة .
واستمرت المسلسلات التركية واجتاحت شاشاتنا وصار التركي يحكى باللهجة السورية . وعشنا زمنا جديدا صار فيه التركي مسلما حنيفا ، وداعما لنا وتلك الانا تعتمد دائما على من انا . وحتى عندما تستقر الانا الخاصة بي من جهة بالاتفاث على ان تركيا صديقة ومحررة الاسلام هناك نصف ما في تلك الانا الذي يختلف تماما عن هذه النظرية .
ومنذ انقسم العرب في تحالف ضد العراق ومع الكويت والعكس ، انقسمت المصالح وعلت وهوت كفات على حسب الانتماء والاقتراب الاكثر من المصالح الامريكية . فانتشرت القواعد الامريكية والغربية على ارجاء الخليج العربي ، وبقي الامريكي عدو وحليف . تناقد لم يعد له داع في تبربر لاني من التاريخ الماضي او المنتظر .
وتتغير الخارطة العربية بانتماآتها ويبقى الاسلام مقسما بيننا وبينهم ، اولئك اشيعة . ولكن كانت هناك حزب الله الممثلة بنصر الله التي تصدت لاسرائيل .. كنت سآنسى حتى اسرائيل من هذه المعضلة .. ولكن كيف تتصدى حزب الله الشيعية الكافرة اسرائيل العدو الوحيد المعلن رسميا كعدو علينا . فاسرائيل ظلت هي العدو التاريخي منذ نشأتنا ونشأة الاسلام .
وتأتي الثورات العربية بربيع سرعان ما تحول الى شتاء عاصف مصاحب بأعاصير وفيضانات ولربما تفجرت رغم شتائه براكين . وصرنا عربا كمن ربط بمشد ، ساعة نقفز مع هذا وساعة مع ذاك ضد ذاك . فنزلت انظمة دكتاتورية مر عنها الزمن وصعدت انظمة دكتاتورية اخرى كانت اختيارنا . وتقسمنا بين مسلمين الى فئات وجماعات لم نعد نعرف كيف نحصرها ،بهد ان استكلبنا من هنا وهناك على العنصرية المغروزة فينا بين مسلمين ومسيحيين ، فمن حرب اهلية في لبنان ، الى أقباط مصر وقصص سمعناها واخرى لم نسمع عنها توقفنا جميعا مندهشين امام تشريد وقتل مسيحيوا الموصل في العراق ، وبين متعاطف حقيقي ومدعي . وبين فرح ومذعور امتد الخطر فينا كالسم في العروق . فانقلبنا على انفسنا الاف المنقلبات وبقينا نشد ونرخي ،نقفز ونتهاوى نشد هنا وهناك تارة ننتمي معهم وتارة ننتمي الى هؤلاء . تقسمنا بانقسامات فتتنا بانشطارات لا نعرف كيف تم اطلاقها علينا بينما كنا منشغلون في بعض انقساماتنا . فاصبح الوطن وطينا ، واصبح كل يقود حربا غوغاء وجودية ضد الكل الاخر منا .
واستمرينا في تحالفنا ضد انفسنا في حروب دموية توقف العالم المتحضر عن استخدامها الا منا وفينا . وحللنا وشرعنا واصدرنا الفتاوى شعوبا وجماعات ودول ضد كل حلف وجهة وجماعة لا تنتمي الى ما ننتمي اليه . وتحالفنا تحالف قوة مع ذلك العدو الاكبر والاوحد الذي طالما علمونا انه وحش ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض علينا والهجوم . ورأيتنا نذهب هرولة لرضاه . ولا زلنا نتقاسم في الانقسامات ، وتعلو كلماتنا وتتوحد ضد بعضنا البعض.
وتأقلمت الحروب ولم تعد بين الدول فقط ، فتداخلت فيما بينها ، فاليمن مشكلتها ايرانية وسعودية ، وسوريا مشاكلها بين مخيمات للاجئين فلسطينيون ولاجئون هربوا منها ، وحرب مخيمات من جهة ، وحروب عصابات وجيوش امراء الاسلام في اوج ظلماته من نصرة وبين المقدس ودول خلافة .وفلسطين كأن اسرائيل فيها ديكورا للاستهلاك الاعلامي اصبحت قضيتها فتح وحماس. ومصر تنشطر بين اخوان وعسكر ،بين متضامن ومنقلب.والاردن يختبئد من انقلاب عشائر منتظر ،والبحرين تنقسم وتغلي فيها الاقلية في دثر الاغلبية في انتظار التخلص من ايران والشيعة في يوم ما على يد مؤامرة عربية دولية منتظرة.ولبنان لا تزال تبحث عن حكومة تدوم وتتطاير مع كل موجة على اقليمها لصراعات ليست صراعاتها وكأن صراعها الداخلي الازلي غير موجود.رليبيا قذفت مع القذافي الى مظالم الوجود، وتونس تتدحرج مع نفسها مع او ضد على حسب ما لا تدري هي مصلحة ام نفوذ. والكويت تترقب ففيها من بدون ما دون الدون. والامارات تنشغل في ناطحات سحب وبناء مدن على رمالها المتحركة مغرقة العالم في وهج ذهبها الاسود والاصفر . وقطر بين بين ومع مع ،وضد ضد ، ولا احد يدري ما الذي تنخره هذه الحروف القليلة من كلمة لا تشكل حتى نقطة على الجغرافيا … الكل يتسابق على الاسلام ورفع لوائه لسفك دم الاخر …الا العدو التاريخي الذي ربونا على انه عدونا …..
ونقف اليوم ، ونغلق جزءا من كتاب تاريخ امتلأ بالاكاذيب والاقاويل والقصص التي يخلو منها التاريخ الحقيقي . وتبدأ بنا امريكا بخط كلمات استعراضية في مقدمة لمرحلة جديدة . فالاتفاق الذي كان مستحيلا وبعيد الافاق عند الايرانيون والامريكيون تم رغم انف حلفاء امريكا التاريخيون من اعداء لنا (اسرائيل) ومن يمثلون اسلامنا (السعودية) ، وترك العرب ليتكالبوا على شعب فقير مسكين كان يدعى في كتب التاريخ اليمن السعيد.
سيتضمن كتاب التاريخ الجديد مقدمة امريكية بتحالف مع العدو الاكبر لامريكا والتي قاد العرب عقودا من زمانهم بالترويج ضد هذا العدو ، وتركتهم يتصارعون معه وانطلقوا معا من باب خلفي بينما العرب يطلقون عويل ضباع تركت لهم اللحمة النتنة .
ولا زلنا عربا نتمزق فيما بيننا ونزرع جذور عداوة فيما بيننا وبداخل بيوتنا . فالاخ صار عدو اخيه والابن يتآمر على ذويه ، والعدو استيقظنا عليه ليصبح حبيب ، والصديق صار عدونا اللدود .
ننظر حولنا لم نعد نعرف اين نحن منا الي اي منقلب من انفسنا واليها سنكون منقلبين ….