داعش التي تتربى في احضاننا … احداث الاقصى الاخيرة

 

داعش التي تتربى في آحضاننا

االاعتداء على قاضي القضاة الاردني(هليل) بينما كان يؤم لصلاة الجمعة بالمسجد الاقصى اثار حفيظة المجتمع

 الفلسطيني، بإجماع بات غير مألوف بشجب ما جرى .وشهدت صلاة الجمعة في المسجد الأقصى احد إسباقيات الحوادث الغريبة عن ذاك المكان . فبينما ننتهي من اعتداءات الاسرائيليين من مستوطنين ومتشددين وجنود ، نقع في إشكالية العداء والاعتداء على الاخر. فلقد مرت الخطبة السابقة في الاسبوع الماضي لخطيب المسجد الاقصى (عميره) الداعية لعداء غير المسلمين وكاننا في العصور الوسطى نحيا في ظل اعتداءات الفرنجة مرور الكرام بلا ادنى شجب من اي مسؤول . فكيف يتم شجب التشجيع على الانقسام بينما يدعو قاضي القضاة الفلسطيني(الهباش) في كل خطبة جمعة والرئيس جالس امامه للانقسام الذي بات معرفا لديهم تحت طائلة فتح او حماس . لم يدرك قاضي القضاة الذي انقض بالامس بالشجب والسب حتى، على الاعتداء المشين ضد قاضي القضاة الاردني ، ان اشعال الفتنة في المجتمعات لا يقتصر على فصيل ضد اخر. فالفتنة تمتد لكل ما هو اخر . فالسكوت عن التحريض ضد غير المسلمين هو نتيجة طبيعية لاولئك المسلمون بان لا يقبلوا غيرهم من المسلمين الذين لا ينتموا لفصيلهم.

وما جرى يشبه حالة التخبط التي نعيشها على كل المستويات ولا نتكلم عنها الا عند الازمات التي تتعدى سيطرتنا . فلو نظرنا الى ما جرى قبل يومين، نرى ان ردة فعل “التحريريين ” قد تكون مبررة .( مع شجبي الحقيقي لكل ما يمثله كل هؤلاء من فئات متطرفة وفكر ليس له اصول ). الا اننا لو وضعنا انفسنا مكانهم. لرأينا ان ما جرى كان تحصيل حاصل . فاولئك الجماعات التي صار يطلق عليها اسم “مرابطوا الاقصى” وجدوا انفسهم يوما بعد يوم اصحاب حق وكلمة على المكان في غياب الحماية العربية الاسلامية عن المكان الذي بات مهددا بطريقة استفزازية في السنة الاخيرة تحت وطء الاعتداءات الصهيونية المتعاقبة والمتكررة في ظل صمت اسلامي خانق قاتم وغريب.

ومرة اخرى ، لست ادافع عن اولئك الزمرة من الناس ، الذين ينصبون انفسهم اوصياء لله وبيوته على الارض. ولكن من سمح لهم بالتكتل والتجمع والاستقواء هكذا؟ اليس غياب الشعور بالعدل والحق احد هذه الاسباب . عندما يرابط اولئك في المسجد الاقصى معرضين حياتهم للاعتداء والخطر والاعتقال من قبل قوات الاحتلال بينما لا تحرك السلطة الفلسطينية او الاوقاف الاردنية صاحبة الوصاية ساكنا من اجل الدفاع عن الاقصى ، ونرى ونشهد جميعا على ما يحدث والكل في حالة “خرس” تام تجاه تلك الانتهاكات . لابد ان اولئك رأوا لانفسهم الحق.

وكالعادة مع خطأهم الفادح في التعبير عن انفسهم او سرعة كشف نواياهم ، اخطأوا في التعدي على رجل دين اولا ، واي رجل قرر دخول المسجد الاقصى . ولم استغرب ما فعلوه ، فانا كمسلمة اتجنب المرور حتى من ساحات الاقصى او الصلاة به ، لان المكان صار يبدو وكانه مقتصرا على اناس معينون يملكون المكان . فكنت اذا ما تذمرت لسوء المعاملة من قيود غبية على المظهر الخارجي ، بالرغم من ارتدائي الحجاب وما يليه من رداء عند دخولي الى المكان ، الا ان الناس يبدإوا بالظهور امامك وكانهم مسخرون من القوة الالهية على الارض، هناك خصلة للشعر غير مغطاة بما يكفي ، البنطلون يظهر من اطراف العباءة . العباءة ليست فضفاضة بما يكفي … حتى انهم لا يترددوا توقيفك واستجوابك وفرض عليك تلاوة بعض السور من القرآن للتأكد من انك مسلم . واذا ما تذمرت كما في حالتي ، فانت الملام، لانك لا تبدو مسلما كما توجبه القوانين .

فخلق هكذا اجواء الذي سمح به منذ سنوات ، لا بد ان يؤدي تدريجيا الى تطرف اكبر يطول الجميع .

والشق الاخر هو الاعمق وقد يكون الاصعب في شأننا الفلسطيني . فنحن نعيش في زمن المزايدات على ” الوطنية” . فكل فصيل هو اب وراعي الوطن والوطنية ومحدد اشكالها . وموضوع التطبيع والتطبيل معه او ضده صار كالراية البالية . لا يفهم احد سبب رفعها او ما تمثله . فما الذي يجب ان يتصرف به الانسان العادي في هذه الحالة ؟

فمن جهة سمحت القيادة الفلسطينية وكذلك الاوقاف الاردنية ، اذا ما كانوا هم اصحاب المرجعية في هذا الشأن الى تنامي هذه الظاهرة من هكذا اشخاص قد يكونوا تربوا على التطرف ، وقد يكون الظلم احد دوافعه المباشرة، عند ترك الاقصى بين فكي الاحتلال بلا حراك يذكر . نرى التطبيع على اوجه . فالاردن تتباهى باتفاقياتها الجديدة مع اسرائيل . وتتداول وسائل الاعلام صور شمعون بيريس وهو يحتسي القهوة بالضيافة الاردنية ، وصور لابو مازن وهو يهمس باذنه وكأنهما صديقين حميمين . ثم يأتي الشيوخ ليعتلوا المنابر وينددوا بالاحتلال.ما المتوقع من الافراد في هذه الحالات ؟

هناك منا من يئس واكتفى بالتنحي والابتعاد ، وهناك من وجد في التطرف خلاصه . 

وليس هناك من داعي للشرح في هذا الامر ، فالوطن العربي الدامي يشهد هذا . فداعش لم تعد تقتصر على العراق وسوريا ، فلقد باتت تتفشى كالوباء القاتل . ونحن كلنا مسؤولون . لان داعش لم تأت فقط من المؤامرة علينا ، ان كان هناك مؤامرة . فداعش تربت وترعرعت في عقولنا ، ونغذيها في كل لحظة من حياتنا كعرب .

السكوت عن الحق في ابسط مواضعه ، لا بد وان يخرس عن المنطق في أسوأ مواقعها . فلا زلنا نعالج الامور بردود افعال تهيبنا من الاخر ، وليس حلا للمشاكل.

لقد قامت القيامة ولم تقعد، ليس حبا في الاردن ولا اهتماما بالضيف الاتي من الجهة الاخرى . ولكنها قامت ولم تقعد خوفا من المصالح مع الاردن . فلو تم علاج الاعتداء مثلا على (الهباش) قبل أشهر مثلا ، وربط ما يقوم به الهباش وبين ردود فعل الناس ، لما حصل هذا الموقف . ولو اخذت الاوقاف دورا حقيقيا وجديا في حماية المقدسات والاقصى في هذا السياق، لما كان هناك حاجة لخروج هكذا بؤر من جحورها وتغذيتها على التطرف . ما المتوقع من اناس قرروا تكريس حياتهم من اجل الدفاع عن مكان في ظل غياب متهكم من قبل القادة يفوق بطش الاحتلال؟

داعش ليست صنيع مؤامرات …..

داعش حصيلة ظلم قادة وجهل واحباط مجتمعات … سيصل الاقصى كما وصل تدمر ولا نزال نشجب ونندب بلا اي حراك او خطوات لتغيير ذواتنا البالية المتدعشة…

اترك رد