تخطى إلى المحتوى

رمضان كريم….على وطن لم يشهد هلال

بعد عدة أسابيع بأمريكا ، ظننت بأن العالم هنا قد يكون أخذ منحنى آخر ..وعبثا تكون حتى الفكرة في وضعنا . بدأت بجولة بالصحافة ، وبينما توقفت عند عنوان بشأن توصيات اللجنة التنفيذية بشأن الحكومة الحالية او القادمة او ما إلى ذلك . ظننت بأني آقرأ خبرا قديم . فمن خبر لآخر يتصدر الأخبار تعيد العناوين نفسها وكأننا نجر ثور حول ساقية . لم آستطع القراءة لكل الخبر الخاص باللجنة التنفيذية ، فلقد كان طويلا ولربما من آجل إلهاء القاريء الجديد ربما . ولكن من يكون القارىء الجديد ، فأطفالنا صارت لهم هذه الأخبار تعيد نفسها ولا تعنيهم ولا يكترثوا للنظر فيها أصلا . ولكن استوقفني صيغة الكلام لما آل عن اللجنة وكأنها تجلس على عرش في أعالي الهمالايا ، وكأنهم يتكلمون عن وطن هم غرباء عنه ، وأهم ما يقال في هذه الديباجة الخاوية “شد الرحيل إلى القدس ” . أين كانت هذه اللجنة عندما استمرت القيادة بالتهاون بشأن القضية حتى اصبح الوطن فينا مغتربا بما تبقى منه من أجزاء متقطعة مترامية ؟ ما هي الحكومة التي يتكلمون عنها ؟ ألا يخجل من يجتمع في شأن هذا الوطن من الحقيقة المخزية التي آل حالنا أليها ؟ ألا يوجد عاقل بين اولئك “الحكماء” ليقترح مثلا إجراء انتخابات ؟ فمن خبر الى خبر متداخل ، يتكلم به الرئيس عن حكومة الحمدالله وتغييرها او لا تغييرها .آصار الواقع الوحيد في حالنا هو تغيير حكومات . ألا تخجل القيادة الفلسطينية بأن تسمي “الحكومة التاسعة عشر” في تاريخ سلطة لا يتجاوز عمرها الكثير عن العشرين عام ؟ ألا يعي صانع القرار الفلسطيني ان حكومة كل عام ونيف بانتخابات لم تتعد المرتين هي عار على المسيرة الوطنية والديمقراطية ، ومأساة في مصداقية قيادة لا تقوى ولا تجرؤ على الخوض في انتخابات خشية من الخسارة المحتمة بسبب آدائها المعيب الذي يستمر بالسوء بسبب غياب المسيرة الديمقراطية البديهية في خوض انتخابات .

أليس من العار علينا كشعب أن تصبح الوزارات غاية أفراد الشعب عامة ، وتغيب عنا الكفاآت وتصبح المحسوبية والفئوية والفصائلية هي عنوان أصحاب المقامات العالية ؟

وفي وسط هذا يخرج الى الملأ خبر الحجز على اموال مؤسسة فلسطين الغد التابعة لرئيس الوزراء السابق سلام فياض. والتهمة بالعنوان العريض تتكلم عن استعمال اموال لأغراض سياسية . هل هذه نكتة؟ من يقرأ الخبر يظن وأننا في دولة القانون فيها سيد الموقف وملفات الفساد التي تطال المسؤولين كتلك عند جيراننا في إسرائيل او امريكا . والخبر كخبر تشكيل الحكومة وسب الاحتلال وغيره من اخبار لم يعد المواطن الفلسطيني مهتم أصلا بقراءة حتى العنوان فيها ،لمعرفته المسبقة والأكيدة بآن الامور لا تتغير ، والوعودات لا تتحقق ، والتوقعات لا تخرج حتى الى التمنيات ، والاحتلال دائم وتغيير الوضع من المحال ، والحكومة لا تعنينا الا اذا ما كنا نتوقع منصبا وزاريا في قرعة الوزارات .

بحسبة صغيرة ، ما الذي يصبو إليه المواطن الطامح بوزارة بعد ما يحل الآن بسلام فياض ؟ الحمدلله نفسه ، الا يخشى ان يصبح متهما بالفساد فيما بعد ،فهو آصلا بإشكالية تمسكه بعرش جامعة النجاح الذي لم يعد أحد التكلم فيه ، وكأن الموضوع تحصيل حاصل. فللحق آداء سلام فياض كان رائعا بالمقارنة بحال البلد وأهلها وما آلت اليه من تدهور . ليس لان سلام فياض افضل من الحمدلله ،ولكن لان الانهيار هو سيد الموقف ، وما كان مأساويا بزمن فياض يبدو اليوم وكأنه كان من العصر الذهبي . ولكن وسط قيادة تأكلك يوم أكل الثور الابيض ، ما الذي يتوقعه هذا الشعب الطموح . فالوزارات في العالم الطبيعي ، ترتبط بالكفاآت والمهمات المطلوب إنجازها . الوزارة عندنا منصب وأسم ، معاش وزير سابق ولقب لمدى الحياة ، ولا تسمع عن وزير يقول احد عنه أنه قدم اي إنجاز . فكلهم يتم حرقهم وكأنهم عود كبريت ، لا يبقى منهم الا رماد دخان ..ولقب ومعاش .

وبين أكبر مشاكل الشعب الفلسطيني اليوم في إصدار تصريح او منعه . في مقاطعة او الاحتجاج من أجل التبضع لدى اسرائيل . يستمر حالنا المئل كالشجرة التي دكت من جذورها ولم يبق الا سقوطها الذي من الاجدر الا يكون مدوي لانها خوت مع الرياح المتكررة فلم يبق منها الا شكل فاره .

فنجحت اسرائيل مرة اخرى بينما نستمر بالفشل . واصبحت قضيتنا تصريح . فيقتل الشاب من ابنائنا ، ولم نعد نكترث لدم او شهادة . يستعملها القادة فقط للتلويح والشجب لانتصارات يبغونها اصبح اكبرها التصريح . وبينما يقتل الاسرائيليون ابنائنا بدم بارد ، تتأصل فينا المنازعات ، فنقتل بعضنا بدم ابرد. فأخبار المشاجرات بين العوائل اصبح وكأنه الطبيعي . صور الدم بالامس بشجار الطور من اجل العاب نارية قد يظنها المتفرج انها صور دماء بطل وشهيد وطن .

وبينما لا تزال آثار أمريكا تدور حول رأسي .. أتحسر على حالنا شعبا وقيادة .. ففي تلك البلاد التي نسب عليها ليلا ونهارا ،وننعتها بالكفر والشيطنة … يعيش الانسان بكرامة ،القانون يسمو فيها الجميع . يتفرق الجميع هناك بأفكارهم حول الحكم والحاكم وآثار العيش من رأسمالية ترفع الى السماء وتهبط إلى الحضيض ، الا ان الجميع يتوحد في الحرص على وطن لابد جمعهم فيه الحرص على الانسان .

فلا اعرف هل المشكلة فينا نحن المواطنون ام في القيادة ام ربما … هو الاحتلال ….

رمضان كريم

2 فكرتين بشأن “رمضان كريم….على وطن لم يشهد هلال”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading