تخطى إلى المحتوى

أين الرئيس؟

 

أين الرئيس

 

اعي تماما ان مهاترات الكلام لم تعد مجانية وبلا حسبان . ولكن هناك ما يجري يستوجب عدم السكوت . واول ما يخطر ببالي هو : اين الرئيس؟

اين الرئيس وسط كل ما يجري من انهيارات بداخل السلطة باتت تأكل الاخضر واليابس .

حالنا يشبه مشهدا دراميا لحصار يشبه حريق من كل الاتجاهات وبات يمتد الى داخل الغرف المحصنة . هل الرئيس في مأمن من هذا الحريق الذي بات يطالنا جميعا ؟ في تلك المشاهد ايضا يصل الحريق الى الخنادق المحكمة ، الا يفهم من يشاهد المشهد الحالي هذا ؟

اعترف بأنني ومنذ مدة لم اعد ارى اي تبرير لما يجري ، عندما يأتي الموضوع لاداء السلطة بكافة شرائحها . كنت كغيري من هذه الشريحة الشعبية التي تحاول العيش فيما بين البينين من هذا الواقع الصعب. مع وعي كامل لوجود الاحتلال ومعيقاته وبطشه الذي لا يختلف عن ذاك الذي يقوم به ضد الشعب عندما يقرر الاطاحة بذاك البطش على هذه السلطة.

تفهمت كذلك موضوع غياب الانتخابات والتخوف منها .

تفهمت موضوع المفاوضات والرقص على اوتارها .

تفهمت حتى موضوع التخلي عن القدس واللاجئين والعودة .

تفهمت ديمومة الحواجز وتطويق الجداروحاجة علية القوم من السلطة لتراخيص المرور .

ولكن ….

منذ بدأ الموت يطول ابناءنا عنوة واكبر ما يكون من ردة فعل لدى الرئاسة شجب نحيل، لم اعد اتفهم ما اتفهمه بنفس الانفتاح من المشاعر المجمدة لدي.

منذ اصبحت منظومة التقديس للتنسيق الامني مطبقة بحذافيرها على الشعب المقموع المذبوح المقتول المفتوك به من قبل الاحتلال تتطبق على الشعب لاكمال ما تبقى من قمعه ، لم يعد الكلام هو المهاترات .. بل فعل السلطة ومن يمثلها .

لا يزال يمر الفساد كالنبع من بيننا ونقول سلام . كل يوم حكاية . وكل يوم فضيحة . وكل يوم قصة لتسيب ولاهدار المال العام ولنهب وسرقة وفضائح ليس عليها من سلطان . ونحن الشعب المتهاتر وسط هذه المهاترات صرنا نتداول الفساد وفصفصة الترمس على الطرقات واخذ نفس الارجيلة على المقاهي .

تحول الدم الفلسطيني المهدور بفعل الاحتلال لقنوات ري لتربة هذه الارض التي يبدو حسابها والانسان الفلسطينين مفتوح لا تغلقه سنون ولا ترويه مياه .

قرارات رئاسية غريبة عجيبة . اقالات جماعية وفردية غير مسبوقة . يتداخل فيها الخاص بالعام. الشخصي بالرئاسي. تصفية حسابات …قلنا لا بأس…

هناك ما يجري بدهاليز السياسة لا نفهمها نحن العوام .

قمع للحريات يزداد يوميا . كتاب يقمعون ويزجون بزنازين التحقيق . مقدموا برامج . نشطاء . معارضون لفتح او لحماس او لهذا الشخص او ذاك .

مظاهرات تخرج من اجل التعليم.

مشاكل المعاشات التي لا تنتهي . ظروف المدارس المأساوية المخزية. تحولت مدارس فلسطين الى مدارس اقل خدمات من تلك التي تقدمها وكالة غوث اللاجئين . التعليم العالي وتنصل الحكومة من الاتزاماتها. واليوم تفجر ازمة المعلمين.

اين الرئيس؟

لا افهم كيف يخرج الرئيس فجأة من صمته الغريب ويقيل مجلس أمناء مؤسسة ما ؟

لا افهم كيف يتدخل الرئيس في إقالة او تعيين شخص ما ليس وزيرا ولا مستشارا له .

لا افهم كيف لا يخرج الرئيس مع كل مصيبة تحل بنا ، ونراه اول المعزين عند قتل اسرائيلي او فرنسي .

لا افهم كيف تخرج الجنازات وتهدم البيوت وتدك الشوارع والرئيس لا يسمع ولا يرى . ثم يخرج الرئيس بقرارات اشبه بالشخصية . ويصبح الوطن متمثلا بشخص او مؤسسة.

ولا افهم الان اين الرئيس مما يجري من اصرابات وتنكيل بالشعب على ايدي الحكومة والاجهزة الامنية ؟

افهم انه قد يحق للرئيس ما لا يحق لغيره . فهو الرئيس. ونحن لسنا بالضرورة ديمقراطية حقة.

ولكن لا افهم كيف يصمت الرئيس في ظل ما يجري ؟

هل نحن فقط من نرى الخطر ؟

على ماذا يعتمد الرئيس في هذا السكوت ؟

هل قيل له ان الامور سترجع لحالها بعد القليل من الضغط والتهديد والتنكيل ؟

سيدي الرئيس ،

نحن بحاجة في ظل هكذا وضع مأساوي مزري ، سيؤدي بلا ادنى شك الى انهيار سلطتك التي تحتوينا بالرغم من انهياراتها وخيباتها التي نعيشها ، ان نسمع ما تقوله انت .

نحن اكثر حاجة من الصحافة الاسرائيلية لسماع وجهتك في هذا الموقف .

نحن اكثر بحاجة لان تكون الى جانبنا كشعب في ظل تنكيل الحكومة والاجهزة الامنية بالشعب.

لا اعرف لما اجد نفسي في كل مرة موجهة ندائي الى الرئيس نفسي. كحاب كحال الكثيرون غيري لا نزال نتمنى ان يئول الحال الى حال افضل قبل فوات الاوان. الا ان الاوان يفوت في كل لحظة وما من مجيب.

ما الذي تريد ان تصل اليه السلطة من هذه العربدة في التهويل والتخويف والتهديد ؟ ان هذه السلطة تعي جيدا انها وبآحسن احوالها وبأعلى هاماتها يتم توقيفها باصبع اصغر جندي اسرائيلي وبلا رتبة. فلما التنكيل بشعب كامل بأدوات يعيشها الشعب اصلا من قبل الاحتلال ؟

ما الذي يريدون الوصول اليه ؟ ماذا يعني ان تحاصر قوى الاجهزة الامنية والتي لم نعد ما هي مسماتها من شرطة او امن وقائي او مخابرات او ما علم به السلطان من مسميات ، المجلس التشريعي ومحاولة اعتقال احد النواب؟ اين هيبة القانون والحصانات ؟

والدفاع عن هذا لا يقل عن مبدأ الدفاع عن فرضية اختفاء رئيس نقابة العاملين الذي اختفت اثاره منذ الامس. اليست هذه مهزلة يا سيدي الرئيس؟ اذا ما اختفت اثار رئيس النقابة ، فماذا ممكن ان يحل بالعاملين العاديين ؟ ماذا يعني ان تتم اقالة رئيس النقابة هكذا بلا احم ولا دستور ؟لما يتم احالة موظف الى التقاعد المبكر من اجل موقف نقابي ؟ ما الذي يعنيه هذا القمع لهذه الاعتصامات التي تشكل ابسط حق من حقوق المواطنيين . نحن نتكلم عن المعلمين يا سيادة الرئيس. نتكلم عن اولئك الذين تبنى على ايديهم الاوطان والابناء والمؤسسات .

اين المؤامرة يا سيدي الرئيس في مطالبة المعلمين بأبسط حقوقهم وسط التهام الفساد المحيط والمتداخل بكل مكاتب هذه السلطة ؟

اين المؤامرة بأن تخصص بعض من الميزانية الزهيدة للأمن في التعليم . في هؤلاء المقهورين بالارض الذين يجولون منذ صياح الديك باكرا للوصول عبر الحواجز وبين الحقول وعلى مداد الاعيرة النارية من اجل ان يخدموا الوطن بخدمات فقد الوطن عطاءها منذ زمن .

اين المؤامرة عندما يصرخ المعلم مطالبا ببعض الحقوق في ظل الفقر الذي صار من شيم المجتمع امام غنى اهل السلطة على حساب البشر ؟

وماذا تبقى من اساليب قمعية ؟ هل تريد الحكومة مثلا ان تفرض كذلك علينا منع التجول ؟ منع التجمعات فجأة والتهديد العلني بمساءلة القانون للمتجمهرين ؟ كل هذا بسبب اعتصامات معلمين ؟

وسيادة القانون يا سيدي ….سيادة القانون .

أين سيادة القانون من اغتيالات الشوارع هذه .. ما هذا التنسيق بين الامن الفلسطيني وقوات الاحتلال ؟ اعتقالات وتنكيل في الصباح ومداهمات لقوات الاحتلال لمن تم قمعه بالصباح مساءا !!!

اين هيبة الدولة عندما يتم اغتيال لفلسطيني بداخل سفارتنا ببلغاريا على سبيل المثال ؟

الوضع القائم يتميز بانهياره الممنهج . هل هناك من يعي هذا بداخل المؤسسة السيادية الفلسطينية ؟

آين الرئيس من كل هذا ؟

أين انت ايها الرئيس ؟

1 أفكار بشأن “أين الرئيس؟”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading