تخطى إلى المحتوى

المتاهة والانجراف الفلسطيني شعبا وحكومة الى واقع سحيق  

 

تجول برأسي مشاهد ذلك البرنامج التلفزيوني الياباني ربما، الذي كان يدخل المتسابقون فيه بأعداد كبيرة نحو مراحل كثيرة من ضمنها متاهات وتسلق وغوص وقفز ومكائد ومصائد، حتى يصل البعض الى خط النهاية .

حالنا يشبه مرحلة ما من تلك المسابقة، حيث يدخل المتسابقون في متاهة ومن يستطيع الخروج منها لا يلبث يفرح حتى يجد نفسه واقع في حفرة طينية ،يظنها من فرط الصدمة عميقة ستلتهمه .

حال الشعب يشبه حال المتسابقين المهرولين للمرحلة القادمة. مرحلة مبهمة عبثية فوضوية. الكل دخلها مع هدف واضح ومحدد ، ليجد نفسه في متاهة لا يعرف لما دخل ولما هو هناك اصلا وماذا يفعل .

متاهتنا التي تشمل الكثير من الامور العالقة والسابحة والخانقة، الممتلئة بالحفر ،قبل الوصول الى الحفر الطينية ان وصلناها ، من غياب الحكم الرشيد اولا ، الى ازمة الضمان الاجتماعي اخيرا….

بين غياب حكم رشيد وبين تيهنا بأزمات تلو الازمات لاجتذاذ بعض الحقوق او الحصول على بعض الماكسب تقع مشكلتنا في صلبها . هناك غياب واضح وصارخ للحكمة التي تقتضي ان يكون هناك هدف محدد لنا كشعب . هذه الهوة بين الشعب والحكومة تزداد سحقا مع مرور الوقت بدلا من ان ترمم وتغطى .

من جهة ، هناك تزايد في الضغوطات على الحكومة ، بين احتلال وانقسام ومحدودية الموارد والازمات الاقتصادية العالمية والازمات السياسية المجاورة ومسؤوليات فورية تجاه الشعب وغياب افاق لحلول حتى مرحلية . وهناك تزايد في الضغط على الشعب ،بين احتلال كذلك ، وانقسام وانحسار الفرص وانعدام الافق نحو حلول سياسية والقمع والخوف من القادم والمسؤولية امام البنوك والدائنين والالابناء بالمداس والجامعات وشؤون الحياة المتطلبة الباهظة التي تفوق كل يوم امكانيات المتوسط من الشعب ، والخلل في التوازن بين اقطاب الشعب من رأسمالية غير مفهومة وفقر محتم لانعدام سبل تحسين الموارد.

وفي الحالتين ما نشهده ردود افعال لا افعال توجب حلول . أزمة الضمان الاجتماعي لا تختلف عن أزمة المعلمين ، ولا أزمة الجامعات ، ولا غيرها من أزمات ستستمر بالخروج الى ساحات الاعتصام. الاختلاف فقط في اختلاف اصحاب العلاقة. نحن شعب نقوم بارتداد ما عندما يتعلق الامر بمصالحنا الشخصية الذاتية. فمشكلة المعلمين لا تخص بالضرورة الا المعلمين . وكذلك مشكلة الجامعات ، ومشكلة النقابات المختلفة والضمان الاجتماعي. حالة الانفرادية والذاتية هي صلب مشكلتنا . هناك غياب للمصلحة العامة . غياب للهدف الواحد الاصيل. هكذا انتهت قضيتنا الى ما نحن فيه … من قضية ارض وشعب الى قضية فتح معبر وتصريح وارض هنا وارض هناك . تسليك اعمال حياتية يومية بحتة .لا تناقش ولا تبحث في حلول ،بل بمصالح شخصية بالدرجة الاولى .

أزمة المعلمون والضمان الاجتماعي تشكل انذار على كبر حجم الازمات . فالمعلمين بأزمتهم اثروا على قطاع مجتمعي كبير يشمل الطلاب وبالتالي الاسر الفلسطينية المختلفة وبالتالي قطاعات مختلفة من تقاطعات الامور الحياتية . والضمان الاجتماعي وسع بأزمته التلاقي في المصالح بين فئات المجتمع ، فلم يعد المتضرر فقط الموظف الحكومي ، بل المنظمات الاهلية وغير الحكومية المختلفة ، التي سيؤثر هذا القانون سلبا على مدخولاتها . ما نشهده ان مع كل ازمة تتسع الفجوة ما بين الحكومة والمجتمع وتتلاقى مصالح المجتمع المتضرر .

المؤشر بلا ادنى شك خطر ، وخطير للغاية . وبين هكذا ازمات لا تفرغ الساحة الفلسطينية ، فهناك أزمة القانون والتشريعات ، انشاء محكمة دستورية في وقت يغيب فيه المجلس التشريعي . هذه الحالة من تشريع وسط لا تشريع لا يمكن كذلك استمرارها . فهناك امور شرعية المطلق يتم القيام بها في ظل لا شرعية او شرعية مغيبة.

فلا يكاد يفهم المواطن اين يقف في ظل كل هذه التشريعات الجديدة في وضع تتجمد فيه منافذ التشريع . هذا الوضع يترك مكانا كبيرا للشك والتشكيك بالنوايا وإن افترضنا حسنها .

في نفس الوقت ، كل هذا الحراك في المناصب والتنصيبات يقتل الامكانيات الموجودة فعلا عند اولئك الذين يتم تنصيبهم وبين تلك الامكانيات الغائبة والمغيبة للقدرات الحقيقية في المجتمع . فلا نفهم كيف يتم  اختيار الناس للمناصب ، ولا نفهم اليات الاختيار وما المطلوب وما المتوقع وما الهدف من كل هذه الاجراءات . مما يضعنا في حالة من الاسقاط المتعددة التوجه . إسقاط للقرارات والمناصب واسقاط للاشخاص الذي يتم تنصيبهم واختيارهم وإسقاط لشعب يتم الاستمرار بتسقيطه.

المخرج من هذه المتاهة لا يزال قائما ، هناك منا من بات يظن ان التيه في هذه المتاهة هو الهدف المحتوم . وهناك منا من وجد في احد زوايا المتاهة مكانا وصارت مقره وهدفه المنشود. وهناك منا من يلف في تيه المتاهة لا يعرف لما يلف ويستقطبه بعض المتوطنون باركان المتاهة ليكون ركنهم شرعي . وهناك منا من يحاول الوصول الى نهاية المتاهة . وهناك منا من وصل الى النهاية ،،قع في الحفرة الطينية ، ومنا من ظن ان الحفرة بركة ، هناك من غرق فيها ، وهناك من يحاول السباحة فيها ، وهناك من يحاول الخروج. والخروج من هذه المتاهة ومطباتها يتطلب الايمان بأن هناك تغيير يجب ان يحصل. التغيير ليس في شخص رئيس او رئيس وزراء او اي مسؤول. المخرج الفلسطيني الحالي في انسداد افقه ليس بسبب ابو مازن . او الحمدلله . تغيير اي منهما ليس هو الحل ، وليس هو الهدف. التغيير المطلوب هو في وعينا كأفراد وكشعب فيما نريد . ما الذي نريده واين نريد الوصول . هل نريد دولة مستقلة في وطن يجمعنا ؟ ام نريد حياة نمرر بها يومنا كل على حسب مقدراته من اقتناء الفرص واستنزاف الموارد المتاحة مهما قلت؟ هل نريد فلسطين التي حلمنا بها ؟ وان اردناها ما هي فلسطين ؟ اين تبدأ حدودها واين تنتهي؟ ما الذي نريده ونتوقعه من اسرائيل ؟ ما هي حقيقة الوضع القائم ؟ الانقسام ومآسيه المتدفقة علينا ؟ الى اين والى متى ؟

هذه الحالة نستطيع ان نخرج منها الى مكان به امل في حالة واحدة فقط، وهذه الحالة هي الفرصة الاخيرة لنا ببعض فرص لنجاة.

الانتخابات …

الانتخابات ستوفر لنا فرصا بالتغيير الداخلي والذاتي . ستضعنا كشعب وكفصائل وحكومة في حالة تحدي لانفسنا . في حالة اثبات وجود واستحقاق هادف.

الانتخابات ستجبرنا شعبا وفصائل على التقدم خطوة نحو التغيير للافضل.

ما يجري اليوم من حالة لا انتخابات غيب الشرعية عن كا مآرب الحياة الفلسطينية . كيف يمكن ان نشرع قوانين في غياب مجلس تشريعي ؟ ما يجمد المجلس التشريعي ويمنعه من العمل هو نفسه المعيق الذي يشغل او يعطل الحكومة . فكيف نبرر وجود حكومة تلو الحكومة بقرارات رئاسية ولا نستطيع تبرير إعمال المجلس التشريعي.

ان الانقسام الحالي بين فصيلين اصبح انفصالا بين افراد الشعب . ولم يعد اقساما يقتصر على النقيض . بل هو انقسام وانفصال عن كل ما لا يأتي بمحصلحة مباشرة مع ما اريد كفرد ، حتى لو كان هذا الذي يقف امامي اخي . هناك تفرد في الحال الفلطيني قسمنا من شعب الى جماعات الى افراد مستنفرين لا نفكر الا بمصلحتنا الحالية الانية المباشرة.

الانتخابات هي النداء الاخير والوحيد ….قبل فوات الاوان عنا حكومة وشعبا …

 

 

1 أفكار بشأن “المتاهة والانجراف الفلسطيني شعبا وحكومة الى واقع سحيق  ”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading