تخطى إلى المحتوى

تعيين ليبرمان.. صفعة فلسطينية ليست غريبة

 

 

تعيين ليبرمان.. صفعة فلسطينية ليست غريبة

 

المشكلة ليست بتعيين ليبرمان وزير حرب. الحقيقة، فكون ليبرمان وزيرا للحرب هو من أكثر الامور طبيعية في الحكومة الحالية والسابقة وسابقاتها. المشكلة فينا نحن الفلسطينيون.

طبعا وكعادتنا، نحن الأكثر تحليلا ومعرفة بإسرائيل، وتركيبتها السياسية وغيرها من تركيبات، فعندما تسمع التحليلات الفلسطينية عن إسرائيل، تظن لوهلة أننا المحتلون لإسرائيل وليس العكس. استغرب حنكتنا فائقة الحدود، وفشلنا الذريع الذي لم يستطع انهاء الاحتلال، بل عششه فينا.

ان تعيين ليبرمان كوزير للحرب يقول أن نتانياهو على المسار الصحيح. فتعيين ليبرمان وزيرا للخارجية كان كارثي على إسرائيل، وهو اليوم في الوضع المناسب لشخصيته وإمكانياته.

هل تعيينه سيزيد الحروب علينا؟ هل سيزيد النظام الإسرائيلي دموية؟ إن كان وزير الحرب هو من يقرر الاعتداءات والعدوان والقتل في إسرائيل، فالأولى أن نلوم سابقه، الذي صار يظهر لنا وكأنه من حمائم السلام.

استطيع أن أفهم أن تحاول إسرائيل ترويج ليبرمان في منصبه هذا. فليبرمان شخصية غير مقبولة بالضرورة بتمثيل الشارع العام الذي تريدنا إسرائيل أن نراه وتروجه للعالم الخارجي؛ إلا أن قوته لا يستهان بها، ونفوذه انعكاس حقيقي وصارخ، كنتانياهو وغيرهم من المتطرفين بإسرائيل.

في حال مراجعتنا تاريخنا القصير مع إسرائيل، لرأينا أن “حمائم” الأحزاب من يمين ويسار هم دائما من يشنون أكثر الحروب بشاعة؛ إن كان شارون الأسوأ في ذاكرتنا، فهذا ليس لأنه الأبغض، ولكن لكوننا قاصروا النظر. التاريخ السياسي الإسرائيلي يؤكد أن اليمين دائما هو من يقدم تنازلات حقيقية على الأرض، الوضع الحالي بنتانياهو ليس من صنيع عنجهية نتانياهو فقط، بل من تهاون السلطة الفلسطينية التي وصلت بهوانها لدرجة عدم اعتبارها حتى من قبل إسرائيل. فهو يصول ويجول في الساحة وما من متدخل وما من معترض، فالسلطة لم تعد الأرض من اهتماماتها، والتحرير لديها ينتهي عند أول حاجز. السيادة الحالية هي فقط أن يستطيع النافذون من أرباب السلطة التجوال في رحاب الحواجز وذلك هو كل طموح القيادة.

بينما يتم تعيين ليبرمان وزيرا، وقد أنهى محكوميته التي منعته من الدخول بالحكومة ورفعت عنه الحصانة بسبب الفساد، قد يقول لنا الكثير عن إسرائيل، ولكنه يقول لنا الأكثر عنا. فلنتخيل بأن هذا الرجل أخطأ وتمت محاسبته وعاد الى السلطة، وقد تكون إسرائيل دولة عصابات – فهي بالأصل كذلك – فهذا كله غير مهم ولا يعيبها، ما يحدث في إسرائيل – للمرة التي صار من الصعب عدها – هو تعريتنا؛ سقوط ورقة التوت عنا للمرة التالية، فبينما اسرائيل تنتخب وتعيد انتخاب، تقيل وتحاسب وتعيد تعيين، حالنا نحن لا يتغير.

إسرائيل في العشر سنوات الأخيرة خاضت أكثر من أربع انتخابات، خامسها ليس ببعيد. ونحن لا نزال نتكلم عن انتخابات قادمة حين يشاء رب العالمين أو رئيس السلطة أو يتصالح المتخاصمون، أو يضمن طرف قوي ما فوزه. وفسادنا والحمد لله حدث ولا حرج. فالفساد في مؤسساتنا من كل اتجاهاتها مستفحل. شعب مستوزر، وحكومة تستبح كل ما يمكنها للبقاء، مؤسسات ونقابات حدث ولا حرج، فضائح الفساد عندنا تزيد من الفاسد قوة وتمكينا في منصبه إن لم ينعم عليه السلطان بمنصب أكبر.

في كل مرة تفشل إسرائيل وتخفق، فالصفعة لنا، حتى ولو كانت الصفعة في قلب نظامها، فإسرائيل تعربد علينا بكل الأمكنة، إلا أنها تحكم نفسها بسيادة قانون لا يمكن إلا احترامه.

ونحن نستمر بالتلويح واللطم في ما تنجزه اسرائيل وما تخفق به، ولا نقترب حتى بأبسط ما يمكن أن يغير من حالنا. الانتخابات “فعل” مضارع مبني على المجهول، والتعيينات التي نسمع عنها ونشهدها ضمائر مستترة لا جدوى لها ولا تقدم ولا تؤخر إلا إلى أربابها.

ليتني استطيع قراءة التحليلات الفلسطينية المستفيضة عن بؤس السياسة الإسرائيلية وعنصريتها، وكل هذا التحسب والتوجس من ليبرمان، وإلقاء اللوم على إسرائيل بسبب فاشيتها المستفيضة، تحليلات تسلط الضوء على مشكلتنا الفلسطينية.. على مشكلتنا الحقيقية في القيادة المهترئة، بالفساد، بغياب الحكم الرشيد، بغياب القانون، بالمحسوبيات، وبحاجتنا الماسة لانتخابات.

في إسرائيل، عندما تعلن النقابات نيتها بالاضراب، تضطرب الحكومة وتهلع. نحن في حالات إضراباتنا وإغلاقنا للشوارع والساحات، يتم تعيين رئيس نقابة ما، سفيرا.

وأخشى ما أخشاه أن نشهد انتخابات إسرائيلية قادمة، بينما لا نزال نتلقى الصفعات الإسرائيلية من جهة، والركلات القيادية المستمرة من الجهة الأخرى.. فلا ريب حالنا بهذا الوضع من التيه، لا نكاد نميز لنفسنا حال.

 

 

6 أفكار بشأن “تعيين ليبرمان.. صفعة فلسطينية ليست غريبة”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading