تخطى إلى المحتوى

شذرات اخبار

 

استوقفني مقال تحت عنوان “النبرة الخانعة والمتباكية التي أطلق بها خالد مشعل أقواله تشهد أكثر من أي شيء اخر على الازمة التي تعيشها حماس”. تبين مع نهاية المقال انه مترجم عن العبرية. تناول المقال التصريحات التي ادلى بها خالد مشعل بأن حماس مستعدة للاعتراف بإسرائيل والوصول معها الى تسوية.

كنت أحاول ان أجد موضوع مهم او ممتع او مثير اكتب فيه. ففي الأسبوعين الفائتين انشغلت في أمور خاصة تطلبت السفر. والاحداث لم تكن جديدة، فالجرائم نفسها تتجدد في حلة أكثر إجرامية، كان الرأي العام قد اشتعل في موضوع الصبي الفلسطيني التي قطعت داعش رأسه. كان غريبا ان يصبح الفلسطينيين هم هدف داعش الأخير. تساءلت لوهلة عابرة كيف أصبحت داعش وانصارها من عصابات إرهابية واضحة وضوح الشمس بأجنداتها المكرسة ضد الانسان العربي مهما كان دينه او قوميته. ولم يكن بعيدا عن التوقيت الجريمة التي هزت (اقباط) مصر مرة أخرى واستدعت تخل البابا نفسه والرئيس السيسي وفي مشكلة متكررة تسمح للأحكام العرفية الهيمنة على مناطق معينة مما يجعل هتك الدم والاعراض منته بفنجان قهوة ودية مالية. الا ان الاعلام لا يزال يراوح مكانه في تغطيته على هذه الجرائم. تصاعد جرائم العنف من كل اتجاه ومقتل العديد على خلفية شجار عائلي وغيره يبدأ من صورة لفتاة وينتهي على مصف لسيارة ربما. لم تعد الاحداث المتكررة من جرائم لا تتصف الا بالقبلية ولا يميزها الا فكر الاقصاء. والمريب جدا في كل هذه الغوغاء ردود أفعال المتفرجين منا. فنحن منحازون الى جانب. نتعاطف معه ونحزن لأجله. مقابل جانب اخر لا يعنينا فهو بطريقة او أخرى يستحق القتل. غوغاء الاسماْء التاريخية والإسلامية في استثارة المشاعر لاستقطاب المؤيدين. لقد اوصلوا الشعوب الى زاوية الكفر من كل ما كان بهذا التاريخ الذي قرر أولئك ترجمته اليوم حسبما يريدوا ليخلقوا واقعا إرهابيا لذاك التاريخ. وقد تكون المشكلة هنا في فراغ العموم منا من المعرفة الصحيحة لهذا التاريخ. فهؤلاء يعتمدون في نشر سمومهم وارهابهم على ما تكونت به العقول العربية في العقود السابقة من تلقين وحفظ وانصياع للكلمة وتقديس للشخوص. عملية التشويه الحاصلة ليست وليدة اللحظة وما يصنعه هؤلاء ليس بعبقرية ولا تكتيك استراتيجي. فالشعوب معدة للاستقبال. فحياتنا وتربيتنا وتعليمنا ومناهجنا مبنية على التبعية والاقصاء والتلقين والانصياع لمن يرتدي عمامة.

داعش والنصرة ونور الدين والجيش الحر وكل تلك الأسماء الحماسية المرتبطة بالدين والقومية يقوم أصحابها على استفزاز الحس الاقصائي في داخلنا. فأصبحنا ما أصبحنا عليه من كوارث يومية لم تعد تفرق او تنحصر او محسوبة على جهة دون الأخرى.

نعم …. لا يختلف الداعشي الإرهابي في سوريا والعراق عن ذلك المتعصب او الغاضب في فلسطين او الأردن الذي هاج دمه ورفع سلاحه بوجه اخر كان قبل لحظة ربما صديق او رفيق او اخ. الأبناء يقتلون اباءهم في مشاهد إجرامية رأيناها في السعودية ومصر وفلسطين والأردن (ذكر الأسماء في سبيل الذكر لا الحصر هنا).

نفس المشهد في الساحة السياسية، ففي سوريا انقسام محزن بينما تستمر سوريا بلملمة اشلائها بين معارض ومؤيد للنظام. وفي مصر وصل الدولار لثلاثة عشر جنيها ولا يزال الشارع يناقش سوء الحالي الحاكم وسوءة الحاكم الماضي. وفي فلسطين دعوة لانتخابات محلية تثير الحفيظة وبها الكثير من المآل الا في شأن انتهاء الأقسام. محادثات سرية للفصيلين عن المصالحة في جنوب افريقيا. كم هو هزلي المشهد. جنوب افريقيا للتصالح الفلسطيني الفلسطيني. ثم نسمع كبير المفاوضين يتكلم عن جولة جديدة ببوادر محادثات. حملات انتخابية مائعة من اجل انتخابات محلية يتسابق فيها أصحاب الانقسام على سلطة عنوانها نحن. نحن هذا الشعب الساذج الذي فقد الامل والحلم والوطن الا انه لا يزال يباع ويشترى من اجل انتخابات “محلية”. في السجون هناك يقبع أولئك الذين فنوا من اجل وطن يستمر مواطنوه ببيعهم وشرائهم من اجل حملة تضخ بعض الشعور في نفوس الشعب التائه المتعثر. ننادي بشعارات واهية من اجل تحرير ما لهم ولا نرقى لدرجة الصمود امام حملة حقيقية. نفتش عن ابطال لمرحلة لن تأتي ونصنع من الراكدين ابطالا. يصبح الوطن كالعادة شخص.

تصريح خالد مشعل قد يكون كذلك من اجل الانتخابات المحلية. كيف اهترأ وضعنا وازدرى ليصبح الحصول على كرسي سلطة مهما صغر حجمه هو الهدف الأكبر والأسمى.

ما استوقفني في المقال عن خالد مشعل تساؤل طرحته على نفسي بهيبة لا يخلوها التهكم. هل أصبحت المصالحة مع إسرائيل هي الحصان الرابح لأي شأن من الشؤون الفلسطينية؟

ومع هذا لم يخل ذهني من التساؤل. قد تكون هذه الخطوة في سياسة حماس مهمة ومفصلية في شأن الصراع هذا بيننا وبين إسرائيل. ان كان تصريح مشعل يحمل الخنوع ام النوايا السيئة الا انه يبقى مهما. للحظة ما لربما، علينا نحن الفلسطينيون حسم وضعنا مع إسرائيل. قياداتنا الفلسطينية وكذلك العربية حسمت امرها منذ زمن طويل الا ان المراوغة على مشاعر الشعوب من اجل كسب امتياز ما هي المستمرة.

لا يزال من الصعب ان نقبل كشعب فلسطيني بإسرائيل ككيان اكتسب شرعيته منذ زمن من العالم وقياداتنا المختلفة. لربما من الحكمة ان نفعل كما فعل مشعل، هناك حاجة للاعتراف بإسرائيل من اجل الدخول بمرحلة جديدة أيا كانت نتائجها. لان ما تبقى منا كشعب بدأ بالتلاشي كما تلاشى الوطن

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading