تخطى إلى المحتوى

عودة السكاكين ووعود الدولة ووعيد المفاوضات

 

دخل علينا الخريف وكأننا نكرر المشاهد نفسها ، تلك التي عشناها في العام الماضي والعام السابق له والاعوام الكثيرة التي كانت تدخل في خريف سبتمبر بانتظار لخطاب اممي او اختراق بالمفاوضات او حل مرتجى . هذا الشهر من العام الماضي ، كان من المستحيل ان يمر عنا بلا اعادة لاستذكار موجة الطعن التي اجتاحت شوارع الضفة والقدس ، والتي احترنا في تسميتها بين انتفاضة او هبة. نقف امام ابواب الذكرى السنوية لتلك الهبة مدركين تماما انها ذهبت ادراج الرياح لتنتهي بدفن أوائل شهدائها بعد احتجاز عام . الا ان ما يجري في هذه الايام من عودة لعمليات الطعن اثار لدى الكثيرين استياء اكثر مما اثار تساؤلا . فلقد خرجنا للتو من “تخمة” الاعياد التي امتدت منذ رمضان على مدار الاشهر السابقة وكأن البيوت خلت من الشهداء والاسرى . وكأن الوطن قد حرر وكأن الحياة عادية لا تشوبها مشكلة. حتى اننا كدنا ان ندعي بأننا شعب عادي يجري انتخابات (حتي ولو كانت لمجالس محلية). وكأن احدهم قام ونثر الغبار في اعيننا ….فرجعنا الى النقطة الاولى …. لا انتخابات وفلتان امني داخلي وانقسام متداخل وانتهاكات اسرائيلية متصاعدة والمزيد من الضحايا . وكأننا في مسلسل تلفزيوني يومي لا تنتهي حلقاته ويتم وضع بعض الاثارة لكي لا يصاب المشاهد بالملل المطلق. فنعيش في حالة انتظار وترقب لحدث لا يأتي وان اتى يكون بلا معنى او فائدة. في السنوات الماضية كنا نترقب بشغف ربما خطاب الرئيس بالامم المتحدة . كان هناك ربما ما ننتظره . اليوم والرئيس يستعد لخطاب ما هناك . ما الذي سيقوله وما الذي سيعرضه وما الذي ننتظره نحن الشعب المنتظر . الجواب لكل الاسئلة هو لا شيء . فلم يعد هناك ما يقال وما يقدم وما يتم التنازل عنه وما ننتظره. فنحن شعبا وقيادة في هاوية سحيقة . ان كان هناك ما نقوله فلم يعد هناك من يسمعنا ، او ربما يصدقنا. فهل عودة السكاكين بها اعادة لتنشيط وجودنا كشعب؟ الجواب بلا تفكير كذلك هو لا . قد تبقى الاسباب لقرار اولئك الشباب او الفتية للخروج المحتم لنهايتهم قرارات لن يستوعبها الا من يعيش في حالة تساوى فيها الموت والحياة…. مثل الكثيرين منا … فلن يجدي تحليلنا بالشجب او بالترحيب اي فائدة او نفع لهم . فاولئك حسموا مصيرهم . هل يأملون لعدل او لحل او لضغط من اجل القضية . لا اعتقد. فما جرى من سيل دماء ادمى القلوب في العام الماضي اكد ويؤكد ان لا امل فينا شعبا او قيادة وتستمر كما كانت فرصة هدر دم فلسطيني للكيان الاسرائيلي فرصة وجودية . هناك من الاسباب الداخلية في الحياة اليومية الفلسطينية ما بات اصعب من الاحتلال. قد تكون هذه الكلمات فضفاضة وقد تقلل من مأساتنا كشعب لا يزال يعيش تحت احتلال . الا ان تردي الوضع الداخلي منذ الانقسام وتفشي الفساد ادى الى هذه الحالة المأساوية من الوضع السوداوي بغياب افق حياة افضل. فلو نظرنا سريعا الى مجريات الاسابيع الاخيرة بعد الاعلان (المتوقع) لتأجيل الانتخابات(المجالس المحلية)وما ترتبت عن تلك الانتخابات من خروج المشاكل الداخلية كانفجار بالوعة مجاري . كيف اننا ولغاية هذه اللحظة كشعب لا نرقى الى درجة العملية الانتخابية ولا نفهم ما هية الديمقراطية ولا معنى الحقوق على الرغم من الضخ المفرط لاموال الدعم الاجنبي على مدار عقدين في عقد ورشات بناء القدرات والسلام والديمقراطية والحريات والحكم الرشيد. كيف نسمح لأنفسنا ونحن في هذا الزمن لتكون النساء تكملة عدد وبلا اسماء . كيف تغلب العنصرية على تصرفاتنا والقبلية ، فالاقتراب من الدين هذا او ذاك صار كمن يولع ثقاب في منجم غاز. كيف تحولت شوارع رام الله صبيحة العيد الى مجمع حقيقي للنفايات . كيف انعدمت روح الانتماء وسمح الانسان منا رمي قذوراته على حواف الطرقات لتصبح بذلك المنظر الذي رأيناه؟ ما يجري من تطاول وتقاذف بين قوى السياسة المختلفة من مرشح مرتقب لرئاسة او منصب ما ، عدم احترام القضاء. والقضاء وضياع هيبته وفعاليته واحتكاره في منصب ومرسوم رئاسي. ثم نعود لنبدأ العام الدراسي باضراب جامعة تغلق ابوابها ويمنع الطلبة من الدخول لاستمرار عدم حل مشاكل الطلاب وعدم مساندة الجهات الحكومية للجامعات والوعودات نفسها والوعيد يتكرر..لاضراب للمدارس مرتقب لنفس الاسباب. حالة الاحتقان هذه ليست مستوردة من فابروسات الموسم الجديد …فهناك فساد واضح متفشي بين اوصال الحكومة والقيادة وبكل ما يمثل سيادة ، وهناك شعب يئس لدرجة الخروج الى الموت بسكين او الى المجهول في زنازين السلطة بمظاهرة او التعبير عن رأي. سواء خرج الناس بمظاهرات او لم يخرجوا …. سواء تقدم اولئك الشبان المقهورون اليائسون بسكين نحو جندي وانتهوا او لم يتقدموا ….سواء قدم الرئيس مبادرة او رشح لمبادرة او نادى من اجل مبادرة …سواء تكلم بالامم المتحدة ام بالتلفزيون الاسرائيلي اولم يتكلم …..لن يتغير الوضع …فنحن نقبع في هاوية لا قرار لها

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading