تخطى إلى المحتوى

كيف نعرف الله

 

بعد جريمة اغتيال الكاتب الأردني ناهض الحتر على خلفية اساءته للذات الإلهية من خلال مشاركته لكاريكاتير يظهر أحد الجهاديين الملتحين يتوسط امرأتين يطل عليه “الله” ليسأله ان أراد المزيد من النبيذ. بات السؤال عمن هو الله مشروعا. قد نتفق ان الكاريكاتير المقصود مسيئا لمن ينظر بجدية لفكرة تجسيد صورة الله بما يشبه بابا نويل او أي صورة أخرى. وإذا ما تفكرنا للحظة قبل إطلاق جماح غضبنا الارعن على فكرة الكاريكاتير المسيء وكأن الكاريكاتيرات كهذه صارت هي مؤشر التعدي عن الخطوط الحمراء لما لا يقبل التهكم او المزاح فيه. إذا ما تأملنا بفكرة المطلق من ايماننا بالله. ذاك المطلق الذي ليس كمثله شيء. هو نفسه تم توصيفه في أماكن دينية بحتة في تجسيد لا يترك الا مكانا للتخيل، مثل الاستواء على العرش وان قلوب الناس بين اصبعين من أصابع الرحمن (في حديث شريف) ويد الله، ووجه الله…. الخ. فهناك صورة ما لله في مخيلتنا كبشر تختلف باختلافاتنا العمرية والذهنية والنفسية، سواء اخرجناها من مخيلتنا للملأ ام لم نخرجها. في حالة ذلك الكاريكاتير لا يبدو خفيا عن الناظر ان فكرة تصوير هيئة لله هي مجازية بحتة، المقصود فيها الرجل الملتحي لا الله.

وهنا يكمن السؤال؟ هل الذي اثار أولئك الغيورين الذين أفتوا بقتله صورة تجسد هيئة الله ام ما حاول الرسام فضحه عن حقيقة هكذا جهاديون يختبئون بشنيع أعمالهم خلف الله؟

وذاك الله المقصود، اهو الله المطلق الذي نؤمن به ام هو الله الذي قرر معشر البشرية النكراء الذي نعيش وسطها ان يكون هو الله.

ما يجري من جرائم تحت اسم الله يجعلنا امام تساؤل لأولئك؟ هل الله الذي نؤمن به ونحاول ادراكه هو نفسه الله الذي انفضوا ورفعوا سيوفهم من اجل ارجاع جبروته التي هددها رسم سخيف؟

من الجلي ان ما اثار استياء هؤلاء كان تجسيد صورتهم السيئة لا صورة الله. وهي فعلا ما يحتاج الى الدفاع إذا ما امعننا بأن ما جسد هيئة الله في تلك الصورة كان اشبه ببابا نويل وهي شخصية لطيفة حسنة. الخطر كان في حقيقة ما يفعله هؤلاء الزمرة من البشر تحت اسم الجهاد الإلهي.

هل ننكر هذا؟

هل ننكر التفجع الجنسي الذي يعيش فيه هؤلاء على وجه التخصيص هنا إذا ما تأملنا بحجم الاحكام المتعلقة بالمرأة التي تتقدم مسائلهم في كل الأفعال.

وعلى العموم طبعا نحن شعوب تعيش في حالة فجع نحو الجنس. في غطاء وتستر وحالة قمع دائم الا لمن اتاهم ربهم مقدرة وحكمة ليصبحوا اولي الامر منا.

كيف تحولنا الى مجتمعات متدينة بلا دين حقيقي؟ نحمل من الدين التعصب فقطما جرى من جريمة أودت بحياة انسان كل ما فعله هو التعبير عن راي لم يتعدى المزاح يقول بأننا مجتمعات كفرة. لان الكفر هو في ازهاق حياة البشر هكذا وكأن الله اعطانا (اعطاهم) حق الولاية عليه.

هل يكون الله بهذه القسوة والظلم ليسمح بأن تهدر حياة البشر هكذا؟ كيف لا وهؤلاء هم أنفسهم من يقتلون ويذبحون البشر في سوريا والعراق ومصر واليمن؟ يقتلون ويسفكون الدماء تحت رايات الله. فهل ربهم مختلف عن ربنا؟

هل تعريفهم لله يختلف عما نشأنا عليه في إدراك الله؟

من الذي يمس الذات الإلهية بالسوء؟ راسم الكاريكاتير او المشارك به او المعبر عن رأيه ام من قتل نفسا تحت اسم الله؟ كيف يواجه هؤلاء الحق (ألله) وهم بهذا الكم من الاجرام بحق أنفسهم وبحق غيرهم؟

والشركاء في هذه الجريمة كثر. كل من ظن ان ما جرى استهزاء بالله …. خسئتم وهل الله ينتظر دفاعكم عنه؟ كل من ظن ان الرجل يستحق القتل لأنه أقدم على هكذا فعل؟ كيف تنامون بليلكم وتساهمون بموت الناس هكذا. من تجرأ على القتل لم يكن الا وسيلة. المسؤول عن هذه الجريمة هو كل من كرس نفسه مدافعا بغوغائية عن حق غير موجود.

ان الله خلقنا لنعيش لا لأن نكرس حياتنا مدافعين عنه تعبطا. هو لا يحتاجنا. نحن من نحتاجه. هو من يبتلينا فكيف له ان يحتاج دفاعنا عنه امام كاريكاتير.

أولئك القتلة الذين يروجون لجرائمهم تحت اسم الله عليهم ان يحاسبوا. ويحاسبوا في يوم حساب سيكون الله فيه حاضرا. ذلك الله الذي لا يدعو لسفك الدماء ولا يروج لهدر الأرواح.

ان نكن شعوبا بها ايمانا لا يعني ان نكون شعوبا مغشي على بصيرتها. ان الله حق. والحق لا يغشى عليه. كيف نرضى ان نناقش أصلا إمكانية قتل انسان لأنه عبر عن رأيه وفي اسوا الأحوال أخطأ. كيف أصبح أولئك المتطرفون المجرمون حكاما لأمرنا؟ كيف أصبحنا الى هذا المكان المظلم من الجهل المتفشي في كافة ارجائنا؟

الا يكفي ما نعيشه من قمع واستبداد في منظوماتنا السيادية التي تصر على سحبنا الى حضيض الحضارة، ليأتي هؤلاء وتحت اسم الله لينثروا فوق رؤوسنا ترابا يدفن ما تبقى منا موجودا؟

نحتاج ما تبقى منا الى الايمان بالله بطريقة امنة سالمة …. الله الخالق البارئ العلي القدير الرحمن الرحيم لا يعبأ لصورة بكاريكاتير او غيرها.

نحتاج الى الله لكي ينير طريقنا …. الله نور لا ظلمات في طريقه كتلك التي يسحبوننا اليها.

 

.

2 فكرتين بشأن “كيف نعرف الله”

  1. This’d be very interesting case to be tried in a Saudi court with real good liberal lawyers. What kind of defense such attorneys could and\or would put to prove that the accused, who was defending God, is guilty??? And if in the eyes of the Saudi court, the accused, is guilty, wouldn’t that make all others who saw the cartoon and know Hatter guilty because they didn’t act before the accused!!
    I said Saudi court, but, I assume would the case in all Sharea’a courts.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading