مؤتمر فتح السابع : انكسار البوصلة الفتحاوية
تجنبت الحديث عن مؤتمر فتح السابع المزمع عقده بعد يومين ، على امل ان يتم الغاءه في لحظة ما . الا انه ومع اقتراب الموعد المحدد ، ووصول التحضير الى المؤتمر بين مؤتمريه الى ذروته ، لا ضير من بعض التأملات ….
بدءا ، منذ المؤتمر السادس تكشف امامي جهلي المؤكد بالاحزاب السياسية الفلسطينية ، وغيرها كذلك . كنت حتى تلك اللحظة انظر الى فتح وكأنها جزء مرتبط بالنسيج الطبيعي للهوية الفلسطينية . احدى مفاجآتي كانت بأنني لم اكن فتحاوية . كنت افكر بأن الفلسطينيين بالعموم فتحاويي الانتماء حتى ولو انتموا لفصائل اخرى .
ما يجري اليوم في ظل السباق على المراكز العليا في فتح ، يؤكد ان فتح انسلخت عن المجتمع الفلسطيني منذ صارت الكراسي والقيادة السلطوية هي مسعى ابناءها . وليس بالغريب ان يتوقف الوطن كله امام انتخابات مصيرية لفئة من فتح ، امام تعطل كامل لكل عملية تقدمية او انتخابية مرجوة مطلوبة من هذه السلطة .
مررت بقائمة الاسماء المعلن عنها المكونة من ١٤٠٠ شخص ، ولم تكن مفاجأة ، ولكن اضافة بلا شك لمسلسل الاحباطات الذي نعيشه كشعب على الهامش في ظل قيادة فتحاوية حتى النخاع . من مفاجاتي كان تأكدي ان رئيس الوزراء الحالي هو فتحاوي معلن الان . هو نفسه الذي تم تعيينه بحكومة الوفاق (غير الموفقة ولا المتوافقة) لانه لا ينتمي لفتح . طبعا من المفاجآت غير الغريبة كذلك تفرد فتح بكل ما يتعلق بهذا الكيان المسمى دولة من مرافق دبلوماسية وسياسية وثقافية واجتماعية ورياضية وتعليمية. بالنهاية نحن نعيش في كنف فتح مظلل علينا بقيادتها لنا بكل مرافق حياتنا شئنا ام ابينا . ومن ناحية ثانية ، فتح هذه ، منغلقة على نفسها في مؤتمرها النخبوي المرتقب.هي في واد والمجتمع الفلسطيني كله في واد اخر .
لم يعد من المجدي التكلم عن خطورة ما يحدث ومدى الدمار الحاصل . فلقد انكسرت البوصلة الفلسطينية بفتح منذ تحولت فتح من حركة تحرر وطني الى حزب سلطة حاكم ابعد اطماعه في الوطن هو كرسي قيادة بسلطة رام الله .
في المؤتمر السابق ، كان قرار عقد المؤتمر بالاراضي الفلسطينية اشكالي ، ادى بطبيعة الحال الى انقسام وشرذمة في فتح ، كان من اهم نتائجه تحكم فتح فلسطين ، او بالاحرى مناطق المقاطعة بحركة فتح وبالتالي التخلص تدريجيا من قوة فتح الخارج . وهذا ما حصل بالفعل .
اليوم نقف امام تشرذم ادى الى انقسام فتح ما بين فتح ابو مازن وفتح دحلان . وعملية الاقصاء التي حصلت لكل اعضاء فتح المشكوك في ولائهم وانتمائهم لفتح ابو مازن تؤكد بلا ادنى شك كذلك بأن فتح في طريقها الى هاوية محتمة.
قد يخرج المؤتمر بقيادة جديدة ، من المشكك ان تأخذ كذلك اي شكل جديد ، فالمرشحين السابقين هم انفسهم المرشحون الحاليون للدورة السابعة ، مع اسماء شاغرة لمن مات وعلى فراش الموت ولمن تم خلعه من منصبه . فالسباق هو على بعض الكراسي الشاغرة في عملية لتثبيت الولاء لابو مازن وتأكيد دخول ابنائه الى السباق الفتحاوي المركزي.
ننتظر مؤتمرا خالي من اي توقعات بعد تهيئة كل الاجواء والاسماء لنتيجة محسومة ، لتفرقة بها شرخ حقيقي لفتح ، يحسب نجازا جديدا في قائمة الانقسامات الفلسطينية .
يبقى السؤال المطروح لاجابة قد نراها في الايام اللاحقة لاعادة فرز قوائم مؤتمر فتح ، وهو ما يخبئه الطرف المخلوع من فتح المؤتمر السابع . وهل سنشهد حروبا علنية بين الفصيلين ؟
نجحت فتح بأن تجعل من حماس خصما هامشيا امام صراع الفتحاويين الداخلي … كما نجحت من قبل وحماس بجعل الاحتلال امرا جانبيا في المسألة الفلسطينية امام انقسام الاحزاب.
الاحباطات والتكدرات المتلاحقة من القيادة الفلسطينية وضعتنا امام منزلقات ضحلة بداخل مرحلة اصلا حرجة ، بخارطة بوصلتها مهشمة تأخذنا بلا ريب الى هاوية جديدة.