تخطى إلى المحتوى

المرأة وقتل الشرف

لا يمر يوم الا ونسمع عن جريمة جديدة يكون ضحيتها امرأة ، وبلا سؤال ولا تساؤل نعرف الجواب : “شرف”. وعليه ، يسكت الجميع , ويتغاضى عن معرفة اي حقيقة . وتكتم الدموع من الأقرباء والحسرة على الخسارة ، امام العار الذي سيلحق بالعائلة الى الأبد . والمجرم يبقى طليقا ، سواء عرف ام لم يعرف . لانه وفي اكثر الاحوال يحكم بحكم مخفف لا يتعدى بعض الشهور .

في المقابل ، قليل ما نسمع عن امرأة تقتل رجلا تحت دعوى الشرف . خيانة المرأة للرجل هي هدر لشرفه . فيصبحالقتل بديهيا في عقلية سمح لها المجتمع ان تتربى في اذهان رجاله ونسائه . اما خيانته ، فهي دائماً زلة مغفورة ، يتفق المجتمع برجاله ونسائه على اعتيادها .

وعليه ، عندما نسمع عن امرأة قتلت زوجها بدعوى الشرف ، فأسبابها دائماً لا تؤخذ بعين الاعتبار اصلا . فتعامل على انها مجرمة ويقام عليها الحد ويصبح القصاص شريعة محتمة مقبولة واجب تطبيقها . 

ما يجري اليوم بغزة في قضية المرأة التي قتلت زوجها وحكم عليها بالإعدام ، قد يكون مثالا حقيقيا يعكس واقع المرأة العربية في قضايا الحياة نفسها . فهي ابدا لا يحق لها ما يحق له ، الا في العقاب . فهو واجب ومستحق . 

وهنا أفكر ، كيف ان النظام بكافة قواه يجتمع ويتحد امام هكذا جريمة . بالطبع ما قامت به هذه المرأة جريمة يجب ان تعاقب عليها ، بعقاب مستحق مع الجريمة ، بالضبط مما يجب ان يحاكم الرجل بنفس حجم الجريمة . كم ترعب النظام فكرة ان تقوم المرأة بالقتل وعليه يجب ان يقع عليها اكبر وأشد العقوبات . فالنظام هنا يعرف تماما كم تقمع المرأة في المجتمع . كم من المرات عرف النظام عن جرائم يومية تحدث للنساء من ضرب مبرح وتنكيل مجحف ولا يحرك ساكنا . فما قامت به هذه المرأة مرعبا لنظام يعرف ان رجاله يمارسون القمع والتنكيل بنسائهم وكأن المرأة “حمار” او “ماشية” عليه تقويضها لتحسين خدماتها والضرب هو ابسط ما يقوم به . لم نعرف بهذه القصة مع المرأة الغزية التي لن تعيش لتتعدى عقدها الثالث من العمر ، عن خيانة للرجل . فالخيانة قد لا تكون موضوع نقاش هناك لان الرجل يستطيع الزواج بمثنى وثلاث ورباع وما ملكت أيمانه. فمهما فكرت المرأة الزوجة بعلاقة الرجل الزوج بأخرى كعلاقة تمس بكيانها وكرامتها وإنسانيتها ، فان الشرع على حسب الرجل والنظام قد أعطاه هذا الحق فلا يحق لها حتى التظلم . فيبقى السبب الوحيد لها بقتله كما في هذه الحالة هو عدم تحملها كم القمع الذي كان ينزله عليها الزوج ، ولن يكون صعب التخيل ، بان هذا 

التنكيل بكل ما يمس المرأة قد تمت ممارسته على هذه المرأة الفقيرة التي بلا شك تم التعامل معها من قبل محيطها بقسوة فاقت القسوة على الأغنام .

موضوع الحكم بالإعدام كذلك موضوع مختلف للتعامل معه . هل نقف امام الاعتراض على فكرة الإعدام ؟ ام هي فكرة إعدام امرأة . فهناك تباين في توجه الرأي العام نحو هذه القضية ، لان الاعتراض على حكم الإعدام هو اعتراض على الحك بعمومه ، سواء على امرأة او رجل . الدعوة لابطال حكم الإعدام عليها باطل في توجهه لان المشاة ليس بالإعدام كحكم ، ولكن بالحكم بدرجة قصوى على جريمة لا يتم عقاب الرجل فيها بنفس الدرجة على الرجل . الرجل في معظم الاحوال يحكم عليه بحكم مخفف لا يتعدى الأشهر وفي اقصاه يتم بضع سنوات . اما المرأة فيحكم عليها بالعقوبة القصوى من اللحظة الاولى . 

يتم التعامل مع المرأة على انها قاتلة . بينما يتم التعامل مع الرجل على انه حامي لشرفه وما قام به حق وواجب .

في قضية المرأة في غزة ، كان تبرير النظام المطبق للقانون ، انهم فعلوا هذا بالاضافة لإقدامها على القتل عن سبق الإصرار والترصد ، درءً لحقن الدم والخوف من الثأر من قبل عائلة الزوج القتيل . لم لا يقدم النظام على التخوف من ردة فعل اهل المرأة عندما تقتل ؟ 

لان الجواب مع الاسف حاضر وواضح ….. 

لا شرف للرجل لكي يهدر .

ومع هذا ، فالرجل هو من يقوم على تحديد الشرف للمرأة … كما العقاب والثواب …. عقابها بيده وكذلك ثوابها.

2 فكرتين بشأن “المرأة وقتل الشرف”

  1. تنبيه Pingback: جرائم قتل النساء…استباحة ام اعتيادية وسط كل هذه الانهيارات؟ – نادية حرحش

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading