اغلاق الشوارع من اجل الافراح والاطراح ..هل هذا حق عام ؟
في يوم شتاء دافيء من ايام اريحا ، جلسنا نستمتع بالشمس الخاطفة وسط هدوء اريحا المحكم . فجأة سمعنا حراكا كسر صمت المكان وامتلأ الشارع بالسيارات . كنا ننتظر اصدقاء لم يتمكنوا من القدوم . هل هناك حاجز ما فكرت ؟ ولكننا بأريحا ، لا حواجز الا ذلك الحاجز البسيط على مدخل المدينة . ولا يمكن لأزمة وسط البلد ان تكون قد وصلت الى هنا .
نظرت حولي وفجأة كان هناك كراسي وسط الشارع والكثير من الناس ، وسيارات من كل اتجاهات الشوارع الثلاثة المؤدية الى البيت مغلقة بالسيارات والبشر .
هناك طلبة …. سكت الجميع وكأن الموضوع عادي جدا .
هناك طلبة ؟؟؟؟
هل يعني ذلك ان تغلق الشوارع وينتقل صالون الاستقبال الى الشارع ؟
هل هم فقراء الى هذا الحد ،حيث لا يتسع البيت المدعوين ؟
لو طلبوا منا لفتحنا لهم باب البيت واتسع المدعوين في حديقتنا . بالنهاية فان الجار للجار .
ولكن تبين ان الموضوع ليس كذلك ، فنحن على ما يبدو وما تبين اننا جيران لقوم من اصحاب السلطة. وعلى ما يبدو ان اصحاب السلطة هم اصحاب البيت … او بالاحرى اصحاب الشارع .
في تلك اللحظة تبين ان ما يجري لم يكن مجرد امر طاريء او استثنائي ، فلقد باتت حسبما سمعت من الاصدقاء والاهل المتواجدين حولي هذه التصرفات عادية . فيحدث هذا في كل مكان . يغلق الشارع او شوارع من اجل فرح او غيره.
جاء الى ذهني مشهد المليونير اللبناني المقيم في استراليا، الذي اغلق الشارع المؤدي الى بيته في يوم زفافه ، وما كان من الحكومة الا مخالفته فيما بعد . والسؤال الذي بادر الى نفسي ، ما الذي يدفع الناس الى الاقدام على هكذا افعال ؟ هل يزيدهم الاستحواذ على الشارع قوة ونفوذا ؟
بعد ان فرغ الشارع من الجاهة ، وبعد ان فتحت السيارات المغلقة للشارع الطريق ،بعد مشاجرات فيما بين المدعوين الذين تسابقوا في الخروج ، خرجت لأنظر الى ما جرى . كانت حواف الشارع مليئة بكاسات القهوة الورقية الفارغة ، وبقايا اوراق ناعمة وغيرها . ولم يسعني مرة اخرى الا ان اتساءل كيف يتحول المكان العام بلحظة من ملك خاص ، يتم استباحته وكأنه لا يوجد في هذا الحيز العام غير صاحب الامر ، له ما يجول له من امر بالطريق والشارع ، ويتحول الماكن نفسه بعد لحظات استخدامه الى مكان عام لا يمس الشخص من قريب او بعيد . وكأن هناك استباحة لكل ما هو ليس ملكا خاص . وكأن استخدام الشارع استباحة للمكان العام ، توظيف شخصي للمكان ينتهي اهميته ومكانته بانتهاء المصلحة فيه .
كم يشبه هذا المشهد تحول ثقافتنا الى ثقافة القطيع ؟
ننظر الى المشهد العام هذا ولا نلتفت اليه . لا نستطيع حتى التعليق او الاعتراض. فكيف نكون هكذا سلبيين غير مشاركين لفرحة او حزن من اغلق الشارع وجعله تحت سطوته لبضع الوقت ، سواء كان دقائق ام ساعة .
بلحظة نخرج من السياق الموحد للمشهد العام باعتراضنا ، وبالتالي لا يتركوا اولئك للعترضين امثالي مكانا للشعور بالذنب مثلا … فلقد تحول المكان الذي تم الاستحواذ عليه للحظات الى مجمع للنفايات ، لم يكترث احد من القائمين على سطوة المكان بتنظيفه .
كيف لا ، ولربما بالنسبة لهم ، فانه دافعي ضرائب ، ومن واجب البلدية تنظيف المكان العام هذا لاحقا ربما!!!