الرئيس يساوم والشعب يقاوم

 

لا عودة عن حق العودة

 

في مسيرة مهيبة , تجمع يوم الثلاثاء الموافق 3-5-2017 الالاف من الفلسطينيين على أراضي قرية الكابري , لاحياء ذكرى النكبة في عامها ال 69.

الكابري هي احدى قرى الجليل في قضاء عكا. تقع عند التقاء سهل عكا مع جبال الجليل عند ملتقى سفوح الجليل الغربي الى شمال شرق مدينة عكا. وعلى بعد 5 كيلومترات من مدينة نهاريا.

تهجر اهل الكابري في 1948 , بعد ان تمكن اهل المدينة وببسالة الدفاع عن القرية بالسنوات السابقة من الهجمات الصهيونية الشرسة. ومن مآثر التاريخ في تلك القرية كانت معركة اذار 1948 والتي نصبت فيها وحدات تابعة للواء اليرموك 2 مع مقاتلين محليين كمينا لقافلة مكونة من سبع سيارات , في المقابل تصدى الصهاينة بكمائن عند القرية مكونة من صفائح مدرعة. وساعدت قوات بريطانية في قصف القرية. في تلك المعركة قتل 49 صهيونيا .

في المحصلة ونتيجة لهذه المعركة تم قصف القرية في أيار 1948 بقوة وتهجير أهلها انتقاما لهزيمة اذار.واكمالا للخطة الصهيونية بتفريغ الارض والتصفية العرقية ، تم إزالة القرية بالكامل وطرد اهاليها. لم تكن الكابري هي ضحية الانتقام الوحيدة , فلقد تم إزالة وحرق القرى المجاوره لها : النهر وام الفرج . وسقطت مقاومة السكان مع سقوط عكا في نفس الأيام. فتعرضت الكابري للقصف المركز في 20 أيار 1948 . واحتل الصهاينة القرية وتم تنفيذ احكام الإعدام رميا بالرصاص بحق 7 او 8 من سكان القرية, ونسفت البيوت وتهجر السكان بالإضافة الى قرى ومدن الجليل الأخرى.

هذه القصة لقرية تهجروا اهلها في انحاء الارض ليكونا حتى بعد سبعة عقود لاجئين تكررت في كافة انحاء هذا الوطن المسلوب.

ولكن ،قد تكون المفارقة في احياء النكبة على القرى المهجرة ، من قبل اهالي وشعب تهجر ووجد نفسه يصارع وحارب على مدار السبعة عقود على تثبيت فلسطينيته امام هجمة شرسة طالت الفلسطيني من الارض حتى العرض.

في ذلك المشهد للامتداد البشري الهائل وسط اتربة الارض المهجورة والمسلوبة وتحت اشعة الشمس اللاهبة ، استمر الحشد بالمشي وصولا الى ذلك المكان الرمز ليجددوا العهد والقسم بأنه لا عودة عن حق العودة.

وفي الشق الاخر المقابل للوطن ، بينما يجاهد من تبقى به ذرة وطنية في توسعة حملات التضامن مع الاسرى على امل ان يسمع مجيب.

قد يكون من المؤسف ان نرى في مسيرات رام الله التفرقة واضحة حتى في التضامن مع الاسرى ، فالمنظر البعيد من فوق الحشود يتقلص العلم الفلسطيني وتصفر الاعلام الفتحاوية المنظر وتلك الحمراء والخضراء . ويغلب علم الفصيل على علم الوطن.

ذلك العلم الذي ساومناه في اوسلو من اجل ان نراه نرفرف فوق سمائنا متحديا الاحتلال الذي يخيم على سمائنا بهوائنا وترابنا .

في مفارقة بين المشهدين ترى العلم الفلسطيني على قرية كابري وفي شوارع المدن المحتلة كاملة على امتداد نهاريا وعكا ترفرف العلم الفلسطيني عنوة بعين الاحتلال المحتفل باستقلاله ، وفي قت نحتاج ان نقف وقفة تضامنية من اجل الاسرى تذهب الفصائل من اجل الترويج لانتخاباتها (البلدية) القادمة.

انشطار للوطن بين فصائل لا تتعدى امالها مصالح افرادها . ووطن انشط الى اوطان ، سنشهد اعلان دويلاتها على ما تبديه المؤشرات المريبة الكثيرة قريبا . فاعلان وثيقة حماس ليست بريئة وما يجري من تمشيط وتهجير بسيناء والعريش ليس عبثيا ووقف رئيس سلطة رام الله دفع الكهرباء عن غزة وقطع رواتب موظفي فتح هناك ليس اعلان حرب بقدر ما هو اعلان انفصال .

وبينما تهتف الحشود من اجل وطن منكوب تحيي بذاتها حنين الى حلم مقموع بتحرر وعودة. يجلس المؤتمرون بتلمسون الرضا من امريكا من اجل التوسط لقبول اسرائيل بالجلوس للتفاوض بلا شروط مسبقة على اسس الامر الواقع . تطور التنسيق الامني المقدس لدى هذه السلطة الى تنسيق دبلوماسي يخدم الاحتلال ومآربه . فمنذ سنوات ونحن نسمع عن الدبلوماسية التي لا تكف عن التحرك نحو مجهول بدا اليوم متكشفا ويتوضح في كل يوم . ستكشفه زيارة الرئيس ولفيفه قريبا ، فالاعلام الاسرائيلي والعالمي لا يمكن تكريسه وتهجينه كما الاعلام الفلسطيني.

شعب على مصراعي الوجود يهتف من اجل عودة الى اراضي لن ينساها ولن يقهرها الدمار ، بأناس كما قالوا سيدوموا اكثر من دوام الدول. يتمسكون بحلم لعودة بمفتاح تغيرت اقفاله وتبددت . ورئيس تنازل عن ارض ليست له . من اجل بعض الامتيازات في مقاطعة ورعية ترعاه .

بين هذا المواطن الذي تشتت بين ما اصبح اسرائيل ولا يزال يقاوم من اجل ابقاء هويته الفلسطينية .ومواطن تشرد في ارجاء الارض ولا يزال لاجئا ينتظر يوم عودة. وبين مواطن يريد ان يكون مواطن في دولة حلم بها وعاش من اجل ان تكون . يبقى الرئيس وزمرته في مكان اخر لا ينتمي للوطن ولا ينتمي للمواطن.

لو نظر الى جموع الناس بالامس لفهم ان الفلسطيني ليس تصريح ولا تنسيق ولا خدمات . الفلسطيني مخلوق بجينات اسمها فلسطين، تمر في عروقنا كما الدم ، بانتهائها ينتهي هذا الانسان .

فلسطين ليست ارضا يساوم عليها شخص او جموع . فلسطين وطن لكل انسان تجري في عروقه الفلسطينية .

فلسطينية لا تجري في عروق هؤلاء الذين يبيعون الارض والعرض في سوق النخاسة الدولي ، ولم يتبق لهم الا اجسادهم المهترئة ليساومون على بيعها … سينتهوا الى زوال لا يرحم به التاريخ ولن تغفره الشعوب.

فالعودة حق …. والعودة لا عودة عنها .

اترك رد