انتصار الاسرى !
هل انتصر الاسرى فعلا ، وان انتصروا على ماذا ؟
من الصعب التهكم في هكذا موضوع ، ولكن لابد من السؤال . ما الذي جرى بالفعل ؟ ما ذا كانت مطالب الاسرى ، ولماذا كان هذا الاضراب؟
هذه الاسئلة البديهية وانعدام ايجاد اجوبة شافية لها يؤكد سبب عزوف الناس عن التضامن الحقيقي .
وكما في التضمان الوهمي على شبكات الفيس بوك ، حصلت المباركات الوهمية المبالغ بها على نفس الشبكات . وتحولت صور القيد والماء والملح الى صور عصافير محلقة وانتصارات.
لا استطيع الا ان اسأل عمن يحرك الشارع في كل الامور . كيف انتهى الاضراب فجأة ، هكذا ، كل ما قيل لنا انهم انتصروا . وللامانة وبسذاجة ما ، كنت اظن ان انتصار الاسرى يعني تحررهم . كنت اظن ان هذا هو المطلب الشعبي . بغض النظر عما هو مطلبهم في داخل الزنازين .
ولكن ، بلا شك ، ما جرى جعلني افكر بكيفية ادارة الامور . هناك حالة من “آلاستحمار العام” على الشعب. فعندما تمت الدعوة للاضراب ، هرول الجميع للتعاطف ، لم نستطع فهم ما هي المطالب ، فهناك لجان تختص بهذا كل ما علينا نحن الشعب هو الهتاف وراءهم . فلم يكن غريبا ان يخف الالتفاف وتبقى الاصوات المنادية مجرد ابواق ، ولا يبقى في خيمات الاعنتصام الا اهل المعتقلين الذين بلا شك مثلي ، يصبون الى تحرر ابنائهم المطلق .
وان كان المعتقلون قد نالوا مطالبهم بداخل السجون فهذا كذلك حق وانجاز ، الا ان اعلامنا لم يخبرنا بشيئ ، كل ماسمعناه ان الاضراب تم تعليقه وانتهت الفعاليات .
في المقابل ، زفت الاخبار الاسرائيلية الاخبار بلا ندب لاخفاق حكومتهم ، بل بان كل ما تم التوصل اليه هو اتفاقات على الزيارات ستتحمل السلطة احدها ، وذلك بعد تدخل مبعوث ترامب. فهل كانت المطالب هي من ينسق ويسهل الزيارات ويحافط على ان تبقى اثنتين شهريا ؟ وبعد كل هذا نعرف ان الموضوع كان عند الصليب الاحمر وليس عند اسرائيل ؟
ان يضرب الاسرى او يعلقوا اضرابهم او يوقفوه هذا امر لا نستطيع القول فيه . فهم الجياع وهم المقموعين وهم من يتم ممارسة الضغوطات عليهم ، ولو كانت طلباتهم محدودة فهذا شأنهم . ولكن تبقى المسؤولية في الخارج سابقا كما هي الان . وهي ايهام الشعب بامور غير حقيقية ، والتهليل والتهويل في الحالتين .
فبالشعوب المحترمة يقال للشعب عن اسباب التضمان المطلوب. هل ظنوا اننا لو علمنا ان مطالب المعتقلين لا تتعدى زيارة او تحسين طعام او اجراء مكالمات هاتفية سيقل دعمنا لمطالبهم ؟
بالطبع لا ، بل سنحترمهم.
ولكن ، ما تم فعله بالخارج من خطابات وشعارات وتهويلات لم تمت للموضوع بصلة ، وعليه لم يتم الاهتمام بالامر ، ففجأة كقضية فلسطين تحولت قضية المعتقلين الى قضية تخص بعض الالاف من المعتقلين المتمردين .
واصاب الناس حالة من الانتهاء من المسؤولية والرغبه بالاحتفال بالانتصار وكأننا استحققناه . فجأة هكذا بلا تحضير او استئذان وكأن التزاحم القادم في رمضان لن يحتمل اضرابات معتقلين بامعائهم الخاوية . فنحن دخلنا شهر الصيام وملء الامعاء والمعدات عند الافطار لثلاثين يوما . فهكذا اضراب سيعطل علينا بهجة الصيام .
تكمن مشكلتنا في نفوسنا ، فنحن شعوب لا نحترم انسانيتنا ، ولا نفهم منها الا بعض المستحقات التي ترمى علينا ونتلقفها . كيف نفكر بالتحرر ولا نستطيع ان نفهم ما هي الحرية .
اخجل من نفسي و اخجل من كل ام وزوجة وابنة وقفت حاملة شعارات وجلست لاربعين يوم في انتظار عودة غائب طال غيابه على امل ضغط شعبوي وحكومي يتحول الى دولي من اجل حرية هؤلاء ، فنفض الخيام ونهرول راجعين الى بيوتنا ، انتهى الاضراب .
وقد ينتظر هؤلاء الاهل في عودتهم قرارات جديدة املى بها ترامب على امراء الامر بالشأن الفلسطيني ، تتعلق بايقاف دفع رواتب لاهالي الاسرى والشهداء . ولن استغرب ان يصرف لهم هذا العام بدل مصاريف حج الى بيت الله الحرام … الذي تنتهكه السعودية وتمتص خيراته امريكا ويتلاقف على زواياه مثل البعوض والبكثيريا الزعامات المنتفعة من دماء هذه الامة .
فبنهاية الامر … لا بد ان تستمر الحياة …كما سيقال … ولعل الله يستجيب الدعاء من بقاع الحرم المكي ويفك اسر المعتقلين .