تخطى إلى المحتوى

كشف التحقيقات بجريمة نيفين العواودة  : رواية لا يقبلها سفيه

عندما عرفت بمقتل المهندسة نيفين عواودة، كنت أسمع عنها كغيري لأول مرة. وككل مرة أحاول فهم خلفية مقتل امرأة ستؤول تداعيات جريمة قتلها الى جريمة شرف أخرى . كان الخبر الأول يشير الى الديباجة التي نعرفها عند كل جريمة كتلك. إلا انني سرعان ما اصابني الشك كغيري، امرأة من دورا ، مهندسة تعيش في بيرزيت، لا بد ان الامر شائك. دخلت الى صفحتها على موقع الفيسبوك وكان الامر بلا شك اعظم من أن يكون امر جرائم الشرف المعهودة.وجدت نفسي اقضي ساعات المساء الى بزوغ فجر ذلك اليوم، وانا اقلب في ما كتبته تلك المرأة على مدى سنوات أربعة أو خمسة، وهي تستنجد بكل من يمكن ان يمد يد العون لها، وكانت قد أعلنت على الملأ بأنها تتعرض الى تهديد. ومن أجل هذا لم تتوانى المغدورة عن اعلان اماكن تواجدها، وحتى لون حجابها ، وما الذي اكلته في بعض الايام.

كانت نيفين مؤمنة أشد الايمان بأنها صاحبة حق، وترك الناس لها من الاقرب الى الابعد لن يزيدها الا اصرارا على حقها، وكان الموت هو الحد الفاصل بينها وبين الذين كانوا يهددون حياتها، او بالاحرى كانت هي تهدد حياتهم لأنها كشفت فسادهم وانحلالهم.
لم تترك نيفين بابا الا وطرقته، ولم تترك وزارة او صاحب منصب ومسؤولية الا وراسلته، وكل خطوة كانت قد وثقتها ونشرتها على صفحتها الفيسبوك، ولكن عبثاً.
في تلك الليلة، وبلا مبالغة، لم استطع النوم، شعرت وكأن سكين الغدر الذي اودى بحياتها او تلك اليد التي قذفتها من شرفة المنزل وفق ما قيل في البداية، او اي كانت الطريقة التي استخدمت للتخلص منها ، قد غرزت في روحي. يأس واحباط، شعور بظلم لا يأتي فرجه بعدل واجب، انتصار للباطل على الحق، فساد استفحل بيننا حتى صار بالفعل يودي بالحياة، وصلنا الى مرحلة لم يعد التهديد والتنكيل هو وسيلة الضغط والترهيب وتكميم الافواه بل القتل النهائي وانعدام وجودك شخصاً وصوتاً.
وكثرت كالعادة الاقاويل، ولكن هذه المرأة كانت متعبة في موتها كما كانت في حياتها لاولئك الذين هددت بفضح فسادهم وانحلالهم. وخرج والدها معتذرا ربما منها بعد غيابها عن هذا العالم الحقير لينصفها في موتها، بعد ان ظلمها في حياتها وزمرة الظالمين. وبكل الاحوال كان الاب ضحية منظومة مجرمة قاتلة هو الاخر، ففعل ما قيل له ربما ، ودفنوا الضحية ليواروا سوءتهم وجريمتهم.
ولحظها التعس بالموت كما حظها بالحياة، جاءت احداث القدس لتبعد اهتمام الرأي العام عنها، ونامت القصة لنصحو بهذه الايام على صفحات الاعلام المختلفة معلنة فك لغز الجريمة.

أي لغز هذا الذي تم تفكيكه، واي مجرم ذاك الذي قرأنا مسرحية تمثيله، ما سمعناه وشاهدناه اسوأ من الجريمة الاولى في السكوت عن شبكة الفاسدين الذين لاحقوا نيفين بدل من ان تتم ملاحقتهم.

تبرير اقبح من طبطبة على المجرمين. لا يوجد عاقل او سفيه يشتري ما سمعناه اليوم. من اين ممكن ان نبدأ بالاسئلة لجهاز الامن الذي اعلن عن فك اللغز، أي لغز يا هذا، اذهب الى صفحة المغدورة والمجرمين كلهم هناك.

اي سائق كانت ستذهب معه، وهي انسانة كان من الواضح انتباهها وتيقنها وريبتها من حتى خيالها، يمكن لها أن تثق بسائق تكسي؟ اي هراء هذا الذي تحاولون قذفه في وجوهنا ؟

كيف يمكن لانسان ان يقتل امرأة ويحمل جثتها على ستة طوابق دون ان يلاحظ وجوده احد، حتى سوبرمان لم يكن لينجح بأن يحملها ويطير بها بلا انتباه الناس.

هذه القصة الملفقة لن تزيدنا الا اصرارا على التحقيق في هذه الجريمة.

ما جرى اليوم يستدعي ان نطالب جميعا بان تخرج هذه المسألة ويتم التحقيق بها بمسؤولية وبإشراف الرئيس ورئيس الوزراء ان استدعى الامر، ثم صحيح، اين رئيس الوزراء من هذا الامر ؟ الم يكن هو احد المسؤولين الذين لجأت اليهم نيفين ؟ نحن نطالب رئيس الوزراء بأن يخرج الينا ببيان بهذا الشأن ؟

أين جهاز الامن الوقائي والاجهزة الاخرى التي لجأت اليهم نيفين وطالبتهم وناشدتهم واشارت الى موظفيهم المتورطين بتهديدها ؟

أين وزارة التربية والتعليم التي كانت نيفين تعمل بها وبدأت مشكلتها منها ؟

أين مديرية التعليم في الخليل ومحافظ الخليل ؟

نريد ان نسمع من هؤلاء.

نريد توضيحا منهم الى ما ذهبت اليه امور التحقيق في هذه الجريمة .

لا ان نسمع ان الضحية قد تم قتلها من قبل سائق معجب !!!!!!

المرأة كانت تدافع عن نفسها بشراسة اللبؤات، وتخرجون علينا بهكذا قصة لا يقبلها سفيه .

ألهذه الدرجة يتم تتفيه عقولنا ؟

أين النائب العام والقضاء ؟

ولا اعرف بما اطالب وبمن ، لاني مع الاسف بعد كل هذا لا اؤمن ان هناك جهة رسمية نزيهة من الممكن ان تجري تحقيقا نزيها .

بهذه اللحظات ، المطلوب من مؤسسات حقوق الانسان (الميت) ورئيس الوزراء اتخاذ الاجراءات اللازمة للتحقيق الحقيقي بهذه الجريمة واستدعاء كل المتهمين الذين اشارت اليهم نيفين بأسمائهم ومحاسبتهم ومحاكمتهم.

من المرعب حقا ، ان نعيش في مكان يجول المجرمين والقتلة فيه بلا حساب.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading