تخطى إلى المحتوى

اوسلو.. الحقيقة الفاضحة

على مدار السنوات وفي مثل هذا العام ولأكثر من عقد, ونحن  نتوقف امام هذا التاريخ في زيارة للرئيس الى الأمم المتحدة من اجل القاء خطاب تاريخي آخر, تزامنا مع سنة أخرى لتفاهمات أوسلو (بالصدفة).

واوسلو هذه التي اقتربت من مشارف عقدها الثالث , حتى كدت اظن انها تزاحمني في العمر. نستطيع في حياتنا اليومية ومع التوقف امام مرور سنين العمر في كل مرة ان ننظر أمام المرآة ونراقب مرور الزمن عنا . الا ان أوسلو لا تكبر  لا يمر عنها العمر ولا تتأثر, فلم يتغير عنها شيْ منذ ولادتها . فنحن من شخنا وهرمنا , واوسلو لا تزال تلعب في ملاعب الطفولة المبكرة تنتظر مدرسة مناسبة تحتوي تشوهاتها الخلقية المستعصية.

وقد تختلف هذه السنة ذكرى سنة جديدة في عمر أوسلو عن غيرها , فخطاب الرئيس لا يوجد من ينتظره , فلا قنابل يفجرها ولا طقيع ولا أعيرة فارغة  ولا تهديد بفك سلطة او وقف تنسيق. فلم يبق من الحديث الا اسم هذا المخلوق المشوه واعتراف بوالده الشرعي إسرائيل التي تنتظر , وبثقة صاحب الحق قبول عضويتها في مجلس الأمن .

في ذكرى أوسلو وحفاظا على الأصول  (الفلسطينية) جدد طرفي الانقسام الفلسطيني انقسامهم وتأكيدهم على ان المصالحة لن تأتي .

هذا العام تأتي ذكرى أوسلو لتؤكد بلا ادنى مكان للشك , ان هذه الاتفاقية لم تأت الا لتكمل فصول النكبة الفلسطينية بسواعد فلسطينية.

فلم يبق مجال للشك او التساؤل عن كارثية ما جلبته أوسلو وما تسببت به من ويلات تقاذفت على هذا الشعب. المتفائلون والمتشائمون تساووا في شان كارثية أوسلو. المعترضون عليها والمتحمسون لها . الكل يقف في نفس المكان اليوم : الى أي هاوية رمت بنا هذه الاتفاقية ؟

وككل مرة نحن امة تفتقد الى التفكير المسبق والتدارك في الوقت المناسب . وفوق كل شيْ نحن امة يكثر فيها المحللون والمشعوذون بنفس الكفاءة والثقة . نعرف اكثر من الجميع ونفهم الاف المرات اكثر من الجميع ونعلم بالطبع ما يدبرون وما يخططون لنا .

ونحن بالطبع امة ترفض الا ان تكون ضحية وتخلي مسؤوليتها من المصيبة أي كانت , لطالما هناك من نشير اليه بأصابع الاتهام ونلقي عليه المسؤولية.

عندما حذرنا ادوارد سعيد من كارثية أوسلو , همشناه وتركنا أصحاب المصالح في أوسلو من تهشيمه حتى فقدناه الى الابد. ولا تقف الأمثلة عنده ولا تنتهي بحيدر عبد الشافي وكل أولئك الذين سمحنا بأن يتم تهميشهم لترتفع فوقهم ركاب أوسلو .

ولكننا نفس هذه الامة الساذجة التي اوصلها الاحتلال الى هذا الوضع من التهشيم والتهميش فلم تعد ترى ابعد من وميض بداية يوم جديد في حياتها المهددة بالاسحاق.

فحملنا معنا حلم العودة لاولئك المشتتين في مهاجر العالم منا , واشتقنا لعودتهم بحنين الام المنتظرة  لعودة وليدها التائه. ولكننا سرعان ما اصبحنا شركاء بهذه الفاجعة عندما تكشفت لنا حقيقة هذه المصيبة بحق هذا الوطن الذي سحب منا ليؤكد شرعنة الاحتلال , حتى وصلنا الى هذه اللحظة.

لحظة لم يعد هناك من الأرض ما نفاوض عليها .

لحظة اصبح فيها امن الاحتلال هو جل ما نقدمه من خدمات لوجودنا . المحافظة عليه تعني استمرارنا ان اردنا البقاء. صارت القضية مسألة تسهيلات وبطاقات “في اي بي” ومنصب لاحدهم وبيزنس لذاك وذاك
لحظة أصبحت فيها المفاوضات استجداء للعدو المغتصب ان يقبل بالجلوس معنا ووفق شروطه واملاءاته فقط.

لحظة أصبحت فيها المستعمرات وحدات استيطانية (طبيعية) نستجدي عدم التوسع فيها اكثر من اجل إبقاء قرية او السماح لاهلها بعبور طريق .

لحظة أصبحت فيها المقاومة ارهاب نجرمه نحن .

لحظة انتهى فيها الوطن لشخص نعطيه أهمية بحجم وطن. صار الوطن في بطن بعض اشخاص. وبمصالح بعض اشخاص .

لحظة صارت القضية فيها منحة اجنبية مهددة بموافقة ولي امر دولة , تتحكم في مصير شعب .

لحظة صارت القضية في ابعد اهتماماتها عند المواطن تنتهي عند تأمين معاش او دفع قسط دين او اعالة عائلة بلا تهديد من انهاء عقد عمل

 
لحظة صارت فيها  مخيمات اللاجئين دائمة ، وصارت مركز الفتوة وثكنات للبلطجة الممولة من فاسدي السلطة . اصبح المخيم عبئا على الشعب وثقلا على اصحابه الذين اثقلهم بظلم الزمن عليهم واثقلوه بقسوة التضحية التي جلدت نفوسهم، بعد ما كان فخر الوطن ورمز الصمود وبطاقته كانت تشرح بها القضية.
لحظة أصبح الوطن  فيها استحقاق لعائد . ولمصاب ولاسير سابق. بعدما كان المنفى نضال وشتات والاسر فداء حرية والاصابة عطر كرامة .

لحظة ….لم تعد القضية بعدالتها هي عنوان قوتنا وشريان نبضنا . صرنا قضايا عالقة بلا نبض وشراييننا جفت ونبضنا كان او لم يكن لم يعد لنا او لغيرنا عدل قضية او قضية عدل.
لحظة…… أكدت فيها ان أوسلو هي  المشكلة وبوجودها المعضلة وعرابوها يحلوها ويحللونها ويفككوها امامنا كمن في عرض لا الجمهور يصدق ولا الممثل مقتنع بآدائه

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading