من الظلال الى الوجود
في كل مرة أذهب فيها الى مناقشة لكتاب “في ظلال الرجال” اشعر وكأنها المرة الاولى . أخرج من اللقاء محملة بالكثير من المشاعر الايجابية والتقدير . بلا مبالغة ، ان كل لقاء اضاف الي ما لم اعرفه من قبل . وفي كل لقاء كان كياني يمتليء بنشوة عارمة .
هذه المرة كان لقائي بحيفا ، باستضافة كريمة من نادي حيفا الثقافي والاستاذ الصديق فؤاد نقارة ورفيقة دربه الجميلة سوزي . وكأنك بالفعل تذهب الى بيت كانت حفاوة اللقاء . ولكني هذه المرة كنت محملة بتوقعات مختلفة . ولا اخفي سرا ان قلت ، كانت تراودني بعض الافكار قبل ذهابي بأيام متسائلة : ” ما الذي ستقدمينه بعد مرور اكثر من عام على هذا الكتاب. ما الجديد الذي ستحملينه ، وما الذي ستأخذينه من الحضور ؟” ، وقلت في نفسي اني سأعتبر هذه الامسية كختام مسكوي لعام كامل من هذه التجربة ، فلتكن ما تكون !
لا زلت لا اعرف كيف اجمع كلمات وسط مشاعري الكبيرة التي تدفقت بلا توقف منذ بدء ذاك اللقاء .
سمعت وعرفت وقرأت خلال العام الكثير من الافكار والاراء عن الكتاب ، كنت في كل مرة اشعر بالامتنان والفخر بأن كلامي وصل بطريقة او بأخرى الى الناس. كانت هناك مقاجآت كثيرة غير متوقعة ، فتوقعت هجوما وقراءة معاكسة وتحيز. ولقيت احتضانا واحتواء وفهم تعدى كلمات نفسها .
الا انني بالامس شعرت ان الكتاب لم يعد لي . سمعت كلمات اخترقتني وابكتني . لم اتخيل بأنني سأشعر بهذا الفخر بأنني بتلك الصفحات وما ملأته من كلمات كتبت بلا شك بشحنات من شراييني ، سأستطيع ان اوصل تلك الشحنات لاخرين بهذه القوة .
لا اخفي سرا ان قلت ، انني قدمت هذا العمل وانا اشعر بأنني اقدم قطعة مني ، فبقوته وضعفه كان يمثلني، وكعادتي لا استطيع ان اكتب ما اشعر به واؤمن به ، كان هذا الكتاب نتيجة رحلة عمر كاملة بداخلي ، خضتها بماضيي وبحيواتي القادمة ربما . تمنيت بلا شك كإنسانة تكتب لتوصل رسالة يتم قراءتها ، ان يقرأ الكتاب بما اردته ان يكون ، اكثر من قصة امرأة تعيد تكرار مأساتها ، واكثر من محاولة انسانة تريد ان تسعرض بمعرفتها الفكرية ومخالجاتها الفلسفية ، واكثر من مكاشفات امرأة في مجتمع مغلق ، واكثر من ان يكون سيرة يستطيع بها القاريء معرفة خفايا حياة قد تخرجها الصفحات من بين الكلمات .
أردت ان يقرأ كما تسربت الى داخلي افكاره ، وكما انسابت الكلمات الى شرايين قبل ان اخطها على ورق. أردت ان تكون التجربة انعكاسا لتجربة انسانية ، لا يهم فيها كم الظلم وكم المصارحة وكم الشطحات الفكرية والفلسفية . أردتها تجربة توقفنا امام انفسنا ، رجالا ونساء ، ونتفكر فيما نحن عليه من خلال لحظة صدق نستطيع فيها الرجوع الى اعماقنا والنظر بعدها الى انفسنا .
بالامس ، رأيت هذه التجربة في كلمات كل من قرأ الكتاب وقدمه فيالامسية . شعرت بالضعف والقوة . لأنني كنت مكشوفة عارية من كل ما يمكن ان يغطيني ،كنت كما انا . كان الكتاب يقرأ كأن من كتبه هو نفسه القاريء . شعور بالتماهي كان فوق توقعاتي .
لا تزال الكلمات تعجز عن وصف ما شعرت به بالامس.
الشكر موصول لكل من حضر واعطاني كل تلك الشحنات الهائلة من الحب والتقدير