بدنا نطير طيارات ورق مش مولوتوف
للحظات ، ويمكن لايام حلقت مع فكرة ملء السماء بطيارات الورق . والحقيقة ربما كنت طفولية او ساذجة ولكني رجعت مع نفسي الى تلك الأيام البعيدة عندما كانت طيارات الورق جزء من طفولتنا وبساطتنا.
وسط حقيقة مؤلمة لواقعنا الذي تختلط فيه ذكريات الاحتلال ونجاهد من اجل احياء ذاكرة المكان والزمان والتاريخ المعاش، فكرت ان بهكذا فكرة ، وسط محاولات لإحياء ذكرى نكبة ستتلوها نكسة قادمة ، اننا قد نحمل ذكرياتنا واطفالنا الى تلك الايام الذي كان الامل والحلم فيها يرسم طموحنا وما نريده من المستقبل.
لم اكن خلاقة ولم ابتكر فكرة. ما رأيت من طيارة ورقية تحلق في سماء غزة كان حقيقيا. هؤلاء لا يزالون يبدعون في اصرارهم على الحياة….. ومع الاسف على الموت .
وليس هذا بغريب. فعندما يقابلك القصف والقتل لأنك تمشي في شارع او تخرج لاحتجاج او تلعب على الشاطيء او تكون امنا كما تظن في بيتك ، ويأتيك قصف من سماء يحاصرها احتلال فلا غرابة ان يصبح الموت رفيقا كما الحياة.
ولكن….
لماذا نصر احيانا على عدم اقتناص فرص الحياة وندعو الى الموت بأنفسنا .
نحن شعب غير انظار العالم نحو قضية كان الاحتلال ينهيها عندما رفع طفل فلسطيني حجرا في وجه بندقية .
ليس عيبا ولا عارا ان نقاوم بسلمية عندما نستطيع . وما جرى خلال الاسابيع الفائتة في غزة من مسيرات سلمية من اجل العودة مدهش ويعلم دروسا بالمقاومة وحب الحياة.
قد نضحك احيانا لاستفزازات نقوم بها ، ولكننا نعرف بأن الحرب من اجل التحرير طويلة. ولا تغلب الشعوب بقوة السلاح .
فلو تمعنا جيدا ، فان اسرائيل لم تغلبنا ….بعد. نحن واجهنا كل العالم وبقينا رغم ممارسات القتل والتهجير والترهيب خلال ٧ عقود. نحن لا نزال باقون …ولا يزال هناك انسان منا يخرج ليقول للعالم انا موجود لأكون حرا.
تحويل الطائرات الورقية الى حارقة ، سيدمر كثيرا ، ليس الحظة ولكن المستقبل. سيسرق من ابنائنا بهجة العيش في وقت هناك اجيال من الاطفال يكبرون على محاولات تحليق الطيارات الورقية .
لماذا نريد ان نعطيهم اسبابا لقتل اطفالنا ؟
ما اردته ان نتحدى كعائلات باطفالنا وانفسنا الاحتلال بطريقة تؤكد للعالم اننا شعب يصر على الحياة بصفاء سماء الربيع، بينما نتذكر نكباتنا ونعيش ويلات الاضطهاد.
اتمنى ان يكون هناك عاقل يدرك مخاطر اطلاق طيارات حارقة ….
نريد اطلاق طيارات ورقية نبعث فيها الامل للحياة .
نريد ان نرسل رسائل لاسرانا خلف القضبان،
لشهدائنا في السماء،
لمدننا وقرانا التي لم نعد نستطيع الوصول لها ،
لأحبتنا الذين لا نستطيع الوصول اليهم ،
للاطفال الذين يقتلون في اليمن وسورية ،
نريد ان نتلقى رسائل بطيارات ورقية من العالم الحر،
نريد ان تصل هذه الطيارات الورقية ويلتقطها طفل اسرائيلي ويعرف ان الفلسطيني هذا مثله ، يريد ان يحيا.. .
نريد طيارات ورقية تذكرنا ان هناك طفولة ستنتهي اذا ما استمرت الحروب البغيضة.
نريد اطفالا فلسطينيين يحملون طائرات ورقية في المستقبل ..لأنهم أحرار ..
والحرية لا تأتي بالسلاح فقط…. الحرية تحتاج وعيا ، وادراكا ، وحكمة….
لنبني معا وطنا متعطشا للحرية من أجل الحياة لا الموت