تخطى إلى المحتوى

الحج ومن استطاع اليه سبيلا

الحج ومن استطاع إليه سبيلا

 

لن يتناسب العنوان مع الحقيقة ، ولكن هذه أقصر الطرق للتعبير بلا محاولات للاستفزاز. نستطيع ان نترك كل ما قيل ويقال بشأن جدوى الحج الى السعودية في وقت يتشرد فيه أبناء سوريا واليمن. في وقت تضرب فيه السعودية بقواتها وأموالها علنيا ورسميا دولة إسلامية عربية جارة وشقيقة، يتشرد فيها البشر ويهدم ما تبقى من حجر وتنتشر الأمراض والأوبئة ، وسفك للأرواح والأجساد محزن ومخجل ومخزي على مرأى العين. ومن ناحية أخرى، لا تتوارى الحكومة السعودية اليوم بأخذ زمام العدوان على سوريا، والإعلان بأنها مستعدة للدخول بجيشها لمحاربة سوريا، دولة عربية مسلمة شقيقة.

وكذلك نستطيع أن نتغاضى عن ما يجري من هدر للأموال وصبها في جيوب الرئيس الأمريكي بأي صورة يراها الأخير مناسبة لضخ الأموال إليه بطريقة أسرع ، ولا حرج بما نشاهد ونشهد.

الحج حلم ربما للكثير من المؤمنين. رحلة إيمانية وجدانية لمرضاة الله في طقسها المتمم….لمن استطاع إليه سبيلا.

يبذل الكثيرون تعب حياتهم من أجل هذه الرحلة. يبيعون الأملاك أحيانا ، والمصاغ أحيانا، ويرهنون أحيانا وكثيرا ما يستدينون. ولا نختلف على الأهمية الوجدانية العظيمة في محاولة تلبية نداء الدين لطقس مقدس. وقد يستطيع البعض التبرير أن زيارة مكة لا تعني الرضى عما تقوم به الحكومة السعودية من حروب ضد الإنسانية ونشر بؤر الإرهاب تحت مسميات لم تعد سرية سواء كانت القاعدة في السابق ام داعش وما سيتخلف عنها الآن وفي المستقبل.

قد نبرر أن هروب السوريين الى البحر ولجوئهم الى أي فرصة للنجاة لم يكن شأنا سعوديا مباشرا . وقد يغض الطرف بعض المؤمنين ويظنون أن أبناء اليمن هم قرابين تقدم لحياة آخرة عادلة. ولكن لا أعرف كيف سيبرر المساكين الذين ينتظرون هذا الموسم للحجيج وقد تضاعفت رسوم الحج الى اضعاف غير مبررة وبعيدة عن أي منطق.

لن يرى الانسان البسيط ومحدود الافق مثلي ، الا ترامب يضحك، مؤكدا للامريكيين أنه سيحصل حتى على الجزية من كل العالم الاسلامي وهم صاغرون. أو بالاحرى وهم راضون ،مبتهلون، شاكرون، مقتنعون ان هذه هو السبيل لأجر الله.

في وقت يجب أن يقف فيه كل مؤمن، يسعى بالفعل الى مرضاة الله ، ويبتغي آخرة تدخله جنة ، أمام ما تقترفه السعودية بحق الإسلام والمسلمين، من ظلم وقتل وحروب وقمع واستلاب للموارد والبشر.

في وقت يستطيع فيه الانسان العادي البسيط منا ان يقول كلمته ، ويسجل موقفه ، بأن يعلن امتناعه عن زيارة بيت نحج فيه الى الله وقد دنسه الظلم والقتل وسفك الاموال وهدرها في جيوب الاكثر طغيانا.

وكأن الحج هذا العام ورسميا سيذهب الى الخزينة الامريكية.

لم لا ، ولقد استطاع ولي العهد السعودي تطويع اسياد قومه وتفريغ جيوبهم وخروجهم شاكرين.

لم لا يكون هدفه الان هو تفريغ جيوب من لا مال له اصلا . جيوب من يعيش حياته من اجل لحظة يبتغي فيها وجه الله ، ولكن… يكون فيها وجه ترامب هو البيت القصيد.

لو امتنع العالم الاسلامي اليوم من الذهاب الى الحج لعام واحد ، ستكسر خزينة هذه الدولة الطاغية التي تتاجر بالاسلام والمسلمين بالعلن كما كانت تتاجر بالخفاء.

وهنا تنتهي مسؤولية القيادات والحكومات التي ننعتها بالفاسدة والظالمة ، وتبدأ مسؤوليتنا الشخصية. نحن المساكين من هذا العالم الذين ندعي ان هؤلاء الطغاة يتاجرون بنا وان لا حول لنا ولا قوة.

المؤمن الحقيقي هو ذلك الذي يرفض الظلم والقتل لأخيه الانسان ولا يشارك بدعم الظالم بأمواله ونفسه.

لو كان هناك إسلام حقيقي ، لعرف المسلمون كيف يردوا على ظلم السعودية وحلفائها، وقاطعوا الحجيج حتى يتم تطهير بيت الله الحرام ممن يدنسوه، أو بأقل الايمان حتى يهتدوا عن ضلالهم وظلمهم.

الحج في هكذا أوضاع دامية ، حارقة، مظلمة لشعوب تنتهكها السعودية وحلفائها خطيئة من المؤمنين الحقيقيين.

نحن نعبد الله ابتغاء لمرضاته ، لا لمرضاة آل سعود ، ولا يمكن أن تكون صكوك الغفران للآخرة من مداخلهم.

ومضاعفة رسوم الحج تؤكد أن من يقررون يعرفوا جيدا ، أن الإنسان منا ، حتى الفقير الى الله في جيبه ، فقير في عقله ومعدم في قلبه ،اذا لم يحركه شح جيبه الى حك عقله والتفكر بكم الأموال التي نساهم فيها جميعا من اجل قتل المسلمين من حولنا تحت راية الله.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading