كم كانت مصادفة؟ حادثة يذهب ضحيتها شاب عشريني إثر إيجاده ملقى ميتا في ساحة فندق الميلينيوم (الموفنبيك سابقا) بمدينة رام الله،بعد رميه من أحد غرف الفندق من أحد الطوابق، وقد تعرض الجسد لعدة طعنات قد تكون أدت الى مقتله قبل رميه من النافذة ، ليظهر المشهد وكأن الضحية رمى بنفسه منتحرا. تذكرون بلا شك حادثة نيفين العواودة، التي وجدت كذلك مرمية في ساحة عمارة السكن الذي كانت تسكن فيه بمدينة بيرزيت، ليظهر الحادث وكأنه حادث انتحار اخر. في القضيتين لا تزال أرواح الضحايا تحوم غضبا وربما يأسا من ظلم لا ينهيه الموت ، ولا يكشفه. في القضييتين مواطنين بسيطين ،على ما يبدو رأوا عوجا وظنوا أنهم يستطيعوا إصلاحه. مواطنان بسيطان، لدرجة لم يفهما ،ان الحق في بلاد تغيب عنها الأخلاق وتتربع فيها الانحلالات بالفساد لا يستطيع الخير فيها الانتصار على الشر. لا يمكن الا الدفاع هنا عن نيفين ورائد ، لأنهما الضحية. لأنهما لم يعودا ليقولا ما جرى . لن يسألا عن الحقيقة الا في يوم منتظر بآخرة لا يعلمها ميقاتها الا الله. وكما في الحالتين ، قد تبدو الجريمة عادية ، شخص كاره ، او حاقد، او فاسد ، قتل آخر. ولكن كما في المرتين ، ردة فعل الجهات المسوولية هو ما يثير الريبة ويجعل الامور مأساوية أكثر من مأساويتها على اصحابها. في الجريمتين كذلك ، تم التحفظ والتكتم على سريان التحقيقات ،وبطريقة أشبه بالافلام المصرية الرديئة عثر على الفاعل .او الفعلة. وكما في كل مرة ، لا يزيد الامر الا اثارة الرأي العام ، والتخبط والبحث عن حلول بديلة ،تشفي غليل الأفراد أصحاب العلاقة ، سواء كانوا من طرف الضحية او المتهم. فشل النظام السلطوي السيادي بالتحقيق بنزاهة على كافة الاصعدة لانه كما يتم تداوله من اشاعات صارت الان اكبر من الجرائم المرتكبة ، لتورط مسؤولين بهكذا جرائم . في الجريمتين وصل الامر الى رئيس الوزراء، الا انه وفي هذه المرة ، تم زجه مباشرة في خلفيات الجريمة والتطاول عليه شخصيا والمساس به. وهنا يأتي سؤال مهم أكثر حول هذه الجريمة ، فمن يريد إقحام رئيس الوزراء بشخصه لا بد جريء لدرجة يمكن من خلالها قتل ورمي المزيد من الضحايا . هذه الجرائم قد تكون عادية ، تؤرقنا لبعض الوقت ، وتصدمنا ربما ، اذا ما تم التعامل معها بالطرق القانونية الطبيعية. المساءلة يا اخوان . المحاسبة. كيف سننهض بوطن، يستشري الفساد فيه بأبجديات امن المواطن ؟ كيف يتم قتل انسان ورميه في وسط ساحة في فندق شهير ، اقل ما يقال ان الكاميرات فيه على مدار الساعة لاهمية من يدخلون اليه ، وينتهي الموضوع باثارة بعض الشائعات عن الضحية ، وزج بعض الاسماء لاشعال فتيل الفتنة أكثر ، لينتهي الموضوع على فراش عطوة وبعض الدنانير….. كما حصل في جريمة نيفين.. التي انتهت بذبيحة وسبائك ذهب. الفرق في الجريمتين ، ان عائلة رائد الغروف تشعر بعمق الاذى الذي لحقها من خسارة ابنها ظلما. ان الاموال لن تتستر على جريمة بشعة لا يجب المرور من محاسبة مرتكبيها . وعائلة احد المتهمين في هذه الجريمة كذلك ، لا يقبل عقلهم فكرة ارتكاب ابنهم هكذا جريمة ، في ما يبدو زجا له في امر لا يعلم به. بين براءة المتهمين وبين ارواح الضحايا . بين المجرم الحقيقي او المجرمون الحقيقيون وراء هكذا جرائم ، يبقى المسوول الاول والاخير هو نظام السلطة المتمثل في هذه الحال بجهاز الشرطة وما يترتب عنه من اجهزة تحقق وتقاضي وتحاكم. يجب أن تحسم مسألة سيادة القانون . لقد وصل المواطن الى درجة يأخذ حقه فيه بيده. لا سوجد امن ولا امان . الكل منتهك ومعرض للقتل والاتهام … لأن هناك فاسد ما ، بداخل منظومة فساد متحكمة ، يظنانه يستطيع التملص …. ويستطيع.