فصل المقال ما بين الحكمة والشريعة : شحرور وبلال

فصل المقال ما بين الحكمة والشريعة (شحرور وبلال)

 

تمهيد

 

وقف الدكتور بلال (زرينة) بكل ما آتاه علمه على منبره وبدأ مناداته للآذان.

وفي السماء استمر الدكتور (محمد) شحرور بالتحليق تردد باقي المخلوقات ما تردد للارض من طرب صوته.

تعرفت على محمد شحرور من خلال محاضرات بلال زرينة. فما اعرفه عن شحرور لا يتعدى بحثا صغيرا ، ومحاولات امي غير المنقطعة عن ارسال فيديوهات له، واحدى اخواتي مبشرة دائما به.

فلا يقف شحرور في هذا الصدد بمكان جيد عندي.

أما بلال فهو استاذي، واستمتعت وتعلمت في محاضراته من افضل ما تعلمته في هذا الصدد، وبسببه انفتح عالمي بالفلسفة الاسلامية على مفكرين عرب ، من ضمنهم شحرور.

ما اعرفه عن شحرور انه مفكر عربي له العديد من الكتب وعشرات المحاضرات على اليوتيوب ومئات الحلقات التلفزيونية المسجلة.

بلال ،فلسطيني حصل على الدكتوراة بالفلسفة الاسلامية من الجامعة الاردنية ، وتخصصه بالشريعة الاسلامية التي درسها بجامعة القدس، يعمل محاضرا واماما في منطقة سكناه.

شحرور ،سوري، درس الهندسة بالاتحاد السوفييتي وحصل على الدكتوراه فيها ،

 

آعرف ان بلال أشعري الفكر والانتماء

واعرف ان فكر شحرور يتوافق مع فكري.

ولأن بلال أشعري ، فهو من مدرسة ينتمي اليها الغزالي.

ولأني لست اشعرية ولا ظاهرية ولا معتزلة، فميولي كانت تتهافت عند ابن رشد.

ولأن تخصصي هو الغزالي في نقده ، بلال تخصص في شحرور في نقده ،

فهناك ما يمكن ان نصفه بتهافت التهافت .

تهافت التهافت هو العمل الذي قدمه ابن رشد في نقده للغزالي وعمله تهافت الفلاسفة.

تهافت التهافت جعل من ابن رشد خارجا عن صف الاشاعرة وعليه اطلقت الاحكام ، وكانت نهايته بما رأيناه في فيلم نور الشريف عنه بحرق كتبه ( هناك طبعا وجها اخر للحقيقة ليس بتلك المزساوية في حياة ابن رشد) ولكن تبقى رمزية حرق الكتب مهمة واساسية فيما آلت اليه امور الفكر في الدولة الاسلامية حتى يومنا هذا.

المشترك بين الغزالي وابن رشد كثير ، على الرغم من وضع كل منهما في مكان متنافر ، فكليهما من علماء ” البلاط” ومهما اختلفا ، فهناك ما يحدد توجههما وفكرهما الحقيقي.

كلاهما قضو حياتهما بالبحث والقراءة ، ابن رشد كان قاضيا والغزالي كان مدير مدرسة (جامعة) .

لكل منهما كتاب على الاقل يشكل علامة فارقة في ارثهما الاسلامي ، الغزالي قدم احياء علوم الدين ، وابن رشد قدم فصل المقال ما بين الحكمة والشريعة.

بالفلسفة قدم الغزالي على الاقل عملين اساسيين في هذه الخانة ، المنقذ من الضلال وتهافت الفلاسفة.

اما ابن رشد الذي كان ارسطوليا بجدارة فقدم المدخل للسياسة في مدارسة لافلطون ، وتهافت التهافت في الرد على الغزالي.

ما بين الغزالي وابن رشد مسافة القرنين من الزمن . ولكن بلا شك ، فان الحراك الفكري في حينه بغض النظر عن اختلافنا مع واحد لمصلحة الاخر وبالعكس، كان وما يزال ملهما.

تخيلوا انه في ذلك الزمن، كان المفكر اذا ما اراد نقد مفكرا اخر، يكتب فيه كتاب.

تأثر بلا شك بالنهج الاغريقي في حينه من خلال انفتاح الحقبة الاسلامية تلك على الترجمات العديدة لارسطو وافلطون والفلسفة الاغريقية بالعموم.

اليوم طبعا ، ان حظ بلال اكبر من حظ ابن رشد ، فهناك ساحات وسائل التواصل الكثيرة ، وشحرور حي يرزق.

وبما ان بلال الاشعري الوجدان يرد يهافت ما جاء فيه شحرور ، فان موقف بلال اقوى .

فنحن امام تهافت التهافت ، ولكن بقلم بلال ضد شحرور

ومحاولتي هنا بفصل المقال فيما بينهما ، لأنني أفكر ان بلال يمثل الشريعة مهما حاول التحاور مع الحكمة. وشحرور يمثل الحكمة في محاورته للشريعة.

ولأننا في هذا الصدد نبقى في محاولات اغريقية للمعرفة ، فقد يكون بلال ممثلا لارسطو في نقده لافلطون ، وتفوق الطالب على استاذه.

اذا ما وضعنا بلال مكان الطالب وشحرور مكان الاستاذ.

ولكن لان الاثنين يقدمان ما هو مهم لحراك الفكر في العقل المسلم المستقيل كما يصفه شحرور ، فان الاثنين اساتذة.

وعليه ، وفي هذا الصدد، سأكون انا الطالب (آرسطو) الذي وقف في وجه استاذه (افلطون)

…….

يتبع

اترك رد