تخطى إلى المحتوى

رمضانيات ١٦: أحبها حتى قطع عضوه الذكري في لبنان وحفلات رمضانية راقصة في فلسطين…..ورزان كانت ملاك رحمة وبقيت…  

أحبها حتى قطع عضوه الذكري! هذا ليس جزء من مسلسل رمضاني، فالمسلسلات الرمضانية مليئة بالحب الممكن. هيفاء يحبها الجميع ومن مختلف الجنسيات وبالتأكيد الطوائف، فلعنة كارما لا تتعلق ببديهيات مشاكل المجتمعات. وبتانغو يكفي إغواء رقصة لتشرعن الخيانة الزوجية، فالدين والطائفة لا شأن لها بقوة الحب. الحب يغلب بالمسلسلات ، والشغف يسطر الأحداث. أما بالواقع ، فلبنان لا تختلف عن الصعيد ولا النقب ولا السلط، بل تبتكر في التخلف والكراهية عندما يتعلق الأمر بالشرف! الطائفة، العشيرة، الدين.
في إحدى المناطق اللبنانية أحب شاب إمرأة من الجبل وتزوجها . وفي يوم المصالحة هجم أخوة العروس وخالها على الشاب، وتخاصموا لوهلة، بعد إبراحه ضربا عن كيفية العقاب .فقرروا بعد الأخذ ينصيحة الخال،بتر عضوه أولا، ثم جره الى ساحة البلدية وقتله هناك. فبتروا عضو الشاب وتصوروا الى جانبه ،ثم جروه الى الساحة لذبحه وتعليقه على عامود. هناك تفاجأوا بوجودالشرطة ، ونقل الشاب الى المستشفى. اما العروس فمصيرها لا يزال مجهولا.
هذه هي حقيقة حياتنا العربية. مهما حاولت الدراما تزيينها بمظاهر عصرية ولكنات مختلطة بالانجليزية والفرنسية، فإن التخلف لا يزال هو الغالب.
 
وفي واقعنا النضالي ،ما يتم تداوله لا يختلف عن حقيقة ما يجري، لأننا نعيش في الحضيض. نتاجر بالموت وننتصر له وننسبه لنا. الشهيدة رزان النجار ، ملاك الرحمة الذي قنصته رصاصات الوحشية، يتسابق المتاجرون بهذه القضية على نسبها لهم. تتصدر صور الشهيدة كل الفصائل ، فهي الرفيقة والأخت والمناضلة والإبنة البارة لفصيل ما . ولقد رأيناها وشهدنا بأم أعيينا لمن انتمائها . هؤلاء الذين يتسابقون من أجل إحراز هدف في مرمى خصمه ،لا يأبهون باستخدام الشعب ككرة يركلونها بأي اتجاه . المهم أن يسجلوا هم هدفا لمصلحتهم.
كم هو مخزي اختطاف الشهادة بهذه الدناءة من الاخلاق. يذكرني المشهد بقصة البؤساء ، ولأننا بالدراما ، هناك مشهد من الفيلم العربي لفريد شوقي وبوسي في حينه ، عندما يهجم البؤساء على ضحايا وسرقة ما تركت أجسادهم من مقتنيات ، بدل من الحزن عليهم واكرامهم بدفن اجسادهم المذبوحة.
ولكن رزان كانت قد صعدت قبل محاولاتهم الوضيعة بسلب بطولات الشعب من أجل حريته. حلقت رزان كملاك حقيقي تذكرنا كيف تصنع البطولات . كيف يحب المرء وطنه. كيف يبذل المحب حياته .
في غزة قصص بطولات لا نفهمها نحن المستكينين لمذلة الإحتلال . شهيد يستقبل شهيد. لا نكاد نتعرف على احدهم حتى يدعو اليه رفيق بطولة آخر. من ياسر مرتضى ، الصحفي الذي ارتقى شهيدا بعد إصابته ، والذي كان يوثق قصة المسعفة رزان.
تبقى أفعال رزان وأمثالها من أبطال شهداء وأحياء على درب الشهادة هي الملهمة لنا ، بخير في هذه الأمة.
كلمات رزان ستبقى كما روحها المحلقة كملاك رحمة أبدي ” راجع ومش متراجع …وارشقني برصاصك ومش خايف…وإذا كل يوم هكون بأرضي سلمي وبأهلي حاشد ..مستمرون….جمعة من غزة الى حيفا.”
لو علمت رزان أنها كانت تحلق في سماء حيفا وبنفوس وعيون كل الباكين عليها وعلى الوطن النازف.
وبينما تودع غزة شهدائها وتداوي مصابيها ويعيش أفرادها وعائلاتها الجوع والعوز في شهر الفضل والكرم ، تنتشر في وسائل التواصل صورا من نابلس. لسهرة رمضانية نجمها محافظ المدينة. بسلسلة الصور المنتشرة حفلة راقصة على ما يبدو في نفس المكان ، اراد من نشر الصور اخبارنا انها مرتبطة بصورة المحافظ على المائدة الرمضانية .
بالنظر الى الصور المختلفة ، أظن بأن الصور ليست مرتبطة بنفس الأمسية ، فمن نشرها أراد ربط مشاهد الرقص والمائدة الرمضانية التي يجلس عليها المحافظ.
بكل الأحوال فإن المشهد محزن مخزي. ليس بسبب الحفلة والمائدة ، ولكن بسبب الحقد الذي نعيشه كشعب. بسبب عدم الإحساس والتفكك.
في وقت يلملم هذا الوطن جراحه ويذرف الدموع على فلذاته ، فهناك من يعيش حياته منا بلا طرفة عين تؤثر في نظره لمجريات ما يحدث. ما يدور من خراب وقتل وظلم وحصار في غزة وغيرها . يستصرخون من هناك في سجن كبير يشهد عليه العالم ويبذلون أرواحهم في سبيل ايقاظ العالم الحر من غفلته …فلا مستمع ولا مستجيب.
وإن كانت هذه الصور مرتبطة بنفس الحدث، فما يراد إثارته مرتبط برمضان أكثر من ارتباطه بما يجري بغزة. وكأن البنات المتمايلات رقصا يخدشن حرمة الشهر الفضيل ، وما نشاهده على الشاشات من هيفاء واخواتها ورديفاتها عادي.
طبعا عادي، فنحن نشاهده في خلوة بيوتنا!
الموضوع اكبر من صورة يشارك فيها محافظ نابلس الافطار الراقص او العادي. هذه الصورة لا تقتصر على هذا المكنا وهذا الحدث . انها صورة نكررها جميعا . يوميا …. برقص أحيانا….
أما الشهداء رزان ورفاقها..فلنتركهم بعيدا عن سوءاتنا…
اختم بمنشور للصديق جبرا الشوملي:
” لا تقتربوا من رزان
رزان ليست حورية لأحد منكم
رزان ممرضة الله
الله الذي أصابته رصاصة غادرة على الأسلاك في غزة…
 
رمضان ….كريم

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading