تخطى إلى المحتوى

جولة ما بعد رمضانية بالمسلسلات

جولة ما بعد رمضانية بالمسلسلات

 

إنتهى رمضان بثقل المسلسلات أكثر من ثقل الظمأ والجوع. وكالعادة بدأت المسلسلات بموسمها الرمضاني بنفس النهم والتشجع لما هو جديد ومفاجيء ، كما تصبو النفوس لتغيير وجداني من الصيام .

ولكن حالنا العروبي واحد ، لا تنفصل فيه المسلسلات عن واقع معاش. فصيامنا ومسلسلاتنا وجهان لعملة انسانية واحدة!

مصابنا في واقعنا ،كمصابنا في إيماننا، ولكن هناك ما يدفعنا دائما نحو أمل لما هو أفضل. ومع كل رمضان ،نحاول دخول الشهر الفضيل، بفضائل سرعان ما تتحول إلى مصائب. وننتظر مسلسلات بشوق ينتهي الى ملل ذريع.

هذا العام كان مميزا بعدم وجود باب الحارة. ولكن على ما يبدو أن كل المسلسلات أصبحت حلقات منبثقة من باب الحارة.

الهيبة بعودته، كان مبتذلا يخلو من أي ابتكار حتى في شكل تيم حسن وحسناواته الجدد. تركيز على الأشكال والملابس والطلات بدل من التركيز على الآداء… أو بالأحرى هناك ما هو مجرد الا من التفنن بأننا أمام أداء لا فن.

وبعد الشكل والهيبة يأتي مضمون المسلسل الذي يحول المتابع من فتوة باب الحارة لفتوة رجال العصابات وتجارة الأسلحة. فتصبح أخلاق تجار السلاح والعصابات هي فضائل الإنسانية التي نتمثل بها.

ولم يكن الهيبة هو الوحيد في تحويل عمل العصابات من أسلحة ،أو مخدرات، أو تبييض أموال أو اختلاس إلى فضائل يتغنى بها النجوم بين أخلاق أبن البلد الجدع وبين التغاضي عن الأسباب أمام ترف الحياة. فكما في موسم سابق تحول محمد رمضان إلى أسطورة، كان هذا الموسم مليء بمحاولات “الأسطرة” للممثلين بشخوصهم.

أيوب تجسده مصطفى شعبان ، وكان رمزا يفتخر به حتى عندما تحول إلى نصاب يسرق الملايين بضربة معلم واحدة. ولهذا الرجل الجدع ،يمكن أن نتقبل كيف يضرب أخته الجشعة ضربا مبرحا ، ويترك زوجته الخسيسة تتعرض للإغتصاب بلا رحمة منا ولا شفقة نحن معشر الجمهور.

رحيم ترحم علينا بياسر جلال ، ليغير وجهة العائلة من رامز جلال . لا أعرف إن كان هذا الموسم هو الموسم القاضي على نهاية رامز ومقالبه ، ولكننا تعلمنا انه كلما زادت السخافة علت المشاهدات… ولكن رحيم كان متزنا ، عريض المنكعين، بإطلالة لحية تجعله وقورا ، وجاء ليدعمه رامبو الأفلام المصرية أحمد السقا في مشاهد تشجيعية.ولكنه على ما يبدو أنه كان يعمل حتى أخمص قدميه في تبييض الأموال ، فحراكه لم يتوقف على اي عمل ممنوع في عرف القانون ، ولكن في عرف الأخلاق ، كان رحيم الأرحم ، ولا أعرف ،ولكني كمشاهدة لم أفهم أبدا ما الذي كان يجري بذلك المسلسل من حيث عمل رحيم ،الا ما كان من مطاردات انتهت بانتهاء حياته، الكثير الكثير من الممثلين.

لم أتوقف كثيرا عند محمد رمضان ومحاولته بدخول الاسطورية من خلال بدلة عسكرية هذه المرة. أداؤه مبتذل لدرجة تصبح مملة.فأنا لا أعرف هل أشاهد من يحاول تقمص أحمد زكي أو محمد رمضان في مسلسل الأسطورة؟

باسل خياط، جمع بين كل السفه الفني، بين رجل عصابات خائن ، وبين رجل معتوه مهووس بزوجته. في المسلسلين قضى باسل على الفنانين الآخرين معه ، وكان كل من مثل معه وكأنه كومبارس في حضرة باسل خياط.

لا أعرف متى تحول باسل خياط لأحمد رمزي الدراما المختلطة في تمثيله؟ كل شيء في آدائه مبتذل ويركز بوضوح على شخصه. فأنا أشاهد باسل خياط ولا أشاهد الشخصية التي يتقمصها . هناك سطوة في آدائه تقضي على العمل. وهذا العام قضى علينا بعملين….لا واحد، بين رقصة تانغو ختامية كانت سيئة للغاية بتجسيده للرقصة الأخيرة بعد الكثير من المشاهد للرقص من قبل الممثلة المصاحبة خلال حلقات المسلسل. وبين رحلة، لا يترابط فيها أي شيء ، فأضاعت الفكرة وارتطم أداء الممثلين باستعراض لا نهائي، جعل الفنانة المصرية ريهام عبد الغفور تصارع خلال المسلسل بين آداء رائع وبين انسياب مع استعراض الممثلين الاخرين.كما في تانغوا أدت الفنانة السورية دانا مرديني دورا رائعا، أضاعه سطوة باسل خياط على المسلسل.

سلسال الدم بدا وكأنه مختلف بعض الشيء. لا زلت لا أفهم المشهد الذي تكلمت فيه عبلة كامل مع الأطفال بينما كانوا يحملون طائرة ورقية رسم عليها نجمة داهود. ولا أظنني استمتعت باللهجة الصعيدية المركبة من قبل أكثر الممثلين ، فجهدوا وجاهدنا بالمتابعة.

في المسلسلات النسائية، قدمت كل من يسرا وغادة عبد الرازق ونيللي كريم مسلسلات بحبكة معقولة ، واداء جيد الا من المبالغة في ملء وجه يسرا بالبوتكس والفيلر لدرجة لا يستطيع المشاهد فيها تحمل رؤية وجهها المنفوخ بطريقة مؤلمة. غادة عبد الرازق كذلك تداركت ربما الكاميرات نفخ وجهها الذي يجعلك تفكر انها مصابة بابو دغيم.وبين محاولات الظهور بوجوه ممتلئة بإبر الشباب، تحاول الممثلات الظهور بما يمكن وصفه بأنه بسيط من الملابس. فتصبح الفنانات في هذه الحالة بعيدات عن ابتذال الفنانات الأخريات من صخب وصوت عال والكثير من المكياج والاستعراض.. فهكذا ضاعت كل من روجينا وحنان مطاوع وشيرين رضا في تركيز لا يمكن عدم ملاحظته على مظهرهن من لبس وصياح ،بالمقارنة بهدوء وبساطة ملابس غادة ويسرا.

نيلي كريم تبقى متزنة ، كذلك بمن يرافقها من ممثلين…..الا من الممثل الشريك بالبطولة بدور سليمان عبد الدايم، الذي قام بدوره الممثل محمد علاء… لا أفهم سر هذا الممثل منذ قيامه بدور الإبن المعقد نفسيا في مسلسل ميرفت امين رمضان الفائت. غريب عالم الفن واحتياجاته وانتقائه للنجوم..أو الكواكب….

لا يهم ما الذي جرى مع جوقة مسلسل هيفاء وهبي بكارما . فمنذ الحلقة الأولى وتتصدر هيفاء وهبي بوجهها وجسدها ما بين صدر ومؤخرة المشاهد ، لتترك كل الممثلين وراءها يتلهثون وراء شكل ما، عليهم اللحاق به من أجل الظهو ببعض البريق الذي تسطو عليه هيفاء.

وعالم هيفاء وهبي كعالم كيم كردشيان. فمن جعلنا نعيش اليوم الذي نرى فيه هيفاء وهبه فنانة ، لن يكون غريب عنه تكون فيه كيم كارديشيان رئيسة للولايات المتحدة الامريكية.

لا يمكن عدم التوقف كذلك أمام استعراض ندين نجيم الذي ينافس فقط باسل خياط بالأداء المبتذل وما يشبه تلقين الدروس بالفن والأخلاق والمباديء والشكل طبعا.

فلا يختلف تركيز صناع موهبة ندين نجيم عن مكتشفي هيفاء وهبه… في مسلسل الطريق ، تهنا بأداء مخيب لعابد الفهد بدور يغلب عليه صوت يأكل نصف الكلام ولباس رعوي لغني جاهل أمام أناقة وجمال وتعليم ندين!وتحييد لفنانين كبار في عالم الدراما السورية كما حصل مع وفاء الموصللي وعبد الهادي الصباغ.

وأنهي بعوالم خفية، الذي قدم فيه الفنان الكبير عادل إمام إستراحة رمضانية مرضية (بضم الميم) أمام كم الخيبات في الاستعراض الرمضاني من كل درب.

عادل إمام فنان عظيم بكل المقاييس. في هذا المسلسل، بغض النظر عن عدم تمكن الحبكة، وصوت رانية فريد شوقي بإلقاء لنص رواية بلغة تحتاج للكثير من التدريب على مخارج الحروف والسرد. إن ما قدمه عادل إمام عمل شامل مناسب لرمضان. الكثير من الإشارات للمشاكل الإجتماعية والسياسية والثقافية. إضاءات مهمة على أخلاقيات المجتمع بين تردي وتمسك. إعطاء فرصة لكل ممثل وممثلة وكأن كل فنان يقدم عرضا عالميا لمشوار فني قادم.

عادل إمام…بعمله قدم فريقا متكاملا ، ممتعا ، هادفا ، سجل في مرمانا بنهاية الحلقات بعدا مفاجئا للقصة…. أعاد فيها العيون نحو الراحلة سعاد حسني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading