تخطى إلى المحتوى

مقر اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين…أدب من ذهب

مقر اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين…أدب من ذهب

عرض الصديق الشاعر مراد السوداني، الأمين العام السابق لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين صورا لمقر الاتحاد المزمع بناءه في سردا بجانب المكتبة (التي كانت من المفترض أن تكون قصر الضيافة).

في المنشور الأول، كان الخبر جيدا، فالرئيس تكرم بمنح الأرض وأقر البناء بمرسوم رئاسي (الحقيقة انني لا أفهم في هذه التفاصيل الرئاسية) ولكن الامر بدا وكأنه شأن مهم. وهو مهم… فمن المهم ان يكون هناك مقرا لاتحاد الكتاب والادباء.

تخيلت مقر الاتحاد بشكل الكتاب وهيئتهم. في نهاية الامر فالكاتب الفلسطيني متواضع الحياة، كباقي أبناء شعبه، وهو في اغلب الأحيان مسكين لا يجد من ينشر كتاباته ويستجدي دور النشر في يومه العادي.

يعني حال الكاتب الفلسطيني، كحال الكتاب بشكل عام في شتى الأماكن. ولكن لان الكاتب الفلسطيني يعيش تحت احتلال، فقد يكون وضعه أكثر اختلافا وأقرب لان يشبه بكتاب الصعاليك.

هذا في تخيل الكاتب الفلسطيني مع وضع حياته اليومي.

الحقيقة انني لم أستطع ان امر عن الصور التي تم نشرها عن مخطط او مجسم للموقع الجديد واركانه الداخلية المختلفة.

في البداية تخيلت انني وسط ديوان ملكي في عهد العباسيين والايوبيين والعثمانيين. تخيلت كيف كانت تكتب الكتب في ماء الذهب، وكيف كان الغلمان يمسكون بلفائف البردي وكيف كانت الجواري تعطر الورق وكيف كانت تهيأ للكاتب الأجواء على فراش من ريش النعام وخصيان وغلمان يحيطون به من اجل راحته وربما كانت الجواري والمغنيات والعازفات والراقصات تستعدن لتهيئة الراحة للكاتب الاديب.

ثم طار من مخيلتي المشهد وتذكرت احدى قاعات الأمم المتحدة بينما نظرت الى عرض الصور. ام ربما قاعات الجامعة العربية او ديوان المؤتمرات لأمراء الخليج.

ثم تخيلت انني في حفل زفاف لمغتربي فلسطين يلوحون بالكوفية ونقوش التطريز من كل درب.

لم تكن مخيلتي الخصبة التي استوحت هذه الأفكار، ولكنها بلا شك ستكون تخيلات من يرى الصور.

قد يكون هذا النوع من البناء والرفاهية والبذخ المفرط مناسبة لدول الخليج الذين يطبعون الكتب عندهم ربما بالفعل بماء الذهب. ولكن كيف لي كفلسطيني ان اتعامل مع هكذا مشروع في وقت تخلو الكتب في فلسطين من ابسط قواعد النشر والحقوق. كيف لي ان اتخيل كاتب لا يستطيع نشر كتابه بسبب الأسعار الخيالية للنشر وغياب الدعم الحكومي وتفرد التجار بالمطبوعات، ناهيك عن السرقة الأدبية والطباعية، وغيرها من المشاكل التي يمكن عدها ولن أتمكن من حصرها في مقال كهذا.

ان كان هناك ما هو مرصود بالفعل من اجل هكذا بناء فخم، اليس من الأولى الاهتمام بأمور الكتاب بدء من ابجديات احتياجات الكتاب في بلاد تستطيع حكوماتها توفير هكذا مبنى لاتحاد؟

كيف سنتعامل مع الممولين كاتحاد يحاول اقصى جهوده لبناء الشراكات والتفاهمات؟ لو كنت ممولا لطلبت التمويل ، في لحظة وقع عيني على هكذا مبنى!

ثم لنضع كل هذه الشكليات على جانب …….

أين تواضع الكتابة والادب في هكذا مبنى؟

الاتحاد يجب ان يعكس حال الكتاب حتى ولو كان هذا الكاتب مترفعا مغترا بنفسه، لأن الكاتب انعكاس بالمحصلة عن ثقافة مجتمع كامل. كيف سأقدم نفسي ككاتبة بالكاد تستطيع نشر كتاب بجودة متواضعة، وتنتظر لحظة انتباه ناشر لما تكتب لعل وعسى، في هكذا اتحاد؟ لن أجرؤ حتى ان أفكر بالانتساب لهكذا اتحاد خجلا من تواضع حالي.

كفانا هرجا ……

فالأدب الفلسطيني متمثلا بالكتاب هو ما سيحفظه التاريخ….

نحتاج استثمارا بالكاتب والاديب والمثقف …

نحتاج ان نستثمر بالطاقات الإبداعية واكتشافها وتبنيها …

نحتاج الى مقر بسيط يعكس الثقافة في نبلها …بغزارة المعرفة… لا فخامة المباني والتصاميم الفارهة الفارغة التي لا تعكس الا مأساة يصر كل من يمسك في زمام امر ان يؤكد على توطيدها.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading