تخطى إلى المحتوى

العطاري ودليل ملقط الحواجب : التحايل والاستخفاف بالعقول

يبدو الأمر هزليا إذا ما قررنا النظر الى الموضوع من خارج الإطار وكأن الأمر لا يعنينا. فيلم عربي سيء مرة أخرى، ولكن في نهاية الامر، الأفلام تشكل حالة الطلب. فالسوق عرض وطلب، وإذا ما كان المشاهد سيء الذائقة، محدود الذكاء، فاقد لما يحمله الفن من معنى الا مما تشاهده عينه من مشاهد وصور. فمن الطبيعي ان يكون الممثل وما حوله من طاقم منتج ومخرج وغيره بهذا المستوى السيئ من كل شيء.

وحالنا في هذا الأمر كمشاهدين، لا يختلف عن حقيقة الممثلين في هذا العرض الهزلي السيء الصنع. فنحن نكتفي بتدمير أعيننا بمشاهدة سيئة وطمس أدمغتنا بالمزيد من المواد الخاملة التي تمسح ما تبقى من مكان للتفكير السوي.

ومرة اخرى، ليست مصادفة خروج روح نيفين العواودة التي أزهق جسدها ظلما، وبيعت روحها قصرا بين العطاوي والعشائر، وتغييب، او لربما تمكين لقانون يحكمه الوحوش. فاللاعبين على ما يبدو هم أنفسهم. سواء تكلمنا عن جريمة اغتصاب لروح امرأة وزهق حياتها، أو اغتصاب لبيوت مدينة تسمى القدس وتشتيت روحها كذر الرماد.

القدس عروس عروبتكم…. لا بد تذكرون كلمات مظفر النواب!

القدس تلك الفاتنة التي يتم اغتصابها وينتظر القوادون أخذ نصيبهم من طهارتها التي يتم تدنيسها والتناوب على اغتصابها.

في لقاء عشائري أول جلس فيه العطاري (مسرب العقار) متبخترا، يدخن السيجارة ويأكل المستمعون له الهريسة ولا ينكر شراء البيت، ولم نستطع اخذ حق، بل كل ما هو باطل منه، فالبيع قد تم تسريبه لجهة استيطانية بمبلغ مختلف عليه. وهناك تقرير قطع الشك باليقين لجريدة هآرتس العبرية (فلا لبس في التحقيقات الاسرائيلية) كان الرجل واثقا من نفسه، غريمه المباشر من كان أمامه، اديب جودة (صاحب العقار المسرب) في حينه. بالنهاية كان الامر قد حصل على حين غرة…. ولو مؤقتا، فهناك دائما لحظة غائبة في شأن القدس لا يمكن تخمينها، وهي تغييب الوعي بينما ينشغل المرء في مصائب الاحتلال المتفاقمة والمتسلسلة، وانتفاضة القدس عن بكرة ابيها في قضايا محددة لا يمكن الجزم بتفجيرها أو دفنها. أو ربما كان العطاري واثقا بأن الموضوع سيموت في أرضه!

ولكن ظهر العطاري مرة اخرى بمقابلة على الراديو، كان هادئا ومستعدا. هذه المرة كانت ردوده موجهة نحو متهم جديد، فادي السلامين. ولا يمكن الا التساؤل، ما الذي يفعله هذا الإنسان خارج السجن حتى هذه اللحظة، او لنقل بعيدا عن دعوته للتحقيق؟

كم من الصعب محاولة ايجاد توازن في كم التهويلات والتخوينات والنوايا السيئة المبرمة. تحديد العدو، السلامين ومن وراءه، اي الدحلان، ام الاحتلال بصفته المباشرة؟

سؤال بات صعب، في مفرزات الوطن المهترئ، فكما حماس عدو فتح، وهي بالتالي عدو الوطن كما نرى في معضلة غزة، وعليه فليبتلع البحر اهل غزة. فإن الدحلان عدو السلطة الفتحاوية في رام الله، وعليه فمن يتبعه او من يثبت تبعيته له يكون خائنا أكثر من جاسوس يعمل للاحتلال. فالتابع للدحلان يساوي في تجريمه التابع لحماس ومن ثم يمكن مساواته بالتابع للاحتلال من حيث الخيانة.

في المقابلة التي اجريت من قبل راديو ٢٤ اف ام، أنكر العطاري شراءه للبيت وادعى انه اشتراه للسلامين. عقد البيع الذي تم تداوله يقول غير هذا. ما تم نشره من وثائق لشركة العطاري هو صاحبها، يحبط مرة اخرى الادعاء بانه تم التغرير به. لا يوجد داعي لتحليل ما قاله، لأن الكذب فيه واضح وجلي من تسجيل للرجل من مكان الى اخر في وقت زمني لا يتعدى الايام المعدودة. محاولة الزج بالسلامين على انه الجاني تأخذني مرة اخرى لقضية نيفين العواودة وقاتلها المزعوم. سائق التاكسي الذي قتلها وحملها وجرها ستة طوابق ثم فتح باب بيتها بملقط حواجب ولم يره أحد.

لا اريد ان اشير بصوت عالي الى التشابه في القضيتين، فهو جلي للمجتمع بكافة اطيافه، والخوف هو سيد الموقف.

في الحالتين هناك تغييب للقانون وتثبيت للعشائرية. وقد تختلف بعض التفاصيل في كون مكان الجريمة في موضوع القدس يخضع لاتفاقية اوسلو، ولكن لو زريد للقانون ان يأخذ مجراه لتقدمت السلطة بخطوات فاعلة ومباشرة. في نهاية الامر هذا الرجل عمل تحت نظام السلطة بصفته مدير بنك فلسطيني. فهناك الكثير مما يمكن العمل معه.

كان جلي محاولة العطاري تبرئة المخابرات او السلطة الفلسطينية من الموضوع بعد كل ما اثير عن ضلوع اسماء كبيرة في السلطة واجهزتها. والسلامين قربان جاهز.

وهنا، نقف امام مصيبة متكررة، وهي غياب كامل ممنهج للقانون امام ترك الباب مفتوح على مصراعيه للعشائرية لتحكم به، وفي هذا الصدد ليس هناك انتقاص من نوايا اهل الاصلاح في هذا الموضوع، ولكن رأينا ما جرى بلحظة كان الصلاح هذا مشكلا لموقف سيكون فاضحا (ربما) لحقيقة هذه الجريمة. تم زجهم بغرف الاعتقال الاسرائيلية!

وسواء كان اديب جودة بائع العقار مذنبا ام بريئا، وفادي السلامين كذلك، مجرما ام خائنا، والعطاري، مسربا او غشيما وقع ضحية الحيتان من باعة ما تبقى من وطن، فإن هناك حق للشعب، كما هناك حق لهؤلاء ليعرضوا القضية امام جهات الاختصاص. فلا يمكن ان ينجو العطاري بفعلته بلا مساءلة بحجم الجريمة، وهذا امر يجب ان يكون من خلال محاكمة علنية.

ترك الموضوع للشعب لكي يفتي به، امر يشكل خطورة أكبر علينا كشعب سئمنا من الخيانات، وكذلك من التيه في الاقتصاص بينما القانون موجود. يجب ان نحرص على ان يقدم هذا الرجل لمحاكمة حقيقية علنية، متلفزة، لأن لنا الحق ان نفهم ونعرف لكي نتقي بلوى امثاله. لنعرف ما اقترف من مصائب في هذا الصدد. فالموضوع لا يمكن ان ينتهي هكذا بعطوة وتصريح وبيان ورمي التهم العبثية.

نحن امام قضية واضحة المعالم، التستر على المجرم فيها جريمة أكبر في حق القدس وفلسطين. وتقديمه وامثاله للعدالة يجب الا يكون امرا يتم التفاوض عليه. سواء كان الرجل يحمل هوية اسرائيلية ام غيرها، فلقد رأينا السلطة في مواقف اخرى تبث القرارات وتصدر الاحكام بمن لا تملك زمام السيطرة عليهم مكانيا. ولم ننس بعد قضية جريمة فندق الموفنبيك الذي تم “تلبيسها” لرجل من القدس. فكيف تصل الاجهزة الامنية لمحاكمة مقدسي في مواقف محددة؟  موضوع هذا العقار هو موضوع حق عام، كما هو موضوع كل عقار يتم تسريبه لإسرائيل. يجب معاقبة هؤلاء وقد يكون فضحهم وإقصائهم عن المجتمع أضعف الايمان. اما تركهم يجولون بيننا بكل وقاحة ويقدمون التبريرات والاكاذيب فيجعلنا جزء من هذه الجريمة.

عندما كتب مظفر النواب قصيدته الشهيرة كان الكلام موجها لخنوع الدول والشعوب العربية. اما اليوم فنحن الشعب الفلسطيني افراد وجماعات مسؤولون عما يتم اقترافه من جرائم بحق هذا الوطن.

القدس عروس عروبتكم

فلماذا ادخلتم كل السيلانات الى حجرتها

ووقفتم تسترقون السمع وراء الابواب

لصرخات بكارتها

وسحبتم كل خناجركم

وتنافختم شرفا

وصرختم فيها ان تسكت صونا للعرض

فأي قرون أنتم

اولاد قراد الخيل كفاكم صخبا

خلوها دامية في الشمس بلا قابلة

ستشد ضفائرها وتقيء الحمل عليكم

ستقيئ الحمل عليكم بيتا بيتا

وستغرز اصبعها في اعينكم

أنتم مغتصبي

حملتم اسلحة تطلق للخلف

وثرثرتم ورقصتم كالدببة

كوني عاقرة اي ارض فلسطين

كوني عاقرة يا ام الشهداء من الان

فهذا حمل من الاعداء

ذميم ومخيف

لن تتلقح تلك الارض بغير اللغة العربية

يا امراء الغزو فموتوا

سيكون خرابا. سيكون خرابا … سيكون خرابا….

هذه الامة لابد لها ان تأخذ درسا في التخريب!!

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading