تخطى إلى المحتوى

موقعة رئيس الشرطة والبنشر بين البطولة والخذلان

 

موقعة رئيس الشرطة والبنشر بين البطولة والخذلان

01070222626627462671231857014770

32464369_210989066375845_4598551566054588416_n

جري ما جرى من تداول لصور رئيس شرطة الخليل بينما كان يغير عجل الجيب العسكري الإسرائيلي من تصليح للبنشر. لم يعد هناك حاجة لإضافة الكثير على الموضوع، ويكفي القول ان الغضب والاستياء الذي ظهر من قبل الرأي العام يؤكد على استياء الشارع الفلسطيني من حالة التنسيق الأمني كأثر مباشر لاتفاقية أوسلو، وبالتالي يبدو ان التنسيق الأمني هو ما تبقى من أوسلو مفعلا. وعليه، فان غضب الشارع وتعبيره ما بين استهزاء ومساءلة يأتي كذلك وسط حالة من الإحباط الشعبي على الحال المعاش. ولم يكن حظ رئيس الشرطة في هذا المشهد في أحسن احواله، وخصوصا وان الشعب كان يحتفل في قرارة نفسه بإنجاز غزة، ولم يكن الا من الطبيعي وضع الموقفين في مقارنة.

المشكلة، والمصيبة كالعادة، هو في محاولة التبريرات، وذلك في الافاضة فيها، او العقاب الاعمى، في الاستبداد فيه.

بين المطالبة بعقاب رئيس الشرطة وبين الإعلان عن تجريده لرتبته العسكرية العريقة ومنصبه العالي واحالته للمحاكمة، وبما يتضمنه ذلك من اجحاف حقيقي في حقه، ففي نهاية الامر، فان الامن الفلسطيني من حراسه الى الويته يعتمد في تدريباته على التنسيق مع الاحتلال. فأين الجرم القانوني في هذه الحالة؟

وبين الدفاع المستميت عن الرجل وكأن ما حصل منه كان خدمة وطنية بامتياز، تمادى المدافعون لدرجة صاروا يتلهفون على ابراز محاسن الاحتلال.

الغاضبون بلا شك على حق، والمدافعون عن السلطة الفلسطينية كذلك على حق، إذا ما أرادوا التبرير لمنظومة وجودهم. لنقل اننا لا نتصف بالعقلانية كشعب، وهذا طبيعي، فنحن شعب أضاع وطنا بسبب مشاعره، بين قبول مهاجرين فارين من حروب أوروبا، وبين تصديق قياداته على مر العقود.

ولكن، ما لم افهمه، وبكل جدية، هو تداول صور لجيش الاحتلال بينما كان أحد الجنود يساعد سائق تاكسي وأخرى لتصليح دراجة هوائية. ما الذي أراد هؤلاء تبريره او توضيحه او اقناعنا به؟

هل أنسنه المحتل بصفة الجندي يعني أنسنه الاحتلال وبالتالي العمل معه وكأنه فعل طبيعي؟

الفرق بين صورة رئيس الشرطة وتلك، هي ان رئيس الشرطة لم يشرع مسدسه ولا بندقيته على مواطني الاحتلال من مستوطنات تنخر في الخليل على سبيل المثال لا الحصر، بينما الجندي في أي من تلك الصور، من المحتمل جدا ان يديه تلطختا بدماء فلسطيني، وان لم يفعل هو فلقد شهد سفك الدماء وبالتالي فهو دائما جزء منها.

جندي الاحتلال ذلك، هو نفسه الذ يقف على المعابر والحواجز، وهو نفسه الذي يردع المواطنين، هو نفسه الذي يقتحم البيوت ويجرد أهلها من ملابسهم وكرامتهم ويعتقل الأبناء والازواج والاخوان.

قد تكون محاولة التبرير لمدير الشرطة، كما ورد من بيان للمحافظة، بغض النظر عن ان التبرير لا يمنع ان ما جرى كان مخزيا ومؤلما. ولو كان سيناريو المحافظة من تبرير صحيح، كان من الاجدى ان يتبرع مواطن عادي بالمساعدة، ليس عقيد بزي رسمي.

ما جرى ويجري من تبريرات، لا يختلف كثيرا عن تبريرات السعودية في جريمة الخاشقجي. فبعد الجريمة نفسها وتوثيقها لا تنفع التبريرات.

كان من الاجدر ان يعتذر رئيس الشرطة والمحافظة عن الموقف ويطلب هو نفسه مساءلته.

ولكن ما جرى خرج عن نطاق الطبيعي، بين تخوينات وتهديدات ومقارنات ومفارقات.

فالموضوع هنا يمس الشخص الاعتباري لا الشخص بذاته. والشخص الاعتباري يتوجب ان يقدم للمساءلة ويتوجب عليه التبرير.

ولكن مرة أخرى ما جرى خرج من نطاق المألوف في غياب سلطة القانون في بلد كان المذنب والضحية فيها هو رئيس الشرطة. فلقد أذنب في فعلته، وكان الضحية في الحكم عليه. فتحول الموضوع الى عائلته وعشيرته وصار الخوف على حياته وحياة عائلته حقيقة. فكيف لا، والعشائرية هي ما يحكمنا؟

ولا زلت في مكان أتساءل فيه، ان كانت عملية “الاستهبال” التي ينهجها اهل السلطة في كافة مواقعهم من محاولات تغيير الصورة امام الرأي العام مؤثرة بالفعل ويصدقها الناس. ام ان الجمهور بالأغلب واعي لان كل هذه الأمور لا تمر من تشويه وتغيير لأي صورة حقيقية.

نعم لقد مللنا من حالة الهوان والخنوع، ولكننا نفهمها، فأوسلو صار معروفا بنتائجه الكارثية التي نعيشها. فلم نعد بحاجة لأي تبرير ولا تعريف حتى للأمور. فالك واضح وجلي.

محاولات التنظيف والتلميع، التوسيخ او التشويه لا تنفع امام هول الحقيقة التي نعيشها.

قصة او فضيحة كل يوم…احيانا كل ساعة….

تلهينا بالمحصلة عن الامر الأهم…. هو اننا كلنا في مركب غريق يقوده قراصنة الاحتلال. عدونا الحقيقي هو الاحتلال.

1 أفكار بشأن “موقعة رئيس الشرطة والبنشر بين البطولة والخذلان”

اترك رداً على nedhamsonإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading