تخطى إلى المحتوى

بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة: رانيا يوسف وتسليع جسد المرأة

بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة: رانيا يوسف وتسليع جسد المرأة

 

قد يكون الموضوع سخيفا، لأخذه الأبعاد التي أخذها، ذلك الفستان الذي ارتدته الممثلة المصرية رانيا يوسف بمحاولة اللحاق بقريناتها من الفنانات. فخانها التبرير بداية، بحقها كامرأة مصرية أن ترتدي او لا ترتدي ما تريد كجنيفر لوبيز وهيفاء وهبي ومايا دياب. ولكن يبدو وان الفنانة المصرية وفي خضم حماسها للحاق بتعري الموضة خانها التفكير كما خانها التقدير بمكان التعري، وظنت نفسها باستعراض لملابس داخلية لفيكتوريا سيكريت وليس مهرجان القاهرة السينمائي.

من الصعب لوم الفنانة رانيا يوسف، امام ما يجري من تسابق للتعري يأخذ حيزا كبيرا من اهتمام الجمهور. فتجد فساتين الممثلات والمغنيات تأخذ عناوين المواقع الأكثر احتراما في العالم العربي.

مهرجان القاهرة الدولي نفسه في عرضه لفنانات بفساتينهن التي كان السباق على ما يظهره الفستان من جسد عاري غلب فيه المشهد.

الحقيقة ان استعراض الفنانات لأنفسهن وفساتينهن كان أقرب الى المهزلة، فيما بين عدم معرفة بقواعد ما يجري على السجادة الحمراء من استعراضات هولويدية، فقدن فيها الفنانات رونقهن وهوياتهن. بدت الوجوه كما الأجساد في معظمهن غريبة عما يتوقعه المشاهد من فن عربي مصري بالتحديد. تقليد اعمى هزلي هو عنوان المشهد. وبالفعل كان فستان رانيا الأسوأ او بالأحرى الأكثر استعراضا لما يجب ان تغطيه او لا تغطيه الاقمشة. ولحق ذلك تبريرها بخطأ في الفستان من حيث ارتفاع او اختفاء بطانته وما كان عليها الا استجداء المتابعين للمغفرة!

ما يجري لا يمكن وضعه الا في خانة تؤكد فيها تسليع قيمة المرأة على حسب قدر التعري. مع الأسف في وقت تجاهد المرأة لتؤسس إنجازات في المساواة، وفي خضم حربها الدائمة ضد العنف والظلم، نقع في فخ للمرأة مساهمة فيه ومسؤولية بنفس القدر. بينما نجاهد من اجل ان يتم معاملتنا كنساء بقدر عقولنا وانجازاتنا، تصر هذه النساء بتسليع كل النساء من مبدأ يشكل فيه التعري الفاضح ثمن المرأة.

وهنا تنتهي المرأة لتكون لقمة يتم علكها بين اضراس النساء والرجال سوية. فبينما نعترض ونشجب ونرفض ما ظهر من جسد رانيا يوسف، نحن أنفسنا من نتابع بنهم كل مظاهر التعري. فهيفاء وهبه تحولت من نجمة استعراضات لأهم وأغلى الفنانات. مايا دياب تشق طريق الفن من خلال فساتينها المكشوفة وحركات جسدها الايحائية. والمئات غيرهن ان لم يكن الالاف. المشاهد بالملايين لمن يغلب العري جسدها في كل المستويات. الشهرة تأتي من عدد المشاهدات، والعري أقصر طريق للملايين.

ومن ثم تبدأ محاكمة مجحفة بحقها، كما حدث مع رانيا يوسف، ليصبح الموضوع الأبرز في الرأي العام وتعلو الصرخات لمحاسبتها. عن أي محاسبة نتكلم؟ اين أصوات الفضيلة هذه في كل ما يجري حولنا من هدر للأخلاق وقتل يومي تحت مسميات الحق والحروب الظالمة تحت اسم اعلاء كلمة الله.

كيف اجتمع الرأي العام في كلمة واحدة قوية جاهرة على محاسبة امرأة قررت ان تتعرى، امام ما نراه من أفعال فاضحة على مدار الثانية يتعرض فيها ابناؤنا وبناتنا. اباءنا وازواجنا واخوتنا واخواتنا فيها الى ابتزاز وسائل الاعلام التي تجعل من العري عنوانا للنجاح والتفوق.

نجلس امام الشاشات بنهم لنتابع فضائح وعري الفنانات والعارضات والمغنيات والراقصات (اعتذر للراقصات، لأن الرقص في عريه يبدو أكثر تسترا وأرقى من العري السائد على الشاشات). ومن ثم نحاسب امرأة من اجل عري فستان.

نعم اساءت رانيا يوسف التقدير وجعلت من نفسها عرضة للاستهزاء والغضب. ولكن هل فعلها يستحق كل هذا التركيز؟

أي مجتمع هذا يقتل فيه الناس عبثا، ويموت فيه الأطفال جوعا، وتذبح فيه النساء كما تذبح النعاج تحت مسمى الشرف، وينتفض هذه النفضة من اجل فستان اظهر فيه عري فنانة، نشاهد من عريها وغيرها الأكثر على الشاشات وفي كل ما تصبو اليه اعيننا بوسائل الاعلام والتواصل.

أي مجتمع هذا ينتفض عن بكرة ابيه من اجل عري امرأة، وامة كاملة تتعرى من كرامتها وانسانيتها، تسفك فيها الدماء ويعلو الظلم ليكون هو الكلمة فيسكت.

أي مجتمع هذا تموت فيه النخوة امام تحرش بامرأة وقتل اعمى لأنثى ويخرج عن صمته بصياح اجش من اجل فستان امرأة تمتهن الاغراء ويطالبها الجمهور بالكشف أكثر عن مفاتنها لكي يعلو اجرها في سوق الفن.

في يوم اخر يحمل مسميات تدعو للحد من جرائم الاعتداء والعنف على النساء…. يخرج المجتمع ليثبت همجيته وعدوانية ليؤكد ان العنف متأصل في التفكير المجتمعي المتشابك من الرجال والنساء، الذي لا يرى من المرأة الا سلعة، بعريها وبتحجبها.     th

2 فكرتين بشأن “بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة: رانيا يوسف وتسليع جسد المرأة”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading