تخطى إلى المحتوى

في اليوم العالمي للعنف ضد المرأة: اسرائيليات وفلسطينيات عن أي عنف يعترضن؟

https://www.wattan.tv/ar/news/270426.html

بعد الجريمة الاخيرة التي راحت ضحيتها الصبية يارا أيوب من قرية الجش في الشمال الفلسطيني، تعالت الأصوات من جديد، وتزامنا مع اقتراب اليوم العالمي ضد العنف ضد المرأة، تنديدا بهكذا جرائم، مطالبين الحكومة (الاسرائيلية) بإنزال عقوبات شديدة على المجرمين. وصل الامر الى نزول نساء عربيات واسرائيليات الى الشوارع في مظاهرات من اجل مناهضة العنف ضدهن. لم يسعني الا التوقفً والتساؤل. افهم جيدا أزمة المرأة العربية في الداخل الفلسطيني المحتل مع موضوع جرائم تودي بحياة النساء من السهل ادراجها وفقا للمجتمع الذكوري بانها جرائم شرف. بالمحصلة أزمة المرأة العربية بالداخل المحتل هي نفسها أزمة المرأة في غزة ورام الله والقدس ونابلس والخليل وجنين وصولا إلى عمان ان أردنا توحيد هذه المسالة. فما الذي تسعى اليه النساء الاسرائيليات بشد عضدهم مع النساء الفلسطينيات. او لأحدد السؤال أكثر، ما الذي تريد النساء الفلسطينيات تحقيقه في انضمامها الى الاسرائيليات في موضوع العنف ضد المرأة؟

عن أي عنف يتحدثن؟
إذا ما كانت مسالة الدعم بالنسبة الى الاسرائيليات من موضوع العنف ضد النساء متعلق بفظائع أبنائهن وازواجهن واخوانهم وجيرانهن ضد الفلسطينيات من قمع وإساءات واعتقالات وقتل، فنعم، لننضم “لأخواتنا” الاسرائيليات ونناشد معهن رفع أيدي القمع عن نسائنا وبناتنا. ولكن توحيد مسالة العنفً ضد المرأة في الوسط العربي من دولة الاحتلال وكأن ما يصيب المرأة العربية هو نفسه ما يصيب المرأة الاسرائيلية وعليه يمسكن بأيدي بعضهن من اجل مناهضته، فهذا هراء.

مسألة جرائم القتل ضد المرأة في الوسط العربي سواء كان في الشمال او الجنوب، خاضع سلطة احتلال او سلطة أوسلو او حماس، متعلق بمسالة ثقافية عرفية علينا كنساء ورجال عرب فلسطينيًين حلها وهذا يبدأ وينتهي في اعادة النظر في تربيتنا ومناهجنا وقوانيننا. الاحتلال في هذا شريك في التستر على المجرمين وما يقوم به من تغاضي عن هكذا جرائم يوقعه تحت طائلة العنصرية التي يمارسها ضد الفلسطينيين.

كيف توحدت القضية هنا؟ هل هناك امرأة اسرائيلية قتلها زوجها او اخيها او ابيها واستطاع ان ينجو بفعلته؟
هل هناك امرأة اسرائيلية تعرضت للضرب واشتكت ولم يتم ابعاد الضارب عنها وعقابه؟ نعم تتفاوت القضايا ويتفاوت الحساب وتتقاعس احيانا السلطات.. ولكن عند الشأن العربي فالأمر يختلف. كيف تحولت القضية الى أصوات نساء فلسطينيان واسرائيليات وتغيبت القضية الحقيقية لهذا الشأن الذي يقد مضجع المرأة العربية أينما كانت. هل نحتاج الى الاسرائيلية لتنادي لنا بتغيير مجتمعنا وما به من أعراف؟ هل نحتاج ان نختبئ وراءها من اجل أخذ حقوقنا المهدورة من سلطة لا ترى العربي منا الا تابعا يمكن طمسه وسحقه في اَي لحظة.

نعم نحتاج لوقفات نسائية حقيقية. وقفات فلسطينية تستطيع المرأة الفلسطينية توحيد شعبها في قضية تعنيها وتقضي عليها. كانت المرأة في الشمال مع فرصة توحيد الصف الفلسطيني ولو للحظات تحت شعار قضية تجمعنا. كانت تستطيع المرأة بتحويل هذا الظلم الى دعوة تكون فيها النساء الفلسطينيات في صف واحد على الرغم من تباعدهن القصري بفعل الاحتلال وعلى الرغم من اختلافهن الحزبي والديني والعقائدي. الا ان هذه الجرائم تجمعهن. هذه الجرائم من قتل للإناث بهذه البعثية واللا مسؤولية تحتاج أن تمسك المرأة الفلسطينية بيد قرينتها الفلسطينية من اجل ايجاد حلول … لا مع الاسرائيلية من اجل كسب نقاط يستفيد منها الاحتلال في كل مرة.

علينا ان ننتبه لما يجنيه الاحتلال من مكاسب، بينما يستخدم صوره الإنسانية ليظهر وكأنه صانع للسلام.
المرأة الفلسطينية يجب ان تكون اوعى في هذه المرحلة الأخطر في تصفية القضية الفلسطينية. لقد مللنا الكذب والمراوغة على حساب حياتنا.
ولربما، لن أجد كلاما أكثر تعبيرا واصدق من عبارات قالتها الناشطة الفلسطينية جمانة أشقر في هذا الصدد لأختم فيه مقالي:
حالة طوارئ.. غضب وتحرّك ضد قتل النساء في “اسرائيل”، “ومومينتوم” يجب ان يُستَغل.
ترددت ألف مرة، وفكرت كثيراً.. لكن حدسي، شعوري، وما يحرّكني يقول صراعكن ليس صراعي.
القتل قتل. والموت مُعطى جاف مُطلق. لكن الاسباب مختلفة، السلاح مختلف، المسؤولية مختلفة، المكان مختلف الرائحة والاصوات المشاعر والمحيط يختلف.
انا تحت احتلال. انت مُحتلة، انت شُرطية او جُندية مُسرّحة، انت اسرائيلية.
لا أستطيع ان اعبّر عن غضبي بلُغتك، تلك التي أُرغِمتُ على تعلمها.
لا اريد ان ارى اسماء الضحايا من النساء الفلسطينيات بلغتكِ على جدران وبيوت سرقتِها وتسكنين بها، وتنادينها باسمها المُخترع ولا على ملصقات لديك ثمنها بينما لا املكه.

سلاحُكِ قتلني.
وجودك يقتلني يومياً. يحد من تقدمي.. يتركني بآخر السلّم الاجتماعي، السياسي، النفسي، الصحي، التعليمي، المهني والانساني.
لا ترين بي شريكة، ترَين بي امرأة ضعيفة، بحاجة لبرامج تصحيح وتصليح، ترين بي قتيلة “جريمة شرف”، انا بالنسبة لك ادعو للشفقة، تتفاجئين بتقدمي، تصدِمك معرفتي. انا كائن فضائي بالنسبة لك، تستغربين وجودي وشكلي وادائي.

انا جزء من كُل، كامل، جامِع، مزّقتِني وحولتِني لأجزاء تناديها اما بفلسطينية، اما بإرهابية، اما بمخربة، او بعربية جيدة، او بعربية غبية، او ببدوية، او بمسيحية او بما يحلو لك من تسميات تتناسب مع نفسيتك.
انا منذ جئت الى هذا العالم اصارع في كل لحظة لكي احصل على عُشر ما قُدّم لك على طبق من اوجاعي، وخسائري، ودمي، وترابي وحقوقي الانسانية. كلّه اخَذتِه لأنك اسرائيلية وجزء لا يتجزأ من منظومة احتلال تحاصرني بأدق تفاصيل حياتي.

لا احتاج لتضامنك معي، لست بحاجة لان نقف معا بوجه اي شيء، لن نكون ابدا في نفس الصف.
قولي ما تشائي، واتهمينني بالوحشية والتطرف. اقبل بذلك “.

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading