الأهم من فوز نتانياهو هو الفوز الساحق لليمين … فهل من جديد؟
الحقيقة انه لا جديد ، ولكن بالتأكيد اننا امام الحقيقة كما هي، بوضوحها الحارق، كما حرقة الشمس التي لم تعد طبقة الأوزون حامية من أشعتها .
الحقيقة كما هي ، بجرأتها الفاضحة لنا ولهم.
الحقيقة الفاضحة لنا ، نحن الفلسطينيون الذين بتنا مجرد أرقاما لا تعني الا عددا لا تنفع زيادته ولا يضر ساكنا غيابه. فمن ناحية ، لم يستطع العرب في اسرائيل حسم موقفهم تجاه الانتخابات، وكان عزوف المجتمع العربي عن الانتخابات درسا قاسيا لكل الأحزاب العربية، التي كان محصلة عدم ناجعيتها على مدار السنوات، هو المحصلة لقرار الشعب الاخير. وما جعل تلك الأحزاب بالمرور ( الخجول) هو كذلك الشعب نفسه ، الذي قرر ان يحسم امر وجودهم بالكنيست باخر لحظات ، ليؤكد لتلك الأحزاب ان كل شيء بيد هذا الانسان العادي بالمحصلة.
على المستوى الثاني من الشعب الفلسطيني ، فهناك صفعات على كل الأصعدة ومن كل الاتجاهات للسلطة الفلسطينية التي استثمرت بمحاولة إقناع الشارع الاسرائيلي بسلبيتها وحق اسرائيل بالوجود على مدار السنوات الأربع الاخيرة، بما بدا وكأنه استراتيجية سياسية من الدرجة الاولى والأولوية الأكبر .
الغريب بين كل ما جرى من المتوقع البديهي ، هو حالة اللوم العجيبة التي ترمي بالمسؤولية على المواطن العربي الذي لم يصوت . بالمحصلة بلغت نسبة التصويت العام الى ما يقرب ال68 بالمئة وهي نسبة ليست سيئة بالمقارنة بالانتخابات السابقة ً وبالعموم . اَي ان ما يشكل قرابة ثلثي المجتمع الاسرائيلي صوت بمعظمه لليمين المتعصب في بلده. ولو خرج كل العرب الذين يملكون حق التصويت ، على فرض طبعا، الاتفاق بين الأحزاب العربية للحفاظ على مسالة عدم تشتت الأصوات ، لكان التغيير الذي سيضيفه الصوت العربي ١٠ بالمئة من الأصوات ، التي كانت ستجعل من اليمين المتشدد بنسبة لا تغير شيء في المكان الذي يراوح به، اَي اننا كنا سنحصل عل
أغلبية ٨٠- ٨٥ بالمئة من شعب متعصب متشدد الى معتوه يريد إبادة الفلسطينيين بصريح الكلام والعبارات ، ٢٠- ١٥ بالمئة من اليسار الصهيوني الى العرب. فما التغيير الذي كان سيضيفه الصوت العربي؟ في المقابل هناك سنوات المفاوضات وعرابيها الدائمين، وتفاجؤ عريقات وعبارته من ان الاسرائيليين صوتوا لعدم إنهاء الاحتلال… هل استغرب عريقات وتفاجأ بالفعل ؟ هل ظن انه يقدم تصريحا ناريا عندما قال ما قاله عقب اعلان النتائج ؟ هل خاب ظنه بجد؟
ان كان عريقات مستغربا فهذه مصيبة ، وان كانت النتيجة صاعقة عليه فنحن حقيقة نائمين بالعسل . يعني مع كل هذه الحقائق ، نحن هذا الشعب المنتج لهذه السلطة هائمون بلا شك في مستنقع نظن مياهه الضحلة عسلا.
وكما اثبتت هذه الانتخابات حقيقة عدم وجود معسكر سلام، وان الاسرائيلي الأقل عتها وتعصبا وكرها ، هو ذلك المحسوب على حل الدولتين ، الذي بدوره كذلك لا يتردد بذبح الفلسطينيين كلما لزم الامر . اثبتت كذلك، ان السلطة الوطنية ليست الا اداة سيتم إبقاؤها لإدارة الشؤون المدنية في الضفة الغربية، بعد اعلان نتانياهو ضم الضفة الغربية لإسرائيل اثناء معركته الانتخابية. وقد يكون نتانياهو بهذا الإعلان وضوع الأمور في نصابها الحقيقية ، فاعلان الرئيس ابو مازن المتكرر لقدسية التنسيق الأمني لم يكن الا تأكيدا لهذه الحقيقة. باختصار ، ما قالته الانتخابات الاسرائيلية في نتائجها ، وضع الأمور في نصابها الحقيقي. فخرجنا من مرحلة فرض الامر الواقع ، الى مرحلة مواجهة هذا الواقع المفروض, ليصير الحقيقة الوحيدة. فسواء هدد ابو مازن بحل السلطة او تمسك بشد وثاقها اكثر، ان اسرائيل اليوم معها حبل هذه السلطة ، وعليه ممكن ان تسحبه او تربط او تحل متى لم يعد لوجود سلطة ابو مازن ضرورة.
نقف اليوم امام الحقيقة كما هي ، احتلال استعماري إمبريالي ، نتانياهو يديره وأمريكا وروسيا يخططون لديمومته وتوسعه.
يبقى علينا الصحوة من غفلتنا ، ولملمة ما يمكن لملمته من شتاتنا وتيهنا….