في الشهر الفضيل، يتذكر المؤمنون الأحياء، أمواتهم. يتفكرون بالخلق، فيأتي العزيز الذي غيبه الموت الى الوجدان، فيذهب المؤمن لزيارة فقيد عزيز، كان جدا او جدة. عما او خالا، والدة ربما او والد.
طبعا لا يحتاج المرء لزيارة القبر لتفقد من رحل. ولا يحتاج الى شهر رمضان او غيره للتذكر.
ولكن بما اننا في الشهر الفضيل، واعمالنا يهزها الصيام ويحفزها لتكون نحو الخير والتذكر والتفكر، فزيارة الميت محمودة.
محمودة؟؟؟؟؟ ربما، ولكن هل هي ممكنة؟
لأن هناك صائمون اخرون قد انتظروا عتم الليل ربما، او لم يكترثوا لستر الليل ونبشوا القبر وسرقوا الرفات ورموها في مكب نفايات ربما، او تركوها للحيوانات البرية لتنهش دودها، أومن ثم باعوا القبر لميت جديد.
قصة هزت مضجعي عندما قرأتها على صفحة أحد الأصدقاء جاء فيها: “فوجئت بالأمس بالاعتداء على قبر المرحومين جدي شيخ الحرم القدس الشريف….. وعمي…. في مقبرة باب الساهرة، فقد تم الاعتداء على القبر والحفر أسفله وتخريب اساسات القبر وإزالة أحد القبور الخاصة بالعائلة كان بجانبه وحفر حفرة كبيرة لإنشاء قبر وبيعه للعامة….”
قصة ليست الأولى، ولا بالغريبة للكثيرين.
قصة مفجعة، مرعبة، مهيبة، مقززة في كل ما تحمله من معاني.
بعض التحري اوصلني الى مقال سابق قد تم طرحه من قبل موقع مقدسي قبل عام، يطرح نفس الموضوع ويسأل نفس الأسئلة: من الذي يقوم بهكذا تجارة، وأين لجنة المقابر التابعة للأوقاف، وكيف يقبل مسلم أن يقوم بالاعتداء على قبر مسلم ويسرقه ويدفن اخر عليه بعد بيع القبر؟
كيف وصلنا الى هنا؟
تتصدر الاخبار بالعادة اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المقابر ونبش القبور.
أقمنا القيامة من اجل سرقة مقبرة مأمن الله من قبل الاحتلال وبناء متحف عليها في غرب القدس.
نبش القبور وسرقتها أسوأ ما يمكن اقترافه في حق الأموات والاحياء.
من يقوم بهذا ويعتاش على هكذا جريمة نكراء بغيضة؟
هل يصوم هؤلاء؟
هل تملأ اللحى وجوههم؟
هل يسبحون باسم الله عند نبش القبر وسرقته وبيعه؟
بعيدا عنا لصيام ورمضان….
اين المسؤولين من هكذا جريمة نكراء؟
إذا ما حصل هذا التعدي على قبر شيخ جليل، فماذا يحل بعتم الليل، وربما بوضح النهار لقبور أناس عاديين؟
هل الميت الجديد أبقى في عرف هؤلاء المجرمين؟
ما الذي يستطيع المواطن المقدسي عمله، عندما يتعرض ميته الى السرقة، وعندما يتم بيع قبره، وعندما يعرض عليه إذا ما كان محظوظا وعرف عن السرقة بشراء القبل من جديد بمبلغ (٨٠٠ دينار)؟
طبعا السعر على ما يبدو مع تخفيض لأن العرض المطروح لشراء قبر عائلتك الخاص!!!!
في وقت لا يستطيع فيها الانسان المقدسي الذهاب والشكوى الى شرطة الاحتلال خوفا من وضع الاحتلال يده على المقابر، ما الذي يستطيع الانسان المحترم في هذه المدينة عمله؟
كم من قبر لا يزوره أصحابه قد تمت سرقته؟
كم من جريمة تم ارتكابها ولا صوت يصدر من الأوقاف الإسلامية والمحافظة والحكومة؟ هل هم شركاء في هذه الجريمة؟
لأن اللص الذي ينبش القبر وينتهك حرمته ويسرق الرفات لا يعمل لوحده. كيف يدخل هؤلاء اللصوص المقابر وهي تحت حراسة الأوقاف؟
الناس تشتكي ولا من مجيب لشكوى. فهل هذا يعني ان المسؤولين متواطئين بهذه الجريمة؟
من هم السماسرة والتجار الذين يبيعون القبور؟ لماذا تتم حمايتهم والتستر عليهم؟
ولا يزال الخوف يخيم علينا من الحديث.
وكأن هناك أسوأ من ان يخيم على اجسادنا شبح الموت او ان تطاردنا روح فقيد تمت سرقة رفاته وترابه وحجرا كان الذكرى الأخيرة له في هذه الدنيا.
لا اعرف كالعادة ان كان هناك حي في هذه السلطة بضميره بعض الحياة ليلتفت لهذه الجريمة المتكررة، فيكفينا انتهاك الاحتلال للأحياء منا.
على رئيس الحكومة ان يتدخل بهذا الامر ووقف هذه الجريمة فورا، لأنه كما هو واضح، فإن المجرمين والضالعين والمتآمرين في هذا الامر لا يمكن ايقافهم من وزير ولا محافظ ولا رئيس اوقاف…..
رمضان …. كالرمض في عيوننا هذا العام.
One comment