تخطى إلى المحتوى

تهم الفساد بين الحقيقة أو التلفيق. ورد السلطة بين الصمت او التهجم . الى متى؟

تهم الفساد بين الحقيقة أو التلفيق. ورد السلطة بين الصمت او التهجم . الى متى؟

 

 

في كل يوم تسريب جديد لفساد سلطوي. مضاعفة رواتب وزراء، استحقاقات ايجارات، وتعيينات بسفارات، وملف تحقيق فساد، وتكاليف زراعة شعر مسؤول كبير.

أمام كل هذا تتم صفقات تسريب العقارات في القدس وتنتهي بمصائب ستنهي تاريخنا في المدينة المقدسة وتجعلنا مجرد اثر كما للحجارة اثار. وضم تلقائي للضفة بتزايد لوحدات استعمارية أخرى، وتحويل الحواجز الى معابر حدودية رسميا، وهدم بيوت على عينك يا تاجر، واجتياحات علنية وشبه يومية، واعتداء وصل إلى استهداف مركز الامن الوقائي. الاعتقالات حدث ولا حرج، والتطبيع العربي في أوجه، وصفقة القرن تتم اقتصاديا والسلطة في ذيل الصفقة.

بين الشجب والندب من طرف الشعب ضد الفساد المستشري بالسلطة، وبين ذلك الذي تقوم به السلطة بينما تيتم تصفية القضية بمهزلة لم يعد للسلطة حاجة الا وجودها في مناطقها المحدودة، مؤقتا ربما، او لمرحلة يحتاجها الاحتلال قريبا سيكون الفلتان الأمني فيها سيد الموقف.

بينما يمكن القول ان السلطة لم يعد لها أي قوة في الساحة الدولية والإقليمية من حيث التأثير على توجيه البوصلة نحو أي عدل فلسطيني، وبالتالي التصدي لجبروت الاحتلال وهجماته المتعددة الاتجاهات، فبالنهاية ما يجري على الساحة السياسية التي تخرج في حدودها عن مقاطعة رام الله ليس بغريب بعد ثلاثة عقود من مفاوضات رجلها واحد من قبل الفلسطينيين. ليس بغريب والامن الإسرائيلي هو المعضلة الأساسية لقوام السلطة الفلسطينية بالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية وبالتالي قوى الامن بأجهزته المختلفة. وليس بغريب والنزاع الداخلي ما بين حماس وفتح صار اهم بكثير من الاحتلال نفسه بالنسبة لشقي النزاع، ورجل المصالحة لا يريد مصالحة.

لا غريب بما يجري بالساحة السياسية الفلسطينية لأن من يمسكون زمام الامر صارت فلسطين بالنسبة لهم مصلحة فردية، شركة خاصة، مشروع عائلي، وأكبر اعداءهم بعد الحزب المنازع، المنشق من الحزب المسيطر. فالولاءات للأشخاص على حساب فلسطين والفلسطينيين. منذ صار الانسان من هؤلاء من قبل تابعيه “بحجم الوطن”. وكم من اشخاص صاروا اوطانا، بينما يضيع الوطن لعدو حقيقي لم ينته عن كونه احتلال لا يتوانى عن تصفيتنا بكل ما اوتي من إمكانيات، لنأتي نحن ونقدم له خدمات مجانية بانهياراتنا الداخلية وفسادنا.

ما يجري من تسريبات للفساد على مختلف الأصعدة، وعدم رد السلطة من قبل كل صاحب موقع رد بالطريقة الرسمية والجدية والتي تتناسب مع احترام الشعب، يزيد فقط من الطين بله. فمن غير المعقول ان يخرج علينا رئيس الوزراء بتحضيرنا من اجل جولة تقشف قادمة وتخفيض أكبر للمعاشات، بينما تتأكد تسريبات مضاعفة زيادة رواتب الوزراء وتتسرب وثائق لبدل الإيجارات بمئات الالاف من الدولارات بعد الزيادات المضاعفة، ولا نسمع منه كلمة واحدة بهذا الشأن، سواء تبرير او حسم للأمر او ربما الاعتذار للشعب الذي مل من تلقي هذه الضربات. بينما يموت جوعا من اجل وزراء ورجال سلطة. إذا ما صحت الأرقام التي يتم تداولها عن رواتب رجال سلطة تتعدى عشرات الالاف من الدولارات للشخص الواحد من صندوق استثمار، لبنك مركزي، لرواتب أعضاء المركزية، وغيرها، مقابل المغالاة فيما يتم تسربه او اشاعته لرواتب السفراء والدبلوماسيين، فهذا سيجعل الانسان الفلسطيني المتضرر من خفض راتب وخصمه وقطعه أكثر مقتا وبالتالي كرها وحقدا لكل ما تمثله السلطة. فهذه المغالاة في المبالغ التي يتم صرفها على حساب الشعب، تزمنا بطبيعة الحال مع إعطاء الفرص لأبناء واقارب وذوي واهل وجيران ومعارف اهل السلطة، يضع الانسان على فوهة بركان ستتفجر لتحرق الأخضر واليابس قريبا.

اخر التسريبات تتعلق بالسفارات، هولندا تحديدا. الحقيقة انني توقفت كثيرا لأفكر بكم مما قرأت كان صحيحا. وكم تصبح الحقيقة كذبة بلحظة يتم المبالغة فيها. كم من السهل الاتهام والطعن، وكم من السهل تلفيق الحقيقة وتضخيم الأمور واخراجها من سياقها.

ولكن، لأننا لا نعرف أي شيء، فلا وزير خارجية يخرج ليفسر لنا لماذا وكيف يتم تعيين الدبلوماسيين؟ فالقصص التي نسمعها مؤسفة، محزنة، ومجحفة بحق سمعتنا كفلسطينيين. ومع هذا لا نسمع أي تعليق رسمي بأي شيء.

قامت احدى الشخصيات التي تم ذكر اسمها واسم عائلتها من اب وام وزوج وعم كمثال لفساد السلطة والتعيينات العائلية، بنشر مقال تقول فيه انها تريد رفع دعوى امام النائب العام ضد من سرب ما سرب من انباء عن هذه التعيينات. عندما قرأت ما نشرت السيدة تعاطفت لوهلة، وفكرت انه من المحزن ان نصل الى هكذا وضع ولم يعد فيه أي مكان للثقة، والكل يشهر بالكل. وبينما بررت السيدة مناصب فعلية لعائلتها لاستحقاقهم مناصبهم من وجهة نظرها، وربما بالفعل هم مستحقين لهذ المناصب، تمسك بحقها بتكذيب ما تم تداوله من مبالغ، وكذلك بالنسبة لمنصبها هي بالحكومة.

بين المبالغة فيما تم نشره عن هذا الموضوع، وبين تمسكها بالظلم الذي وقع عليها بسبب هذه المبالغات، تبقى هناك حقيقة واحدة، هي ان الفساد هو سيد الموقف.

الفساد ليس برقم مالي كبير او صغير. الفساد يبدأ في كل لحظة لا يتم فيها الالتزام بما توجبه القوانين واللوائح والمعايير والمقاييس المطلوبة. وهذا بديهي في وضع لا يوجد فيه جسم يضع المعايير للسلطة ممثلا بمجلس تشريعي.

ان غياب الانتخابات هو المأزق الحقيقي الذي وضعت السلطة نفسها به، ولم تعد تستطيع الخروج من هذه الورطة.

فساد يغطي على فساد، والنتيجة هي تفشي لرائحة كريهة، تجعلنا كلنا شعبا وسلطة في نفس الهاوية، نمزق بعضنا اربا. نخون ونتهم ونقتل ربما.

وصلنا الى مرحلة صارت السلطة بالفعل ترفع القضايا ضد الشعب مقابل فتحه فمه وتفوهه بأي حقيقة.

من حق الشعب يا سادة ان يتساءل ويسأل ويطلب التوضيح. ومن حقه البديهي ان يطالب بالتحقيق ومحاكمة الفاسدين والمنتهكين. ومن واجب السلطة الجواب مساءلة ومحاكمة من له ضلوع بأي تقصير او انتهاك او فساد.

ولكن ما يجري الآن ان الشعب يسأل، والمسؤول يحاسب الشعب على سؤاله.

والعجيب ان رأينا المشهد يتكرر في سياق متتالي منذ بزوغ مسألة الرواتب. فبدلا من ان يقدم رئيس الوزراء او وزير المالية جوابا للشعب، اعتذارا، انسحابا، اي شيء. قام وزير سابق بتبرير وشرعنه ما جرى، وكأنه حق الوزير على الشعب بأن ينعم هو بينما يموت الشعب. وبينما تطالب الناس بالمساءلة وبالمكاشفة، قام وزير المالية بحجب تقرير الرقابة المالية التي يفترض ان يكون مفتوحا امام العموم. وفوق كل هذا تخرج أصوات تندد بالسؤال وتتهم الشعب بالتواطؤ ضد السلطة وخدمة اجندات اجنبية!

بينما تصرفت وزيرة المرأة تصرفا جعلت شخصها الاعتباري يبدو وكأن الوزارة شأنا عائليا بصورة بدأ فيها تعليق الناس مزحا خفيفا، حولت الامر الى ما كان اشبه بالمناكفة والندية بينها وبين الشعب وصل بها الامر الى المعايرة بين من هو أكثر تعفرا بالأرض وبين من هو الأكثر شرفا.

وبينما انتظرنا ردا لاتهامات لجنة الفساد بشأن وزير اخر للرئيس، تم اعتقال من نشر الوثيقة وطعن بصحتها.

وبينما توقع الانسان الطبيعي رد وزارة الخارجية على التعيينات العائلية وتفسيرها وتوضيح ما هو صحيح منها وما هو مبالغة، قامت ابنة الوزير برفع رسالة تهدد فيها باللجوء الى المدعي العام، وتعرض تظلمها وتبريرها بتأكيد ما نسب من تعيينات عائلية.

أي مدعي عام ستذهب اليه السيدة صاحبة الحق في اللجوء الى القانون؟ هل هو المدعي العام الذي تمت اقالته بعدما تم التأكد من عدم ايفائه لشروط التعيين بعد سنوات من الخدمة؟

لأي لجنة مكافحة فساد تستطيع ان تذهب وتشتكي على الشعب الذي اتهمها؟ اهي نفسها اللجنة التي قد تنكر وتتنكر للشكوى إذا ما طرأ أي طارئ.

من المؤسف ان يتحول صاحب السلطة الى اقطاعي لا يرى من الشعب الا رعاة يمكنه الدعس عليهم.

لقد سمحنا ان نداس من اجل ان يكون لنا وطن…. ولكن هذا الوطن انتهى ليكون افرادا لا يعنيهم من الوطن الا الأموال التي يضخوا بها في جيبهم من دماء وحياة هذا الشعب.

ما الذي يريدونه من الشعب؟ عليهم ان يحمدوا الله ان الشعب لا يزال يرى الاحتلال عدوه الوحيد. ويستكثرون على الشعب السؤال؟ عليهم ان يحمدوا الله اننا حولنا الامر الى نكات نضحك عليها ، ونميمة خفيفة نتسلى بها.

الى متى….

سيأتي يوم يهلل فيه الشعب زوال هذه السلطة إذا ما استمر الوضع على حاله.

اما من عاقل في هذه السلطة يرشدهم الى طريق انتخابات تشريعية فورية، لعل وعسى تضخ دماء جديدة ترجع ما تبقى من ثقة، ان بقي.. لهذه السلطة، لعلنا نستعيد ما يمكن اعادته من وطن. وطن لم تعد الأرض حدوده، بل الانسان الفلسطيني الذي لا يزال ينبض من اجل ذاك الوطن البعيد.

 

 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading