تخطى إلى المحتوى

سقوط نتانياهو وانتصار القضية

سقوط نتانياهو وانتصار القضية!!!

 

 

مع كل حملة انتخابات إسرائيلية، كنت أصاب بحالة من الغيرة وشعور حقد يغلب على تفكيري. فمنذ الانتخابات اليتيمة التي أجريناها قبل أكثر من عشر سنوات، ونحن بحالة انتظار لانتخابات مرتقبة متوقعة قادمة لم تأت ولا أظنها آتية.

استسلمت حتى من محاولات النداء من اجل انتخابات علنا نخرج من هذا القعر السحيق للواقع الفلسطيني. المتأمل للوضع الفلسطيني لا يرى الا انهيار قادم سينهي السلطة ويغرق الشعب في وحل الاقتتال الداخلي لا محال. فلن تنفع انتخابات مرتقبة ولا متوقعة ولا حقيقية.

في المقابل، فإن إسرائيل تقوم بإعادة انتخابات كان اخرها قبل أشهر معدودة لمرات متكررة اخجل من محاولة عدها.           فمنذ أوسلو شارك الفلسطينيون بالانتخابات مرتين، بينما الإسرائيليون قطعوا المرات العشرة في اختيار ممثليهم على مدار عقدي اوسلو.

من اجل هذا، فقدت الاهتمام بالموضوع. فالانتخابات الإسرائيلية بالمحصلة هي شأن إسرائيلي بحت.

وان كانت فكرة “بحتية” شأن الانتخابات الإسرائيلية قد تطورت على مر السنوات لتكون هي بالفعل الغالبة، فهذه الانتخابات هي الدليل القاطع.

صوت إسرائيل الانتخابي الأعلى هو صوت يميني يتفاخر بالتشدد، فكلما زاد المرشح بتشدده نحو اليمين بأفكاره كلما زاد احتمال فوزه على حسب التقديرات الحزبية. المنافسة المحتدمة التي أدى تقارب الأصوات فيها الى اعادة الانتخابات بين حزب (ازرق ابيض) برئاسة جانتس، وحزب (التكتل- الليكود) برئاسة نتانياهو، قطعت الشك باليقين بهذا الشأن. فمن ادعى ان حزب (ازرق ابيض) هو أكثر ميولا لليسار او المركزية، فلقد تأكد على لسان رئيس الحزب انه يعتبر حزبه امتدادا او تفرعا اصيلا من الليكود، وحليفه الطبيعي ليبرمان. طبعا، لم نكن بحاجة لهكذا تأكيد، فجانتس ليكودي بالأصل، انشق (تقنيا) عن الليكود، كما فعل بالسابق شارون عند إقامة حزب (كاديما)، فمن الطبيعي ان ما سيحصده جانتس وحزبه من أصوات هي أصوات يمينية تصوت بالعادة الى الليكود. إذا ما حصلت الأصوات اليمينية في الانتخابات السابقة على ٩٠- ٩٥ مقعد، كان من بينها ٧٠ مقعد للحزبين المتنافسين، فان محاولة المتنافسين اليوم في اخذ أصوات اليمين الأكثر تشدد ليتم حسم الفوز لأحد الحزبين. ليبقى ٢٥- ٣٠ مقعد للأحزاب اليسارية، بما في ذلك القائمة المشتركة للأحزاب العربية، التي وصل تكتلها الى حد يشبه الدمامل في سباق نحو المقاعد حول التواجد بالكنسيت الى حرب قوة ونخبة، لا شأن انسان عربي يحمل شعار الهوية الفلسطينية كهدف اول واساسي.

كما يلوح اليمين الإسرائيلي بموضوع الامن ليكسب أصوات الشارع العام، تلوح القائمة العربية الى موضوع الهوية الفلسطينية لكسب الأصوات، والفرق بين التلويحين شاسع على الرغم من تأكد عدم صدق الشعارات لكل الناخبين.

الفرق، ان الإسرائيلي يعرف انه وبالرغم من عدم تصديقه لمرشحه، الا ان موضوع الامن سيعزز فرص المرشح مع كل قتل وقصف يستخدمه المرشح لكسب الأصوات.  اما الهوية الفلسطينية، التي تم التلويح بها من اجل استجداء أخير خوفا من مقاطعة أكبر للانتخابات مرة اخرى، فلا يصدقها أحد. ليس لعدم صدق الدعايات فقط، ولكن لعدم تصديق المرشح لما يقوله أصلا. فالحرب التي رأيناها بين المتصارعين على مقاعد الترشح، يجعل المرء يفكر بأن بالكنيست كنز سيغني صاحبه.

أتابع الحملات العربية من اجل التصويت، وأفكر بكم الفراغ المشكل للمنظومة السياسية والاجتماعية العربية. قد يكون مغني الراب الفلسطيني تامر نفار، هو الوحيد الذي نقل صورة الحقيقة في اغنيته “الفاشي ماشي” بمحاولة دعوته للتصويت في الانتخابات السابقة. ولكن لو كنت ناخبا عربيا، اسمع كيف يبدي رئيس القائمة العربية استعداده للتحالف مع (ازرق ابيض)، أفكر كيف يمكن ان يكون صوتي مؤثرا من اجل مستقبل انسان يتكلم عن الحفاظ على الهوية الفلسطينية الوطنية. اعرف ان الواقع عند السياسة مرير. فالسياسي يلعب بكل الإمكانيات من اجل ان يحصل على صوت في صندوق الاقتراع، ويصافح الشيطان إذا ما تطلب الامر. وقد نفهم كجمهور هذا. فنحن نفهم ان الكنيست ليست قبة تشكيل الهوية الفلسطينية، فهي المكان الذي أسس من اجل دحض ومسح وتصفية الفلسطيني من هوية ووجود. فلو كان السياسي العربي به بعض النزاهة لأعلنها كما هي: نحن نجلس بالكنيست من اجل تحسين الخدمات للعرب كلما وإذا ما أمكن. لأنه لا يمكن لفلسطين ان تتحرر من تحت قبة الكنيست. ولا يمكن ان يكون محرر فلسطين رجلا يحلف اليمين من اجل الحفاظ على إسرائيل وعلو شأنها. ما يجري بالكنيست هو شأن إسرائيلي خالص، يعني تقديم الخدمات للعرب وتحييد العنصرية إذا ما أمكن في بعض القوانين الخاصة. لأنه لا وجود لعربي غير يهودي في دولة اقرت قانون القومية اليهودية بينما كان يجلس النواب العرب تحت قبة ذلك الكنيست.

وقد تبقى معضلة المشاركة او المقاطعة بالانتخابات صعبة. فلو اتفقنا على ان وجود المقاعد العربية في الكنيست سيخفف من العنصرية ويسمح للبلديات العربية بميزانيات أكبر لتحسين الخدمات، وسيتطلع عن قرب بمخططات يمكن تجنبها بما يخص التعليم والاقتصاد وغيرها، وسيعمل على تجنيد وحشد أكبر لمنع مصائب تستمر في الاندلاع نحو المجتمع العربي.

او اتفقنا على ان وجود العرب في الكنيست سيعزز شرعنة الاحتلال، او بالأحرى عدم وجوده، وسيتم استخدام الوجود العربي في تحت القبة الصهيونية لتنظيف صورة الاحتلال وتلميعها امام المجتمع الدولي، لعكس الديمقراطية الإسرائيلية او بالأحرى اثباتها.

نجد أنفسنا من جديد امام سؤال حقيقي: هل بالفعل هناك تأثير ممكن للعرب داخل الكنيست إذا ما صوت الكل العربي وأعطى صوته للقائمة العربية المشتركة- او الموحدة؟ إذا ما كان الجواب نعم، فالسؤال التالي هو: ما هو التأثير الممكن؟ تأثير خدماتي أم تأثير سياسي؟

إذا ما كانت الكنيست هي مكان التشريعات والقوانين، والوجود العربي سيؤثر على الخدمات في أحسن الأحوال، فلماذا نقدم خدمة لإسرائيل في تلميع وجودها بينما تستمر بالاحتلال بصورة تتحول أكثر نحو العنصرية والفاشية والظلامية مع كل حكومة إسرائيلية؟

ويبقى تساؤل كان سبب كتابة هذا المقال: هل سقوط نتانياهو سيغير من السياسة الإسرائيلية المبنية على التفرقة العنصرية والتصفية العرقية للفلسطينيين؟

هل تحرير فلسطيني مرتبط بسقوط نتانياهو او فوزه؟

فمنذ زيارة نتانياهو للحرم الابراهيمي في الخليل، التي تلت زيارة الرئيس الإسرائيلي ورئيس الكنيست لنفس المكان ولنفس الاحتفال بنفس اليوم، أعيش في حالة ذهول من ذلك الرفض لزيارة نتانياهو والخروج في مظاهرات ضدها من قبل الفلسطينيين، بينما لم نسمع حتى كلمة شجب لوجود رئيس دولة إسرائيل ورئيس الكنيست. وكأن إسرائيل مشكلتها باحتلالها عنصريتها وعنجهيتها تتمثل بنتانياهو وسنعيش بأمن وسلم بعد سقوطه.

نتانياهو، جانتس، بينيت، شاكيد، ليبرمان، بيريتس: وجوه متعددة لسياسة واحدة: التصفية العرقية للفلسطينيين والانقضاض على الفرصة التاريخية المتاحة بتحقيق الحلم الإسرائيلي التوسعي، بوجود إدارة أمريكية وحكومات عربية تعمل بإخلاص ووفاء من اجل تحقيق هذا

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading