حفاوة استقبال رئيس بلدية الاحتلال: عندما تصبح الخيانة وقاحة وتسحيج وفعل وطني!!
استاء رواد المواقع الاجتماعية عندما تناولت وسائل الاعلام المختلفة خبرا تلاه فيديوهات لمدرسة في القدس تستقبل بحفاوة مبتذلة رئيس بلدية الاحتلال.
طبعا خرج الجمهور بين مستاء ومدافع. المدافعون كانوا من الذين يعملون بالمدارس التابعة للمعارف الإسرائيلية.
بالعادة، أولئك يخرسون تماما. يقومون بما يقومون به كجزء من عمل مفروض عليهم. بالنهاية كما يقال، ان الشمس لا تغطى بغربال. فلم تبدأ أزمة المدارس والطلاب والمعلمين حديثا. فمنذ تنازلت السلطة الفلسطينية وتهاونت في موضوع القدس، صارت المدارس هي القربان الأول، وبالتالي الطلاب والمعلمين. وعليه، ليس من السهل كيل الاتهامات ضد المدارس ومن يعملون بها، لأنهم بالمحصلة، نتيجة طبيعية لم تم السكوت عنه منذ سمحت المدارس ان يتحول الطالب الى (مبلغ مقطوع)، والسلطة الفلسطينية تركت قطاع التعليم ليبلع في مشروع أسرلة المدينة.
ولا يمكن كذلك لوم المعلم الذي اضطر للسكوت والرضوخ، ولا للعائلة التي لم تعرف أصلا ما تقوم به المدرسة من فعاليات تؤكد فيها على حتمية الاحتلال.
وشأن المعلم والطالب هو شأن كل من يعمل في مؤسسة إسرائيلية رسمية تحت مسمى ” لقمة العيش”، كما هو شأن كل من يتبضع ويتسوق بأسواق ومحلات الاحتلال تحت مسمى “التوفير للقمة العيش”.
ولا يمكنني التجني ولا الاستعلاء على انسان يعمل في مكان ما، يرضخ من اجل تأمين لقمة عيش عائلة كاملة. ولا يمكنني كذلك التبجح بأمر التسوق من المحلات الإسرائيلية التي صارت بالفعل في كثير من السلع الأساسية اقل تكلفة من مثيلاتها الفلسطينية . فنرى كيف يتم قمع الناس بشكل عام على كل الأصعدة، فإذا ما كانت السلطة الفلسطينية تقمع شعبها واسكاته من اجل مصالح مباشرة تتعلق في الوظائف، فلا يمكن لوم سلطة الاحتلال التي قد تقمع كذلك الموظفين التابعين لها. وهي التي بنت وجودها على القمع والمسح الممنهج للهوية الفلسطينية بكامل مكنوناتها الثقافية والاجتماعية.
ولكن، بعودة لما حصل بالأمس في المدرسة المعنية، لا يمكن الا رؤية مصيبة حقيقية امامنا، وكأننا رجعنا سبعين عاما الى الوراء. ما حصل بعد احتلال إسرائيل لفلسطين، وفرض روابط القرى وتعيين المعلمين من قبل المخابرات، ليكون المشهد قريبا مما رأينا بالأمس. كان ينقص المشهد النشيد الوطني الإسرائيلي ورفع العلم فقط.
الجريمة التي حصلت بالأمس، تنعكس في كل طفلة حملت وردة وجلست او وقفت أو غنت ونشدت أو رقصت في استقبال رئيس بلدية الاحتلال، لتعود الى البيت وتتابع ربما مع عائلتها مشاهد مصورة لقصف في غزة وخبر اعتقال لشاب واستشهاد جريح او مقاوم. وربما سمعت لعنات تتردد لخوف على أقصي ينتهك.
اخذ الانسان الفلسطيني بالداخل المحتل سبعين عاما من اجل محاولة النهوض بنفسه ومسح ما يمكن مسحه من اثار عميقة لعملية مسح الهوية الثقافية والوطنية الفلسطينية بإنتاج انسان عربي ممسوخ. ونرى معلمات ومعلمين من القدس يتفاخرون ويتباهون ويصطفون كوجهاء القبائل في مشهد لا يمكن وصفه الا بالمخزي امام رئيس بلدية يحتقرهم.
الحقيقة انني وقبل حضور كامل البث الذي نشره رئيس بلدية الاحتلال، كنت أفكر كيف سنرى نفس الطالبات في اخر السنة وهن لابسات الزي الفلسطيني ومتوشحات بالكوفية ويغنين على الكوفية بانتصار لنهاية السنة الدراسية والقضية.
ولكني اصبت بصدمة حقيقية عندما رأيت ان فتيات مستقبلات لرئيس بلدية الاحتلال مع فريق كشافة “وطني” كن لابسات للثوب الفلسطيني المطرز.
اصطفاف الطالبات والمعلمات والمعلمين.. مشهد يجعل المرء يشعر بالغثيان. طالبات تصطفن مع أستاذ لينشدن بالعبرية وتوسطهن رئيس بلدية الاحتلال. جماهير من العربان ينتظرون دورهم للسلام والتلمس مع الرجل المتفاخر بالكيباه – (الطاقية اليهودية) الصهيونية على رأسه، وفرقة الدبكة “الفلسطينية” باستعراض تكميلي لا يتوقف. الثوب والكوفية وجمهور لا يقل صهينة من الصهيوني المرتدي للكيباه كتثبيت لهويته.
هؤلاء يسعون للتحرر بلا شك!!!
شعارات لسقوط الاحتلال تعلو السنتهم في منابر أخرى.
جمهور فرح بفرصة زيارة المسؤول الكبير. مديرة وصلت الى نشوة انتصاراتها، وعدته بإتقان اللغة العبرية في السنة القادمة. المتصهينون من أبناء المدينة المقدسة متلهفون للشرح والاستعراض.
كيف لنا ان نحلم بالتحرر، وامثال هؤلاء يعلمون ابناءنا ….
كيف لنا ان نحلم بالتحرر وهذا هو ما ينشأ عليه ابناؤنا من تربية في المدارس…
التسحيج شعار الانسان الذي يريد الحياة، مدارس تصنع اجيالا من السحيجة المستقبليين، سواء لارباب السلطة الفلسطينية او تلك الإسرائيلية.
فلم يعد التحرر الا شعار.
فالقضية تنتهي وتبدأ بمديرة مدرسة قد يتم ترقيتها، ومعلمة مثبتة، وأطفال يقفون للهاتكفا ويرقصون على علي الكوفية. يصفقون ويصطفون مرحبون مهللين لرئيس ببلدية لا يزال يسمونها ببلدية احتلال.
نحن لسنا بخير…
الوطن ليس بخير…
مستقبلنا لا يمكن ان يكون بخير… فها نحن نعيش في يوم تعدت الخيانة وجهة النظر، وصارت تمارس بالعلن