تخطى إلى المحتوى

بعد صدور تقرير الطب الشرعي يجب إقالة وزيرة الصحة وإغلاق المستشفى الذي أصدر “صك”  التستر على موت إسراء غريب واعتبار المسؤولين شركاء في الجريمة

بعد صدور تقرير الطب الشرعي يجب إقالة وزيرة الصحة وإغلاق المستشفى الذي أصدر “صك”  التستر على موت إسراء غريب واعتبار المسؤولين شركاء في الجريمة

 

لا يزال الارتجاف يملأ أصابعي التي تعاني من أثر الرعشة التي أصابتني بعد الانتهاء من قراءة تقرير الطب الشرعي لوفاة الشابة إسراء غريب. ذلك العذاب الذي لم يتخلص منه جسدها حتى بعد صعود روح المسكينة الى بارئها. أي ظلم وعذاب عاشته تلك الشابة على مرأى ومسمع عالمها المحيط، بدء من عائلة شاركت في ظلمها وضربها وموتها، ووصولا الى مستشفى مهما حاولنا التبرير للعاملين به، هناك جريمة يجب الوقوف امامها والمحاسبة الفورية عليها، تتمثل بتقرير الوفاة الذي أصدرته المستشفى الذي لم ير ضربا ولا كدمات ولا كسور من الواضح انها أدت بسبب كثرتها الى مضاعفات وتعرض الضحية الى نزيف داخلي متعدد.

منذ يومين والرأي العام منشغل بالطب العدلي ومسميات العاملين به الوظيفية ومؤهلاتهم. اتهامات بالإهمال والتسيب وتجاوز المهام وتعددها وعدم الاهلية.  لا يوجد لدي أدنى شك، بأن دائرة الطب العدلي ينخرها الفساد ككل واي دائرة ومؤسسة سيادية في هذا الوطن الذي صار الفساد فيه وباء. وقد يكون الفيديو الذي نشره والد الطفل الضحية فادي المحتسب، الذي قتل عن عمر لا يتجاوز السادسة على يد مجرمين اغتصبوه وضربوه ثم قتلوه ورموه في نبع ماء بالخليل قبل ثماني سنوات، دليلا اخر في سلسلة الانتهاكات والتسيب والظلم الذي تمارسه المؤسسات صاحبة العلاقة في حق الضحايا وذويهم. ولكن المشكلة الآن ليست هناك. المصيبة في ان يصدر التقرير الذي يقطع الشك باليقين من دائرة الطب العدلي بهكذا تفصيلات، لم نقرأ حرفا واحدا ولم نسمع بيانا مجديا من أي جهة ذات علاقة مباشرة بهذا الامر، وهي المستشفى ووزارة الصحة. بيان الطبيب على الفيسبوك الذي يثبت الان تورطه ، وبينا الصحة الأخير الذي يراوغ ويتنصل من المسؤولية وكأن الموضوع  إسقاط على الوزارة.

بلا شك يجب ان يحاسب كل من تسببت يده القذرة بلمس اسراء غريب وتعذيبها وموتها، وبكل من تستر من عائلتها واقاربها على هذه الوحشية والاجرام، ولكن يجب ان تحاسب المستشفى بدء من الطبيب الذي وقع على تقرير الوفاة، وكل من ادلى بشهادة كاذبة بشأن موت اسراء غريب من الطواقم الطبية المتواجدة في المستشفى، وانتهاء بوزيرة الصحة التي شاركت المستشفى بالتستر على الجريمة، عندما رفضت التدخل او التحقيق او التعقيب او المحاسبة منذ اللحظة الأولى وعندما سمحت بحجب الحقيقة عن الرأي العام وترك “الجن” يدخل في هذه القضية من أبواب المستشفى ويكون قاتلا او شاهدا على هذه الجريمة.

أي همجية ووحشية هذه التي نعيشها، في تواطؤ لعنجهية وجبروت ظلم عائلة ونظام صحي كان من المفترض ان يكون مكان انقاذ الضحية.

كيف قبلت المستشفى ان تخرج مصابة بكل هذه الكسور؟ كيف تغاضت المستشفى عن الرضوض في جسدها وعن الجروح البالغة في عينها وجبينها؟

أي اجرام هذا الذي يتواطأ فيه من يحملون صفات الرحمة بوظائفهم بالتخلص من انسانة جاءتهم وهي ضحية.

أي اجرام هذا الذي يجعل مجرم يجول في باحات وغرف المستشفى ويغلق الباب على الضحية ويوسعها ضربا مع جماعة وحشية أخرى ولا حرف ولا تنديد ولا محاولة حتى بالتدخل.

مهما صببنا جماح غضبنا في هذه القضية على العائلة، من زوج اخت يجب محاكمته علنيا، ليس فقط بتهمة التواطؤ على قتل اسراء غريب، ولكن بتهمة الاستهتار والخداع وتعطيل العدالة وبث أفكار شيطانية ابطالها الجن للرأي العام، ووالد واخوة لا أستطيع ان اتخيل كيف هان الدم عليهم. كيف تستطيع أمها النوم ليلا؟ كيف تتمكن اختها من اخذ نفس بينما شهدت على عذاب اختها؟ افراد عائلة حاولوا التواطؤ وتهديد الرأي العام وتعطيل العدالة والتشهير بالضحية على مدار أسابيع من اجل التستر على جريمة قتل اسراء.

المجرم الذي لا يقل مسؤولية في موت اسراء هو الطبيب الذي وقع على عدم الشبهة في الوفاة. وكأنها “كلب” ضال وجد قتيلا. وكما في اليد القذرة التي ضربت وعذبت اسراء حتى الموت، ومن شارك في تلك الجريمة من افراد عائلة، كذلك الطاقم الطبي الذي رأى وعرف وسمع وشاهد، وتواطأ مع العائلة لتغطية الجريمة.

ولأن الطاقم الطبي لم يكن ليتصرف بهكذا استباحة لإنسان بلا حماية من الوزارة التي لم تفكر ولم تحترم موت انسانة ولا الحاجة للرأي العام لمعرفة الحقيقة، فيجب تقديم وزيرة الصحة للمساءلة. ولن أتكلم هنا ولن أطلب من النقابة أي تدخل ، فموقف نقابة الأطباء بعد قضية تحرش الطبيب واضح. فلن يهتم الرأي العام أصلا لقولها ولا لردها.

 

قد يرى البعض في مطالبتي هذه اجحافا وتجنيا على وزيرة الصحة. وقد يكون هناك بعض الحق في هذا، لأنني يجب ان أطالب في محاسبة رئيس الوزراء والرئيس، لأنهما المسؤولان المباشران في هذا النظام الذي لم نعد نعرف من اين نسد ثغرات اهترائه التي ترمينا الى ظلمات سحيقة كل يوم مع كل قصة مأساوية نعيشها.

ما يجري ليس مصادفة، فغياب المحاسبة والمساءلة لا يأتي من فراغ وتحكم شخص بعينه بمكان ما، سواء كان أبا قرر ان يقتل ابنته، او طبيبا قرر ان يهمل بمريض فيميته، او كان محققا قرر دفن الحقائق او طبيب عدلي قرر ان يدثر اثار جريمة بتقرير مزور.

هؤلاء يعرفون جيدا انهم مهما اقترفوا من مصائب وجرائم لن يحاسبوا. كل شيء في هذا الوطن يمكن تغيير معالمه من اجل مصلحة متنفذ ما. وكم سهلة دائرة المتنفذ هذه في اتساعها، فتبدأ عند حارس وتنتهي بوزير.

لو وقف كل صاحب منصب عام امام مسؤولياته لما وصلنا الى هذا المستوى من هدر الدم وانعدام الثقة ما بين الشعب وجهات المسؤولية.

منذ ان تحولت قضايانا الكبيرة الى لجان تحقيق لم نعرف ابدا نتائجها، صار كل ما في هذا الوطن مستباحا.

قضية اسراء اوصلتنا الى حضيض هذا الهدر.

وضعتنا امام مرآة حقيقتنا … كم سهل هدر حياة انسان، وكم هو أسهل ان يتنصل المجرم من فعله.

كم من اسراء هدر دمها واستبيحت قضيتها ويجول قاتلها بلا حساب.

كم نيفين عواودة صرخت واستنجدت واستغاثت وانتهت قضيتها بعطوة عشائرية ومنشد؟

كم من طفل هتك وقتل ولفقت الجرائم لتقيد ضد مجهول او للطبيعة؟ كم من فادي المحتسب؟ كم من اب وام وزوج واخ واخت وصديق وصديقة ينتظرون ساعة عدل وقول حق؟

كم من دموع جفت حرقة على ظلم وقع لضحايا وظلمات يعيشونها في غياب الحساب وتدهور الامن والأمان.

كم من ضحية أخرى ستقدم حتى يتم محاسبة المسؤولين ووضعهم أمام هول أفعالهم؟

كم من ضحية تعبث ارواحها بضمائرنا وتسأل: بأي ذنب قتلنا؟

1 أفكار بشأن “بعد صدور تقرير الطب الشرعي يجب إقالة وزيرة الصحة وإغلاق المستشفى الذي أصدر “صك”  التستر على موت إسراء غريب واعتبار المسؤولين شركاء في الجريمة”

  1. و ايضا رائد الغروف , و اختفاء تسجيل الكاميرات في الفندق و غيره و غيرها كثر. أصبحت اعتقد ان حياة كل مواطن معرضة للخطر في وطن الوجود فيه أكبر خطر على الحياة

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading