تخطى إلى المحتوى

شكرا لمدرسة راهبات الوردية لمحاولتها الدؤوبة بالرقي بعقول الطالبات: الفلسفة يجب ان تكون مقررا ضمن مناهج التربية والتعليم

شكرا لمدرسة راهبات الوردية لمحاولتها الدؤوبة بالرقي بعقول الطالبات: الفلسفة يجب ان تكون مقررا ضمن مناهج التربية والتعليم

 

تداول نشطاء شبكات التواصل الاجتماعي قبل أيام، منشورا من قبل أحد أولياء الأمور في مدرسة راهبات الوردية في القدس تحت عنوان “الى جميع الغيورين”. استوقفني المنشور كثيرا وتساءلت: الى اين نذهب؟

المنشور يدعو ويتساءل عن مشروع بدأته مدرسة راهبات الوردية بإدراج مساق فلسفة ضمن منهجها التعليمي. ويعترض الرجل على الكثير من الامور تبدأ بمدرس المساق الذي تهمته انه “طبيب” وفحوى التعليم الفلسفي الذي ينشر الكفر ويشكك في المسلمات.

طرح الرجل كذلك مثالا، كيف بدأ الأستاذ الدرس بسؤال الطالبات عن وجوب وجود اب للإله ومن الذي أنجبه وهل يعقل وجود الاله أصلا. ثم ردت عليه طالبة بسورة الإخلاص وخرجت من الصف وتلتها طالبة أخرى …الخ…

طبعا، يتوجب التصفيق الحار للطالبة عند قراءة السطور بهذه الطريقة. فالطالبة غيورة على ربها وعلى اسلامها وعلى قرآنها الكريم. والرجل كافر ملحد يدس السم بالسم.

سألت نفسي: هل ستذهب هذه الطالبة فيما بعد الى جامعة؟ فاذا ما كان الجواب بنعم، فماذا ستفعل في حصة الفلسفة او الحضارات او الثقافة وغيرها من المساقات الفلسفية التي تطلق عنان الأسئلة لتضرب مهاجع التفكير في العقول؟

من السهل قراءة نص الرجل وكأنه حامي للإسلام وللدين، وكأن هناك خطة ممنهجة في دس الأفكار التكفيرية في رؤوس الطالبات.

من السهل كذلك تحريك الرأي العام ضد مدرسة راهبات الوردية تحديدا، بعد قضية الحجاب في المدرسة قبل سنوات.

وهنا ابدأ بالسؤال التقليدي: إذا ما تأكد الوالد ان هذه المدرسة تكره الدين الإسلامي وتدس أفكارا تكفيرية برؤوس الطالبات، لماذا يبقي ابنته في هذه المدرسة. فالمدارس التي تربي على الدين موجودة، ومن أبرزها مدرسة الايمان. يعني إذا ما أراد الانسان الذي يريد ان يربي ابنته على الشريعة الإسلامية كما يتوقعه من معتقدات ومسلمات لا يمكن المس بها، فهذه المدارس موجودة. ومن ثم يرسل ابنته الى كلية الشريعة، او الى السعودية او جامعة الازهر وغيرها من الجامعات الشرعية ويتأكد من الإسلام يتغلغل في عروق ابنته كما يجب.

ولكني لا اشك ان اختيار الاهل لمدارس مثل مدرسة راهبات الوردية. مرتبط بآمال الآباء بتقديم لبناتهم وابنائهم تعليما جيدا يرقى بهم. فلماذا هذا الرعب على الدين من المدارس؟

الحقيقة، ان ما قامت به مدرسة الوردية من ادخال مساق الفلسفة للمنهج هي خطوة متأخرة، لمدرسة تعمل وبإصرار على تقديم الأفضل من أدوات التعليم لطالباتها. فيبدو ان المدرسة اقتنعت أخيرا، ان التفوق بالعلامات ليس هو المؤشر الوحيد للتفوق العلمي، فهناك مدارك أخرى يجب فتحها في عقول الطالبات من اجل اخذ زمام حياتهن المستقبلية واعدادهن لجامعات راقية. فالفلسفة يجب ان تكون جزء من المنهج الرسمي منذ سنوات التعليم الأولى، لو كان عندنا مناهج تحترم العقول. ولكن من الطبيعي الا تكون الفلسفة جزء من مناهج، تؤكد على التلقين والتحفيظ كمصدر أساسي لحفظ المعلومة في العقل. والدين ليس الا أداة يتم استخدامها للسيطرة على العقول. فمناهجنا مليئة بالتلقين المبني على مفاهيم دينية تم دسها في كل المقررات وكأن كاتب المناهج يعيش في كهف من العصور الوسطى. والامثلة على هذا كثيرة ومتكررة. لا تحترم المناهج من خلال هذا وجود طلاب ليسوا مسلمين، وتفرض التعاليم الإسلامية وكأن الإسلام هو دين كل الشعب. والتعليم الإسلامي الموجود مبني على مدارس فقهية منحازة أقرب الى الوهابية، وكأن الطالب يتم تحضيره لمرحلة متزمتة من الحياة، نراها كما نراها اليوم كنتيجة يرجع فيها المجتمع الى الوراء بدلا من التقدم. فنحن أكثر تخلفا وعنفا وعنصرية وقبلية.  وعندما تتقدم مدرسة “مسيحية” بإدخال الفلسفة كمقرر “وسطي” لا يعتمد على الدين من اجل توسيع افاق التفكير، يتم محاربتها واتهامها بالعنصرية.

من حق المدرسة ان تقرر ان الدين الإسلامي لا يتناسب مع مبادئها كمدرسة تبشيرية مسيحية، ومع هذا لا تقوم أي مدرسة بهذا، احتراما للتعددية الدينية التي يبني المجتمع الفلسطيني نفسه عليها.

اعرف ان هذا المقال سينال نصيبه من الشتائم، فنحن لم نعد نر من أنفسنا الا ارتدادا لدين نريد الحفاظ عليه بلا أي عناء او جهد. لا نقبل الاختلاف ولا نتقبل أي اخر. وكل ما يأتينا من منطق به بعض السؤال يدخل في إطار التكفير والتلحيد.

سيأتي يوم سيكون الجيل القادم ملحدا بلا مجال للشك، ليس بسبب ما يتم تقديمه من مدرسة قررت ان يكون اعمال العقل جزء من التقدم في عقول الأبناء، ولكن بسبب التزمت المغلق على نفسه من كل الاتجاهات بذريعة الحفاظ على الدين.

الايمان لا يحتاج لان يحافظ عليه أحد. الايمان هو سلسلة من المعايير الأخلاقية والبنيوية التي نبني عليها وجداننا. نقول بلغتنا العامية ” الله ما شافوه بالعقل عرفوه”، إذا ما كان العقل هو مكان التعرف على الخالق، فكيف نمنع التفكر. الفلسفة هي المكان الذي يشكك فيه الانسان ما حوله ليخرج بأجوبة يسلم فيها الى وجوده. هذا هو الدين الحق. الدين الذي يترك المجال للسؤال والتساؤل، وعليه يأتي انسان عاقل ويتفكر ويتساءل.

من السهل إطلاق الاتهامات. ومن السهل التكفير، ومن السهل استثارة الرأي العام نحو موضوع الدين. ولكن اليس الدين الحقيقي غير ذلك؟ الم يتعرف الأنبياء على الله من خلال عدم تسليمهم لما كان من المسلمات في عبادة الاوثان؟

كيف حولنا عبادتنا لله الى وثنية؟

أتمنى لو تأخذ وزارة التربية والتعليم موضوع ادخال الفلسفة كمقرر الزامي في المناهج منذ الصفوف الأساسية، لعلنا نظفر بجيل يفكر ويزيل تحجر العقول والقلوب الذي يقربنا في كل يوم الى زوال محتم.

 

7 أفكار بشأن “شكرا لمدرسة راهبات الوردية لمحاولتها الدؤوبة بالرقي بعقول الطالبات: الفلسفة يجب ان تكون مقررا ضمن مناهج التربية والتعليم”

  1. وهل بنات الايمان يدرسن فقط في السعودية او الازهر . مدارس الايمان كل عام عندها ما لازيقل عن 15 طالب وطالبة في كليات الطب، غير كليات الهندسة… يعني بموضوعية ممكن افهم سبب هجومك على مدارس الايمان

    مدارس الايمان لا تأت بأي شيئ مخالف لعادات المجتمع الذي تعيش فيه، هي متماشية مع الثقافة العربية الاسلامية… ولا تأت بالعجيب
    وطالباتها يشهد لهم بالبنان

    اما العجيب هو دفاعك عن من يهاجم عادات وقيم المجتمع (مدرسة الراهبات) من خلال اسائتك لمدارس الايمان.

    زيد القيق
    مدير مدرسة الايمان الأساسية

    1. الحقيقة انه ما عندي اَي مشكلة بمدرسة الإيمان ، بالعكس تماما ، لانه توجهها واضح ومباشر ، وبالتالي اللي بيرسلوا اولادهم للتعلم فيها. المشكلة بمحل تاني !

    2. انا لا ارى هجوم على مدارس الايمان اعتقد انك تركت كل شئ إيجابي بالمقال وتركت مغذى المقال و رأيت نصف الكأس الفارغة

      يا ريت لو تشوف الامور بموضوعيه اكتر وتكون إيجابي
      انا أوافق انا الإلحاد اصبح وباء والتشكيك في وجود الخالق يساعد الناس للبحث عن الحقيقه و التفكير

      الفلسفة تفتح عقول الناس

  2. للاسف مقال الست ناديا يخلو من الاستناد لاي موضوعيه او حتى اثباتات لما ذكرته من اتهامات للغيورين على دينهم وتعطي الحق لان يتم الاساءه لعقيدة المسلم وبالمقابل تطلب من المسلم تقبل الاخر وهنا التناقض وحتى المنهج الذي نعلم سلبياته ولا نعمل ولاحتى هي من تصدت بمقالها هذا الذي ليتها وجهته للمسؤولين عن المناهج وكان هجومها فقط لانهم لم يدرجوا الفلسفه ومن قال ان الفلسفه هي هذه التي تحدث عنها طبيب الورديه للاسف هذه ليست فلسفه وانت بحاجه لتعلم الكثير الكثير قبل ان تتحدثي بحال مصلح المجتمع الغيور على مدرسة الورديه والتي اتفق معك بنقطه وحيده ان الغيور على دينه يجب ان يعلم علم اليقين ان هذه المدرسه تعمل تبشيريا ومنذ سنين طويله وانهم لا يسمحون للبنات بالصلاة ويحاربون الحجاب وبينما حضرتك تطالبين بالحق بالمنهاج لغير المسلمين فمطلوب منك توضيح من هي هذه الفئه وكنا بالمدارس نرىالطالبه المسيحيه يسمح لها بعدم حضور حصة الدين ان رغبت واحيانا نجد طالبه تحضر الحصه وتشارك مع ندرة وجود طالبه مسيحيه فكلامك يا ست ناديه خالي من النقاش الموضوعي وفيه تهجم على الاسلام قبل المسلمين والاولى ان كنت مسلمه ان تنتصري لقضية مجموعه هوجموا في عقيدتهم وانت تدعين الحريه الدينيه ولم نجد دينا سمحا اعطى للنصارى حقهم وعبادتهم منذ نزل مثل الاسلام وان كنت معنيه بدراسة الموضوع نزودك بما تصححين به معلوماتك ونكرر اننا نرفض اساءتك وتهجمك الباطن على مدارس وجامعات وطالبات المسلمين بدعوى فليدرسوا بهذه الاماكن ولا يقتربوا من صروح العلم والتقدم المزعومه من قبلك

    1. سيدي، اولا انا ليس لدي مشكلة مع مدرسة الإيمان ومع اَي مدرسة دينية ، وبفكر انه الناس اللي بتختار انها نروح هذه المدارس هي ماس متصالحة مع ذاتها وواضحة بتوجهها نحو إدارة حياتها. المشكلة بالناس اللي بتروح مدارس غير إسلامية وبتوقع انه تأسلم هذه المدارس. حضرتك بتنافش الدفاع عن الدين من خلال ما نقله والد الطالبة وليس من خلال ما جرى بالفعل بالحصة ، فمن السهل اخضاع ما جرى لفكرة غيرك على الدين اذا اهدنا الكلام بسياق محدد . اذا تابعت مقالات سابقة لي بشأن الحجاب ومدرسة الوردية تحديدا بتعرف انه موقفي مرتبط بالمصلحة الحقيقية ، لاني وبالرغم من تحفظي الشخصي بموضوع الحجاب ، وقفت في دفاع للآخر عّم حق البنات في الحجاب . ولكن خذا لا يعني ان حقوق الآخرين لازم نكون محفوظة. المدرسة مش محل صلاة ولا عبادة بالجواب بملاحظتك على عدم سماح المدرسة للبنات بالصلاة. عدم اجبار الطلاب المسيحيين بدخول دروس الدين بالمدارس يعني هذا شيء بديهي ، ولكن غير البديهي هو ادخال النصوص الدينية بكل المواد التعليمية من عربي لتاريخ لعلوم لرياضيات ، وهذا فيه عنصرية واضحة لانه مش لازم فرض التعاليم الإسلامية على غير المسلمين. خصوصا انه نحن المسلمين نطالب المدارس المسيحية بسعة تقبلها لأبناءنا . هلا موضوع التهجم عالاسلام الحقيقة انا بستغرب منه، الاسلام دين ما بده دفاع عنه. المسلم المؤمن ما بشوف حاله عرضه او بمحل مهزوز خايف على ثبات إيمانه.

      1. يا ريت يا جماعه ما نحول النقاش الى مسلم \مسيحي
        من شان الله اللحمه و الاخوه بين الاديان و التسامح اساسي في مجتمعنا الفلسطيني
        لا للفتنه و لا للتعصب رجاء

        بترجاكم تبعدو عن هذا الموضوع
        مدرسه الورديه صرح علمي فلسطيني
        من دون مندرسه الورديه كان بناتنا غرقانين بالظلام

        يا ريت نحترم المدرسه و نحترم توجه المدرسه و نحترم قرارات المدرسه و نضع ثقتنا في المدرسه
        المدرسه تحاول جهدها لتنميه عقول بناتنا
        امهات المستقبل

        الواجب انو ندعم المدرسه معنويا و ماديا
        نفسي اشوف اشخاص من مجتماعنا تبرع للمدرسه بشيكل واحد
        بدل التهجم على المدرسه

  3. برافو نادية حرحش. مقالك رائع ويستند الى حقائق ومنطق سليم نابع من حس وطني عال وغيرة على الوطن. للأسف ما زلنا نحن المسلمون مسكونين بنظرية المؤامرة التي تريحنا من التفكير بقصورنا وعجزنا المتراكم عبر عصور من الجهل والتخلف العلمي والفكري. الدين يحميه الخالق والفلسفة ازدهرت في عصور الإسلام الذهبية وكتب ابن رشد احرقت في عصور الظلام .

اترك رداً على زيد القيقإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading