تخطى إلى المحتوى

وزير الزراعة واستيراد الزيتون المغمس بدم الفلاح الفلسطيني

وزير الزراعة واستيراد الزيتون المغمس بدم الفلاح الفلسطيني

 

نحن لا نعيش في خيال، نحن نعيش في ظل سلطة فلسطينية بحكومة أخيرة تستهدف ما تبقى من انسان فلسطيني ووجود فلسطيني. لا يمكن ان ما يحصل هو مجرد هفوات خاصة لوزراء. منذ تشكيل الحكومة “المؤقتة – الانتقالية” الحالية، ونحن نعيش امام مصائب في القرارات. خطة عنقودية يبدو تأثيرها كالقنابل العنقودية وليس كعنقود عنب، ولن يكون بالتأكيد زيتون. صارت اجتياحات جيش الاحتلال الإسرائيلي لرام الله تحديدا وكأنها بالتنسيق مع الإعلانات السيادية بالانفكاك المخطط له. وكأن الكيان الإسرائيلي يؤكد لهم ان السيادة لها صاحب واحد فقط وهو الاحتلال الإسرائيلي. هدم البيوت في مناطق ألف الخاضعة للسيادة الفلسطينية. حملات الاعتقالات التي أصبحت يومية من رام الله الى نابلس الى الخليل. ولا نرى الا وعودات وتهديدات لا يصدقها المتكلم ولا المستمع.

اخر مصائب وزارت الحكومة الجديدة بطلها وزير الزراعة. قبل أسبوع أصدر الوزير تعميما بتحديد موعد قطف الزيتون بتاريخ ١٥-١٠، وحذر من يقوم بقطف الزيتون قبل ذلك التاريخ بالعقاب. حقيقة جاءت العبارة ” كل من يخالف يعاقب”.

أحيانا أفكر، اننا لا نزال نعيش في تأثيرات زمن الحكم العسكري الإسرائيلي، وربما كان الوزير من الجيل الذي كبر على أصوات مكبرات الصوت من الجيبات العسكرية التي كانت تصدح في فضاء القرى الفلسطينية لإعلان منع التجول ” وكل من يخالف يعاقب”.

بدا غريبا، ان ينشر وزير الزراعة هكذا تعميم، لتحديد يوم محدد لقطف الزيتون، وهو يوم متعارف عليه بين الفلاحين لحصاد الزيتون. والتبرير لتحديد اليوم كان غير منطقيا، بحجة الحفاظ على التنافس بين المزارعين وعدم كسر البعض للأسعار وتخريب الموسم! موسم على عكس المواسم السابقة يبشر بخير وفير!

مر الموضوع بين تعليق وسخرية، الى ان خرج الوزير ببيان اخر يملي علينا انه قرر “استيراد ثمار الزيتون الخاصة بالتخليل (الكبيس) من الخارج ومن الطرف الآخر!!!!!!

وكان الوزير قد قرر قبل أسابيع بمنع استيراد العجول كجزء من خطة الانفكاك الاقتصادي.

قد لا يفهم المعظم بموضوع العجول وتجارة الماشية، لأن سوقها محدد بفئة معينة، وكل ما يهمنا بالعادة بموضوع الماشية يعلو في موسم الاضاحي. ولكن مع هذا لم يمر الموضوع بالحقيقة مرور الكرام، ولكن لا حياة لمن تنادي، على الرغم من دعم رئيس الوزراء لخطة الانفكاك التي تضمنت عدم استيراد العجول من جانب “العدو الإسرائيلي”.  ولكن مع تأكيد رئيس الوزراء على أهمية موضوع استيراد العجول ضمن خطة الانفكاك الاقتصادي، تنبه المواطن العادي لهذا الامر. وطبعا لم نفهم أي شيء.

كيف لعقل المواطن ان يستوعب ما يحصل؟

نفس الوزارة التي تصدر منع استيراد العجول، والتي قد يكون السوق الفلسطيني بحاجة لها، ولكن مع هذا على الشعب التحمل لان حكومته تريد الانفكاك عن الاحتلال اقتصاديا والشعب وراء هذا العمل الوطني العظيم، في دعوة جديدة لمقاطعة بضائع “العدو”. كيف للمواطن الذي تمتد جذور الزيتون في ارضه كامتداد الشرايين في جسده ان يفهم ويستوعب انه وفي موسم حصاد الزيتون تحديدا، قرر الوزير استيراد ما ينقص من الاف الاطنان من الزيتون الإسرائيلي وبيعه للمزارع الفلسطيني لكبسه؟ وكأن التخليل هو ما بقي لنا حتى نؤمن تحريرنا؟

قد يستوعب عقلي البسيط الكثير من الأمور ويبررها. ولكن، كيف يصل الاستخفاف بدم الانسان المتمسك في ارضه والذي يموت بالفعل من اجل الوصول الي أشجار زيتونه وقطفها. هذا الانسان الذي يشهد العالم يوميا على منعه من الوصول الى ارضه وسلبها وسرقة أشجار زيتونها. ذلك الفلسطيني الذي يأتيه المتضامنون من انحاء العالم ليقطف معه في موسم زيتونه ليشد على يده ويؤازره في محنته في ظل عدو يتربص للإنسان والأرض ويسرق بلا تردد.

هل يشتري الفلاح اليوم زيتونه المسروق؟

وزير الزراعة الحالي، هو أحد كوادر حزب “فدا” الذي ينادي من اجل المقاطعة ويعتبرها أحد بنود الحزب المركزية. كيف يسمح له حزبه بالتطبيع العلني المغمس بدم وعرق الفلاح الفلسطيني الذي ينتظر طيلة العام من اجل هذا الموسم؟

أي حكمة واي تخطيط اقتصادي واي انفكاك هذا الذي يسحقنا تحت التطبيع المدنس بدم الظلم الواقع على الانسان الصامد على ارضه.

الا يكفي الفلاح الفلسطيني في أراضيه من شمال فلسطين الى جنوبها ما يجري من سرقة واستلاب وخطف؟ الا يكفي الفلاح حملات المستوطنين المستعرة من كلاب وخنازير برية وتقطيع وترعيب وسرقة عرق نهار العائلات من قطف وحصاد؟

حتى مشاركة الفلاح في رزقه صارت مكان نظر الحكومة المفلسة التي لا تنتهي عن محاولات تصفية الانسان كمحاولات الاحتلال بنفس التصفية.

لا نفهم كمواطنين حجم المصائب التي يتم ارتكابها بحقنا وباسمنا بأمور لا نفهمها بدء من مشروع أوسلو الذي بدأت به تصفيتنا كأرض وكشعب، على ما يبدو بالتوازي مع الخطة الصهيونية الاصيلة بالتصفية العرقية لنا منذ قيام الكيان الإسرائيلي سنة ١٩٤٨. ولكننا نفهم بمنطق ما تعنيه لنا شجرة الزيتون من امتداد نتماهى معه كفلسطينيين ونرتبط به وجدانيا وحسيا واقتصاديا. فالزيت والزيتون من مفاخر هويتنا الفلسطينية. ما نفهمه من الزيتون ليس تخليله، بل قطفه وعصره وكبسه. ما نفهم من الزيتون هي الأرض التي يحارب صاحبها من اجل عدم مصادرتها. من الشجرات التي تخلع وتسرق لتزرع في المستعمرات. ما نفهم من الزيتون هي تلك العجوز المتشبثة بها منعا لجرافات الاحتلال محاولا خلعها.

ما نفهم من الزيتون دموع مسن تنزل حرقة بينما يمنع من الوصول الى ارضه، وعائلة تتعرض للتحرش والاعتداء والقتل أحيانا من اجل ان تقطف ما زرعت.

ما نفهم من الزيتون في موسم قطافه هو انتعاش المزارعين الذين يرتزقون على دخله طيلة العام.

بكل جدية أتساءل: كيف تبني الوزارات في الحكومة الجديدة خطتها وعلى أساس مصلحة من؟ لقد مللنا السخرية وتعبنا من الاستهتار بنا. لم يبق بنا ما لم يتم تصفيته.

كنا نظن ان الاحتلال هو المترصد المتربص لنا، كيف تتحول الأمور وتنقلب علينا هكذا؟

كفاكم …..

لن يغفر لكم التاريخ صنيعكم بتصفية عروقنا وثمار زيتوننا.

 

 

 

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading