محمود عباس يسقط ورقة التوت
من الصعب استيعاب خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس. لا يفهم المرء من هي الفئة التي يتكلم من اجل ان تسمعه او يحاول اقناعها. كما في كل مرة، يؤكد لنا الرئيس محمود عباس انه يخاطب غير الفلسطينيين. وكأن الفلسطينيين بالنسبة له مجرد تحصيل حاصل. أدوات يسخرها ويحركها كلما أراد من اجل الدعايات، سواء كنا أرقاما لشهداء او لمظاهرات يريد لها ان تكون كما مئات الآلاف التي ادعى خروجهم – من تلقاء نفسهم- للمسيرات في رام الله تزامنا مع خطابه العاري مما تبقى من فلسطين.
لا نفهم كذلك كشعب يعيش تحت الاحتلال كيف يصف الرئيس الفلسطيني علاقته بمجرم كأولمرت بالصديق؟ كيف يترحم على رابين بحزن من فقد عزيز؟
من اين للرئيس فهم ان العلاقة بين الفلسطينيين وإسرائيل هي علاقة تنتهي الى صداقة وود؟ نحن نفهم انه لم يعش في فلسطين وترك صفد لإسرائيل ويكتفي بمقاطعته برام الله بأن تكون الكل الفلسطيني، وعليه، هو يدعو لعلاقة سلم وود بينه وبين الرفاق الأصدقاء من الإسرائيليين ليعيشوا معه بسلام. وكأن من خط بنود صفقة القرن التي رفضها هم آخرون.
تكلم كذلك عن ثلاث وثمانين اتفاقية وقع عليها ضد العنف والإرهاب. وطبعا لم يقصد الإرهاب الإسرائيلي ولا العنف الإسرائيلي. استمر بالتفاخر بنبذه للعنف والإرهاب وكأن الانتصار المحقق في كسر مقاومة كانت هي السبب في رجوعه وثلة أوسلو الى هذه البلاد.
فهو لا يريد الا السلام ونبذ العنف والإرهاب والعيش بسلام مع صديقه السلمي صاحب السلام ايهود أولمرت.
أولمرت صديقه الحقيقي الذي رحب به بحب وتقدير وتأهيل ودعاه برجل السلام.
من الصعب حقيقة فهم لمن ينتمي الرئيس الفلسطيني.
بالتأكيد هو لا يمثل الشعب الفلسطيني.
لا يمثل ما أقنعنا به حزبه وما عشناه من حياة فرضها علينا الاحتلال من قمع واستبداد وعنصرية وقتل.
هل هو بالفعل واعي لما يحصل؟
هل هناك من يجعله يقرأ ما هو مكتوب؟
هل للعمر علاقة بالمسرحية الهزلية التي شاهدناها بينما كان يؤهل ويسهل بأولمرت، ومن قبل بينما القى الخطاب الشعبيّ امام الامم؟
ومن هو أولمرت؟
أولمرت نفسه تمت مساءلته عن سبب جلوسه مع أبو مازن.
ما هو السلام الذي يتحدثون عنه؟
هناك ما هو غير مفهوم بالمفاهيم والمصطلحات التي يتم استخدامها. أولمرت يقول عن أبو مازن رجل السلام وأبو مازن يقول عن أولمرت رجل السلام. بما ان الاثنين اباء السلام فأين السلم والسلام؟ هل السلام بالنسبة لابي مازن وشركائه هو التنسيق المقدس الذي أكد عليه أبو مازن؟
في خطابه امام الأمم المتحدة، يبكي أبو مازن منع ترامب للمساعدات المليونية، ويتفاجأ ويستغرب من ترامب الذي لم يعد يعرفه.. وكأن ترامب كان صديق طفولته وخان العشرة ولعب الأطفال البعيد.
بينما يستعرض أبو مازن إنجازاته وانجازات دولته العضو المراقب وتأكيده على الخلو من الفساد. ويؤكد على ذلك. كما يؤكد على حقوق المرأة وعلى إصراره محاربة الإرهاب. متفاخر على شراكته على بروتوكولات محاربة الإرهاب مع امريكي. أي إرهاب يقصد؟
ويؤكد على انه عقد الانتخابات ثلاث مرات. فخور أبو مازن بنفسه وبعقد دولته على ثلاث انتخابات، واحده منها طبعا جرت في عهده ولم تتكرر. يلوم إسرائيل على عدم اجراء الانتخابات الان.
سيداو مثلا، التي قامت القيامة في الضفة ضدها ولم نسمع تصريح سيادي يقول كلمة فاصلة بشأن أهمية تمرير قوانين تحمي المرأة. بينما تستمر محاكمة المتهمين في جريمة اسراء غريب التي يتمكن منها الجن أكثر في كل مرة، كما انتهت قضية نيفين العواودة في منشد ودليل ملقط حواجب. ينتصر الرئيس للاتفاقيات الموقعة ليعدها امام الأمم المتحدة في تفاخر. ربما نقص ان يخبر الحضور عن عدد المرات وحجم التنسيق في كل اغتيال واعتقال واعتداء واختراق قامت به قوات الاحتلال بقوة تنسيق قواه الأمنية في مدن الضفة. نبذ العنف الفلسطيني والإرهاب وكأننا بؤرة إرهاب في هذا العالم. بدلا من التشديد على نبذ العنف والإرهاب الممارس ضدنا مع كل نفس نأخذه بحياة تحت الاحتلال. الم يكن من البديهي ان يتكلم عن قلنديا التي تحول حاجزها الطيار عند قدوم سلطته الى معبر دولي اليوم؟ الم يكن من الاجدى التكلم عن اعتقالات الأطفال وما يجري بغرف التحقيق من انتهاك للحقوق والإنسانية؟ الم يكن من الاجدى التكلم عن العنف الذي يتعرض له المزارعون في محاولة الوصول الى حقولهم والطلاب الصغار في محاولة الوصول الي مدارسهم من قطعان المستوطنين؟
كيف يتكلم عما لا يعرفه؟ فلا هو ولا من كتب له الخطاب ولا من يحيط موكبه من جالسين يفهم ما يجري على الأرض. لأنهم يمرون بتصاريح المهمين وبسياراتهم. لان ابناءهم يذهبون الى مدارس خاصة وينتهون الى جامعات تبعدهم عن الخطر وعن العنف وعن الإرهاب.
عن أي فساد غير موجود يتكلم ولقد استفحل الفساد في العروق؟
نعم لا نضيع نحن الفلسطينيون أي فرصة في تضييع الرفص كما كرر على مسامعنا نسبة القول الى الحفيد النسيب، لأننا لا نحظى باي فرص بسبب حكم صفى القضية وبدأ الان بتصفيتنا.
اعترفتم بإسرائيل
وتجاوبتم مع كل الدعوات ومع كل ما أتيح من فرص لسلام. وذهب في كل مرة أبو مازن لعمل سلام مع نتانياهو الذي لم يأت ابدا.
نعم لم يضيع أي فرصة … نعم من اجل هذا خسرت وجهك امامهم وامامنا.
هم زرعوا المستوطنات بينما نظر أبو مازن، ودعانا لزراعة التفاح والليمون وصرخ عاليا انا انبذ العنف والإرهاب. وغض النظر عن الاستيلاء على الأراضي وتسريبها بينما عيون الشعب تنظر.
حولنا الى إرهابيين وحارب المقاومة فينا بقدر محاربة إسرائيل لنا.
يتمسك أبو مازن بأعضاء الكونغرس والضباط الإسرائيليون ومظاهرة تل ابيب. نعم معه حق، ففي فلسطين كان المرسوم القاضي بإخراج الموظفين من الدوام من اجل الاعتصام هو اجباري. مع أبو مازن الحق في عدم الثقة بالمواطن الفلسطيني الذي لن يخرج الى الشارع من اجل مناصرته في أي شيء.. الا إذا اجبر.
لا يزال يستجدي أمريكا وإسرائيل في خطاب بائس. حتى لو جاء فيه بعض الأمور الصالحة للقول، ولكن… لم يبق أي إيجابية في الأجواء… الا إصرار أبو مازن على تخيل سلام مع الإسرائيليين. يريد سلاما بلا تدخل من أحد… مقتنع تمام القناعة ان الإسرائيليين ينتظرون سلامه لو تركوا للسلام.
يبكي قتل رابين ويترحم على أوسلو الذي يتفاخر في تفاخره… ويترحم على رابين.
لا يريد تدخلات… ويستجدي ترامب من جديد من اجل العدل.
لا يريد تدخلات ويطالب بمؤتمر برعاية الأمم المتحدة والرباعية الدولية واي دولة أخرى…
لمن يشكي أبو مازن امره؟
الأراضي الفلسطينية ام أراضي متنازع عليها!!!! كيف لرئيس فلسطيني ان يتكلم عن أراضيه ويقر بأنها أراض متنازع عليها.
يريد العيش سويا مع الإسرائيليين.
هل لإسرائيل ان تمنحه لجوء إنسانيا مليئا بالأمل الذي لا يريد له ان يضيع… لأنه في يوم سيقرر الشعب الفلسطيني ان هذا الرجل هو من اوصلنا كما في الخارطة التي حملها وتباكى عليها كأنه يتفاجأ من الحصلة.. محصلة ثلاثين عام من الهوان والتنازلات… لينهيا كما دوما بتوجيه كلمته الى الشعب الإسرائيلي الذي يراهن عليه دوما.
لقد اسقطت ورقة التوت التي سترت عليك وبت عاريا مثل شعبك… مشردا ممزقا تائها ….
الإرهاب الوحيد الذي نعيشه هو صمتنا لوجود هذا التمثيل لنا كفلسطينيين… سكوتنا خنوعا ام رعبا ام مللا …. فالأمل الذي يحمله هو الألم الذي نستمر بعيشه.