تمخضت لجنة المقاطعة وولدت تطبيعا

تمخضت لجنة المقاطعة وولدت تطبيعا

 

 

انتظرت بفارغ الصبر بيان حملة المقاطعة (بي دي اس) حول بلدية رام الله وعضوية الجمعية الإقليمية والمحلية الاورومتوسطية ارلم، على ضوء استقالة خمسة من أعضاء بلدية رام الله بسبب ترؤس بلدية رام الله للجمعية في ظل وجود بلدية مستعمرة موديعين.

خلال الأيام الأخيرة ضاجت الاخبار بالأمر بين ارتياب واستغراب وتحفظ. يكاد المواطنون الفلسطينيون ينتهون من اخبار تطبيعيه رفيعة المستوى حتى يبدؤوا بأخبار أخرى. وكلها تجري في محيط “مقاطعة رام الله” في هذه الأيام.

بدأ الموضوع عندما أعلن خمس أعضاء استقالتهم – بعد رفض رئيس بلدية رام الله الاستقالة من رئاسة الجمعية الإقليمية والمحلية الأورو متوسطية (أرلم) رغم وجود مستعمرة إسرائيلية “موديعين” كعضو في الجمعية.

ولم يمر يوم حتى جاء بيان مجلس البلدية بقبول استقالة الأعضاء المستقيلين بحجة “رفضهم الانخراط في جهود المجلس من اجل طرد الجسم الاسرائيلي من عضوية الشبكة العالمية.”
وكما الرئيس استهجن توقيت نقابة الأطباء واضرابهم، استهجن كذلك المجلس البلدي في بيانه الاستقالة وتوقيتها في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن على حد تعبير البيان!!

وتحول المستقيلون رفضهم للتطبيع لمدانون تحوم حول استقالتهم التساؤلات واستحكم المجلس البلدي في امره الى “شيوخ” المسألة بحملة المقاطعة (البي دي اس) للبت في الامر.

بدا للمتابعين وكأن لغطا حاصل، وان المستقيلون يخفون نوايا لا يظهرونها وراء اعتراضهم على الفعل الوطني العظيم، حيث أكد المجلس ان المستقيلين رفضوا الانخراط في جهود المجلس البلدي من اجل طرد الجسم البلدي – موديعين- من عضوية الشبكة العالمية ضمن توصيات لجنة المقاطعة.

 

قلت في نفسي، انتظري رد لجنة المقاطعة لتأتينا بالخبر اليقين.

تذكرت طبعا موقف لجنة المقاطعة الأخير من الفنان الفلسطيني\الأردني عزيز مرقة والحرب الضروس التي شنت ضده بسبب التطبيع بما لا يتوافق مع معايير الحملة.

في ذلك الوقت، ردد المطرب عبارة بما معناه ان اللجنة والفلسطينيين عليهم رسم معايير نهائية يتفقون عليها.

اليوم وفي بيان الحملة بتغيير صارخ لمعاييرها المعهودة، حيث تم ” تحليل” المشاركة بحيث “أنّ المشاركة في المحافل والمؤتمرات الدولية التي تشارك فيها دولة الاحتلال أو من يمثلها لا تعتبر بحد ذاتها تطبيعاً، بشرط عدم التعامل والتشارك والجمع بين العرب/الفلسطينيين والإسرائيليين بشكلٍ مباشر أو بشكل يوحي بالتعايش رغم نظام الاحتلال والاستعمار-الاستيطاني والأبارتهايد. فانسحابنا من هذه المحافل الدولية يعدّ بمثابة هدية مجانية لإسرائيل، تكرس عزلتنا، لا عزلتها. على العكس من ذلك، تدعو حركة المقاطعة العرب، بمن فيهم الفلسطينيين، وحلفاءنا الدوليين على العمل من داخل هذه المحافل الدولية لعزل وطرد دولة الاحتلال والأبارتهايد ومن يمثلها

 

على حسب مقولة “خلي مجنون يحكي وعاقل يسمع”، كيف يمكن ان يحصل فعل اللا تطبيع بهكذا محفل، يكون فيه رئاسة الجمعية لبلدية رام الله وعضوها الإسرائيلي جالس؟ كيف يمكن ان تكون في محفل دولي تريد ان تثبت به كلمتك الفلسطينية وحقك بينما لا تتعامل مع الإسرائيلي بما يمكن وصفه بالتطبيع؟ والامر ينطبق بشكل مجازي على كل المحافل المتعلقة بمشاركة الاحتلال فيها. والامر هنا اصعب في عدم تجريمه ، حيث ان المشارك من جانب الاحتلال هو جهة رسمية لا شخصا عاديا.

 

بجد؟؟؟؟

 

على الرغم من ان الفقرة الأولى للبيان جاءت كما يلي: تنوّه اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة إلى أنّه وبناءً على مراسلات سابقة وردتنا من البلدية، حثّت اللجنة الوطنية البلدية على الاستمرار في العمل المباشر والحثيث على تحشيد الدعم لطرد بلدية “موديعين” من هذا المحفل الدولي ضمن جدول زمني محدّد، بالذات كون “موديعين” تسيطر على أراض محتلة عام 1967، مما يسهل عزلها.

فلا يمكن القبول بتعامل أي إطار متوسطي أو أوروبي أو عالمي مع المستعمرات الإسرائيلية وكأنها طبيعية، فجميع المستعمرات الإسرائيلية مقامة بشكل غير شرعي على الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة وتشكل جريمة حرب، حسب القانون الدولي.

كما تدعو اللجنة الوطنية كل من بلديتي رام الله وبيت ساحور للانسحاب من اتحاد البلديات المذكور إذا ما باءت محاولة طرد “موديعين” منه بالفشل، على أن يتم إقناع عدد أكبر من البلديات العربية والصديقة للانسحاب لإعلاء شأن القانون الدولي ورفض مشاركة أي مستعمرة في المحفل.”

 

لا اعرف ان كان يهيأ لي ان لغة الخطاب هذه هي نفس لغة لجنة التواصل. فكرة اننا ننخرط بداخلهم لتغييرهم!!

من المؤسف جدا ما يحصل.

مؤسف موقف بلدية رام الله من تحويل الحق الى باطل.

ومؤسف أكثر موقف حملة المقاطعة الذي صار يفصل تفصيلا ضمن احتياجات ومتطلبات زمر القيادة الرسمية وغيرها من النخب المختارة.

على مدار السنوات الأخيرة وفي ظل المواقف التي لم يعد يفهم المرء أسباب صدورها ضد البعض والتغاضي امام البعض فيها، بالنسبة للجنة المقاطعة، التي تعتبر الصوت الأهم في التصدي للاحتلال من حيث التأثير الدولي، هناك حاجة ماسة اليوم لإعادة النظر فيما يصدر من الحملة وفي معاييرها. ولربما وقبل خسارة أكبر، يجب إعادة رسم مفاهيم ومعايير التطبيع الممكن والغير ممكن. فلا يمكن الاستمرار هكذا بتحول حملة المقاطعة الى ما هو أقرب بدار الفتوى التي تعيد صياغة الحلال والحرام بما هو مستحب وغير مستحب على حسب مقاييس صاحب الامر.

اذا ما كانت المرحلة “الوطنية” الحالية تطلب تطبيعا، لربما من الاجدى والاقل ضررا ترك الامر من التحول الى مصدرين لصكوك الوطنية والخيانة. فبنهاية المطاف ان التطبيع سواء كان طوعيا او اجباريا لم يعد من الممكن الانفلات منه بعد ما شاهدناه من تصريحات للرئيس وافعال حكومية.

فنجد نفسنا كحملة المقاطعة نتمخض رفضا ونلد تطبيعا في كل مرة.

 

 

اترك رد