نقيب الأطباء يثير الرأي العام بتصريحات استفزازية ام يدق ناقوس الخطر؟
ما يجري من عدم سيطرة حقيقية للسلطة على الوضع، بين تصريحات سلطوية غير دقيقة، وبين عدم التزام على كافة الأصعدة الشعبية للالتزام بالبيوت. وبين انفلات للفصائل المسلحة يدب الرعب الحقيقي في العديد منا لمناطق، بتزايد مرعب مع سكون الليل، يأتي ما جاء من تصريحات لنقيب الأطباء ليزيد من حالة الريبة للوضع العام في ظل معلومات لا تبدو السلطة مسيطرة عليها.
بجانب سلطات الاحتلال الإسرائيلي، تدهور الوضع السريع ينذر بكارثة على خطى ما جرى في إيطاليا واسبانيا. وهنا نتكلم عن دول تملك بنى تحتية لنظام صحي. نعم تبين انه فاشل وانهار عند لحظة الحقيقة كما نرى. ولكن في الجانب الفلسطيني من هذه المعضلة، التي لا تخرج منها أجواء الخطورة التي تدب في وسط الاحتلال، لأنه على الرغم من العزل المفروض والطوق المحكم، الا ان الجنود على الحواجز المختلفة يشكلوا وسيلة مباشرة لنقل الفيروس والعكس. كما يشكل مئات الالاف المعلن عنهم من العمال لدى مصانع ومشاغل الاحتلال.
منذ اللحظة الأولى ولا تزال السلطة عاجزة عن اخذ تدابير حقيقية بحجم الحدث. مرور أسابيع على اعلان حالة الطوارئ الذي كبل الشعب والحكومة الكثير من الخسائر بلا التزام بتدابير وقائية تلزم الناس بيوتها، وسلمت امر العمال حتى هذه اللحظة للاختيار، والنصيحة باللزوم ببيوتهم بلا أدنى مبادرة تتقدم فيها السلطة لتعويض هؤلاء. فالقطاع العام يضمن دخله الذي ستعوضه الحكومة، والقطاع الخاص يعرف على الأقل ان نصف المعاشات سيتم تعويضها، ولكن العدد الهائل من افراد الشعب العاملين بالداخل المحتل، ليس امامهم أي تعويض من أي طرف.
بالمقابل، حتى لو لزم العامل العائد من عمله الحجر البيتي، نحن نصف الامر وكأنه ممكن. وكأن هؤلاء العمال يعيشون في قصور وبيوت تسمح لهم بالعزل. ما الذي توفره السلطة للعمال عند توقفهم عن الذهاب الى العمل على صعيد الوقاية من الكورونا؟
من المفترض ان يؤخذ العمال عن الحواجز مباشرة الى أماكن حجر متوفرة حتى يتم التأكد من عدم اصابتهم. ما حصل في بدو بديهي في كارثيته. من ناحية تترك الحكومة العمال الى قدرهم تحت اسياد عملهم بالاحتلال، ثم تطلب منهم العزل. الا تفكر الحكومة ان هؤلاء المخاطرون بحياتهم لا يملكون سبل الحجر المتناسب مع الوقاية؟
ما رأيناه قبل أيام قليلة من رمي رجل مصاب (ربما الكورونا) على احد الحواجز، يشبه ما كنا نراه بالأفلام من اعمال الرق والعبودية. وبالمقابل، كيف تعاملت الأجهزة الصحية الفلسطينية معه، أنذر بما هو أسوأ وأقبح من فعل الاحتلال.
ذلك المشهد عكس حقيقة بشعة وصعبة. تجعل المرء يفهم لم يخاطر هذا العامل بحياته وحياة عائلته ومحيطه، لأنه إذا ما وقع سيرمى من كافة الأطراف كما رأينا مع العامل بالفيديو.
رئيس الوزراء يشيد بتصريحاته بالتزام الناس بالليل ويبدو ان لا يرى كيف تعج الشوارع بالناس والسيارات بالنهار. ما جرى بجنين كارثة. كما الذي يجري يوميا في أماكن أخرى لا يمكن السيطرة عليها كما كفر عقب وقلنديا ومخيم شعفاط وغيرها.
وعليه، تبقى المسؤولية الكبيرة عند مواجهة الحقيقة على عاتق الأطباء والممرضين والعاملين بالقطاع الصحي. لأن المسؤولية بالنهاية ترمى إليهم. قد نكون الى حد ما تعودنا على التقصير بالمستشفيات والاخطاء الطبية مع مرور السنوات ويئسنا. ولكن كانت تلك الأمور لا تتعدى الأمور الفردية التي يمكن حصرها دائما. اليوم نتكلم عن كارثة تنتظرنا سيكون القطاع الصحي مسؤول عنها.
نهدد في شعاراتنا العامل الذي كان سببا في وفاة امه بنقل العدوى لها، ولا نفكر بعواقب الألم وعذاب الضمير مع خسارة ضحايا للفيروس بالمستشفيات بلا إمكانيات للتشخيص ولا العلاج.
ما ادلى به نقيب الأطباء يستوجب التدخل الفوري.، لا بمساءلته، ولكن بتصويب الوضع. لأنه ومع كل اهمال للكواد رالصحية سنخسر أكثر، ونحن نعرف اننا لسنا مجهزين بما يتطلب الوضع من ناحية الأجهزة والأماكن.
اليوم، وفي ظل هذه الجائحة اهم ما نحتاجه من كوادر بشرية هي بالقطاع الصحي.
عندما يعلن نقيب الأطباء ان: “الوضع لدينا كارثي ولا نمتلك الحد الادنى من الإمكانيات” فهذا يعني اننا يجب ان نهتم أكثر. نفي نقابة الأطباء لما جاء على لسان متحدث الحكومة بشأن الحجر على ٢٠ طبيب وممرض وعاملا في مستشفى رام الله. مصرحا بأنه ” لم يتم حجر الطواقم الطبية حتى الآن رغم انهم خالطوا المصاب”، يؤكد كذلك على ان التصريحات التي تقدمها الحكومة ليست الا “مسكنا” لا علاجا لفيروس ينذر بالكارثة.
:جاء بتصريح لوزير الشؤون المدنية (حسين الشيخ) عن كارثية الوضع كذلك بأنه لا يوجد عينات فحص يمكن الاعتماد عليها.
بتعليمات فخامة الرئيس كل الجهات المختصة سواء الطبيه أو السيادية تبذل جهد كبير مع دول العالم لجلب عينات فحص كورونا نتيجة النقص الكبير بها التي تكاد ان تكون شبه منعدمة لدينا الامر الذي يضعنا امام مشكلة حقيقية و نجري اتصالات كثيفة مع كافة الدول لجلب و احضار شرائح فحص للعينات في فلسطين.
بالمقابل، تصريحات الحكومة تتكلم عن عينات تبدو في معظمها سلبية. ومن النظر حول المعطيات وكيفية انتشار الفيروس، اما ان الفحوصات بها مشكلة، او اننا بالفعل محصنون من الفيروس، وعليه ربما، يجب اخذ عينات من دمائنا لتفحص ما الموجود فينا محصن ضد الفيروس وننقذ العالم!!
عندما يقول نقيب الأطباء ان “وزارة الصحة تستنزف الكوادر الطبية بطريقة خطيرة فهي لم توفر لهم الحد الادنى من متطلبات السلامة“. وان وزارة الصحة “تضحي بالكوادر الطبية وتستغلهم بطريقة عشوائية يمكن ان تسبب مصائب” لا اظن ان النقيب هنا يتكلم عن وضع نقابي عادي. فاستنفاذ طاقة الأطباء واجهادها ستؤدي الى كوارث يدفع ثمنها المصابون تباعا.
قول نقيب الأطباء ان ” الوضع الطبي عندنا كارثي. فنحن تحت الصفر. ولا نمتلك حتى الحد الادنى من الإمكانيات. لذلك اعتقد بوجود حالات اصابة كبيرة لدينا بالفيروس لم يتم اكتشافها “
هو قول بديهي لمن يشاهد عن بعد، فكيف إذا ما جاء هذا القول من نقيب الأطباء.
استغرب الهجوم على النقيب واتهامه بتصفية حسابات. ما يطالب به من ” توفير الحد الأدنى من متطلبات الوقاية للأطباء وتوفير اللباس الخاص الواقي للأطباء” هو مطلب أساسي وملزم. القطاع الطبي هو الجيش الحامي من الفيروس في هذه الجائحة. إذا لم نهتم به، فنحن ننحدر نحو مصيبة أكبر.
.