تخطى إلى المحتوى

احجار على رقعة الشطرنج :تبني الحركة الصهيونية ووعد بلفور

 
 
 
في قراءة لكتاب أحجار على رقعة الشطرنج ، في الفصل التاسع وتحت عنوان “المؤامرة السياسية سنة  ١٩١٤ـ ١٩١٦” ، يقوم وليام غاي كار بعرض تفصيلي للمؤامرة التي تصدرت انكلترا رقعتها في تبني الحركة الصهيونية . وهنا يبدأ كار بعرض لأحداث وشهادات لتاريخ عايشه ، وكان هو جزء من احجار اللعب فيه (حيث كان جنديا) . وتتردد بين صفحات الفصل هذا اسماء شكلت تاريخ التغيير الذي حصل في فلسطين ، والذي لم يكن بلفور وتشرشل (كان من مؤازري الحركة الصهيونية)  وللويد جورج (محامي الحركة الصهيونية) فرسانا سيتم الاستغناء عنهم بعد الانتهاء من مهمتهم المطلوبة . اولئك تم استبدالهم برئيس الوزراء البريطاني في حينه سنة  (١٩١٦) اسكويت الذي كان معاديا للصهيونية .
من الاسماء المهمة كذلك اللورد ريدينغ الذي كان رئيسا للبعثة الاقتصادية البريطانية بامريكا  ( بالاصل هو روفوس اسحاق ) الذي نسق عمليات الهجرة من هناك. وكذك هربرت صموئيل الذي اصبح المندوب السامي فيما بعد لفلسطين.
 
وفي سجل اسكويت بتاريخ ٢٨ كانون الثاني سنة  ١٩١٥ ، كان قد دون ما يلي : ” تلقيت للتو من هربرت صاموئيل ، مذكرة بعنوان (مستقبل فلسطين) ، وهو يظن اننا نستطيع اسكان ثلاثة او اربعة ملايين من اليهود الاوروبيين في ذلك البلد، وقد بدت لي فكرته هذه كنسخة جديدة من اقاصيص الحروب الصليبية، واعترف ينفوري  بهذه المقترحات التي تضم مسؤوليات اضافية الى مسؤولياتنا ….)
يشير وليام كار في سلسلة هذه الاحداث لكتاب ا.ن فيلد “كل هذه الاشياء ” الذي يتحدث به عن سلسلة الاحداث التي تلت عزل اسكويت ، فيقول : ” لقد اصبح التأثير اليهودي في السياسة البريطانية واضحا بعد ظهور السيد للويد  جورج” . ويضيف :
 ” عقد الاجتماع الرسمي الاول للجنة السياسية(الصهيونية) في السابع من شباط سنة  ١٩١٧ وفي منزل الدكتور موسى غاستر . وقد حضر هذا الاجتماع كل من اللورد روتشيلدوجيمش دي روتشيلد( ابن ادموند دي روتشيد الباريسي والمالك السابق لمستعمرات روتشيلد في فلسطين ) ، والسير مارك سايكس ( الذي كان منزله بباكنغهام مجهزا ليكون مركز قيادة القضية الصهيونية) السير هربيرت صاموئيل ، هربرت بنتويتش (النائب العام في فلسطين فيما بعد) ، هاري ساشر . جوزيف كاوين ، حاييم وايزمن ، ناحوم سوكولوف . وقد نوقش في هذا الاجتماع بالتفصيل البرنامج الصهيوني الذي سيستخدم قاعدة في المفاوضات الرسمية التي تشكل فلسطين وارمينية ومنطقة ما بين النهرين ومملكة الحجاز.”
ويشير في موقع اخر ” ابلغت تفاصيل هذا الاجتماع بالشيفرة الى التنظيم الصهيوني في الولايات المتحدة.. ومن ذلك الوقت بدأ التنظيم الصهيوني في صياغة السياسة البريطانية وفي توجيه القضايا البريطانية الداخلية “.
 
كانت الثورات في اوروبا لا تزال تشتعل ، والتركيز كان منذ بداية القرن على الثورة الروسية . ويبين الكاتب من خلال السرد ان الاساليب التي كانت تستعملها هذه القوى في القضايا الدولية كان واضحا : ” انهم يتوصلون الى جعل عمليات الاغتيال تبدو وكأنها عمليات انتحار او حادث ما ، ويصورون التخريب وكأنه حادث سببه الاهمال او الخطأ في الحسابات . ويبررون الاخطاء بالظروف خالقين لها الاعذار.”
 
بعد ان ارسلت بريطانية وزير خارجيتها بلفور الى امريكا للاتصال بممثلي المصارف العالمية وابلاغهم رسميا بأن الحكومة البريطانية ستتبنى رسميا مشاريعهم المتعلقة بالصهيونية مقابل تعهدهم بادخال امريكا الى جانب الحلفاء” وذلك في حزيران سنة ١٩١٧. قام روتشيلد بالكتابة الى بلفور ب١٨ تموز من نفس العام ما يلي:
” عزيزي السيد بلفور،
اخيرا اصبح بامكاني ان ارسل لك الصيغة التي طلبتها ، فاذا تلقيت ردا ايجابيا من حكومة صاحبة الجلالة ومنكم شخصيا سأقوم بإبلاغ ذلك الى “الاتحاد الصهيوني” في اجتماع خاص سوف يدعى اليه لهذا الغرض خصيصا.
وجاء في نسخة النص الاول ما يأتي:
١- تقبل حكومة صاحبة الجلالة بمبدأ وجوب اعادة تأسيس فلسطين وطنا قوميا لليهود.
٢ سوف تبذل حكومة صاحبة الجلالة كل طاقتها لتأمين الوصول الى هذا الهدف وسوف نتناقش في ما يتعلق بالطرق والوسائل التني يتطلبها تحقيق هذا الهدف مع المنظمة الصهيوينة.”
 
في احد الرسائل بين ريدينغ ويعقوب شيف و ولويس مارشال  ( ممثلي مؤسسة كوهين لوب في نيويورك )، في ٢٦ ايلول سنة ١٩١٧ جاء فيها : ” لقد اخبرني الماجور ليونيل دي روتشيلد من التنظيم اليهودي البريطاني ان مؤسسته على اتفاق مع المجلس اليهودي الامريكي… وان وعد بلفور وقبول الدول الكبرى لهو عمل دبلوماسي من اعلى الدرجات ، والصهيونية ما هي الا عمل مؤقت من خطة بعيدة المدى وما هي الا مشجب مريح يعلق عليه السلاح الاقوى . وسنبرهن للقوى المعادية ان احتجاجاتها ستذهب هباءا وستعرض اصحابها لضغوط كريهة وصعبة.”
 
وبينما يتساءل القارىء عن سبب اختيار فلسطين في خضم حروب السيطرة الاوروبية يجيب كار : ” بعد ان توصل المخربون الدوليون الى صنع اوضاع داخلية في المانيا ،تتناسب وخططهم البعيدة المدى ، وجهوا اهتماماتهم الى فلسطين . ذلك انهم اختاروا فلسطين لتكون المركز الجغرافي المناسب لخطتهم العامة في السيطرة على العالم . وبالاضافة الى ذلك ، فانهم كانوا يعلمون ان اشهر الجيولوجيين العالميين (كوننيغهام كريغ) قد كشف عن مناطق واسعة تحتوي على ثروات معدنية تقع في محيط البحر الميت . وهكذا قرر هؤلاء ان يتبنوا الصهيوني السياسية لتحقيق هدفهم ذي الوجهين :
الاول: اجبار دول العالم على الاعتراف بالوطن القومي لليهود في فلسطين ، بحيث يكون لهم دولة مستقلة يمكنهم ـ اي اصحاب المؤامرة العالميةـ السيطرة عليها باموالهم وسلطتهم . واذا حققت مؤامرتهم هدفها البعيد في اقامة حرب عالمية ثالثة، عندئذ يستعملون دولتهم المستقلة هذه في توسيع نطاق نفوذهم وسيطرتهم لتشمل – ـ بالاضافة الى الدول الشيوعية التي يسيطرون عليها الان ـ جميع امم الارض ، وعندما يتحقق ذلك سيتمكنون من تنصيب زعيمهم “ملكا على الكون” و “الاله” الاعلى على هذه الارض.
الثاني: يمكنهم تأمين السيطرة على ثروات معدنية بقيمة ٥ ترليون دولار ، كانوا يعلمون انها مخبأة على شواطيء البحر الميت.”
 
ويستطرد الكاتب انه وبعد وعد بلفور صدرت الاوامر الى اللورد اللنبي بطرد الاتراك، ولم  يكتشف نوايا تسليم فلسطين لليهود الا بعد ان انتهى العرب من مساعدة اللنبي في تحقيق مهمته على حد تعبير الكاتب. وفيما ظهر للعالم ان فلسطين اصبحت محمية بريطاني ، تم تعيين لجنة صهيونية في فلسطين وتعيين مندوبيهم السياسيين اعضاء لها ، وكانت مهمة هذه البعثة الشكلية هي تقديم النصح للجنرال كلايتون الحاكم العسكري لفلسطين ، وبالفعل باشرت اللجنة عملها في اذار سنة  ١٩١٨ وتشكلت من الكولونيل جيمس دي روتشيلد ( والذي اصبح عضوا في مجلس العموم البريطاني مابين سنة ١٩٢٩ ولغاية سنة ١٩٤٥، عينه تشيرشيل وزيرا للشؤون البرلمانية في حكومته) ، الملازم ادوين صاموئيل( اصبح عند تأسيس اسرائيل مديرا للاذاعة الاسرائيلية ) ، المستر اسرائيل شيف ( مدير شركات مارك اند سبينسر  وعضوا في منظمة برين تراست التي كانت تقدم خدمات استشارية للحكومة البريطانية ) ، ليون سيمون ( اصبح المسؤول عن مكاتب البريد العامة في بريطانية ، الدكتور الدر ، جوزف كاوين ، حاييم وايزمان.
من الجدير ذكره، ان هذه اللجنة تشكلت قبل معاهدة فيرساي والتي تم وصفها بانها كانت تحت سيطرة وتوجيه الممولين الدوليين اليهود ، و” اختاروا فيرساي في باريس ليحققوا برنامجهم المخطط بدقة والذي نفذ حرفيا. ” ام بالنسبة لمسودة الانتداب البريطاني ،فان “تخطيطها كان على يد البروفسور فيلكس فرانكفورتر ، الصهيوني الامريكي البارز ،الذي اصبح فيما بعد المستشار الاول للبيت الابيض في عهد روزفيلت ، وساعده في ذلك كل من السير هربيرت صامويل ، الدكتور جاكبسون، الدكتور فيويل، المستر ساشار، المستر لاندمان، بن كوهن، لوسيان وولف الذي كان من المؤثرين على لويد جورج ويقال انه كان يملك جميع اسرار شؤون بريطانية الخارجية”.
وبعد استعراض للكثير من المقالات والرسائل التي جرت في تلك الفترة ، يستخلص الكاتب الى ان ما جري بين الاعوام ١٩١٤ و١٩٣٤  يبين توجيه جهود المرابين العالميين من اجل تحقيق الاهداف التالية :
ـ اثارة الحرب العالمية الثانية ، مما يسمح لهم بالسيطرة المطلقة على روسيا.
ـ تغيير الرؤوس الحاكمة في اوروبا
ـ اجبار حكومتي فرنسا وبريطانية على انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
وقد جاء في النسخة الاصلية بشأن الانتداب البريطاني على فلسطين عبارة ” تحويل فلسطين الى وطن قومي لليهود” ، وتغيرت هذه العبارة الى “انشاء وطن قومي لليهود في فلسطين” ،وذلك لاخفاء الطموح السري للصهيونية . وهكذا تم اخفاء حقيقة وجود ثروات ولم يكشفوا عنها الا بعد اعلان الانتداب بقرار التقسيم.
وفي اوروبا ، تم تقسيمها الى معسكرين : فاشستي ومناهض للفاشستية ،اعدادا للحرب العالمية الثانية .
 
ولربما يجب التأكيد قبل الانهاء الى
” ان “القوى الخفية” وراء الثورة العالمية انما ينحدرون من اصل تتري او خزري او ينتمون الى سلالات غير سامية من المغول الاسيويين . ولقد تبنى هؤلاء الديانة اليهودية لأنها تناسب اغراضهم الشخصية بين القرن السابع والقرن الثامن ميلادي ، واستعملوا اليهود (الاخرين) تماما كما استعملوا غيرهم ، كأحجار على رقعة الشطرنج”

اترك رد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading