تعرُّض وزير القدس للاعتقال والاعتداء من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي امر اعتيادي في همجية سلطات الاحتلال. ومرفوض وغير مقبول الى اخره. ويمكن الاعتراض لدى المنابر الدولية واستغلال الامر ربما سياسيا ودبلوماسيا.
ولكن ان يقوم وزير القدس بتقديم شكوى بواسطة محاميه إلى قسم التحقيق مع رجال الشرطة في وزارة القضاء الإسرائيليّة، والمعروف باسم (ماحاش) فهذا بالحقيقة يضعنا في خانة الهزلية. اذكر قبل مدة عندما خرج المفتي بفتوى تحريم شكوى الزوجة ضد زوجها لدى شرطة الاحتلال في القدس. عندها هلل الكثير من اجل الفتوى وانتصروا لتحريمها. وكان من السهل تضييق الخناق على الزوجات تحت بند تحريم واحتلال. وهنا كان السؤال المتكرر لمن تذهب الزوجة وهي الضعيفة والتي بفعلها هذا تكون بالعادة قد وصلت الى لحظة الموت ربما تقريبا. ( هنا لا اريد الدخول بهذا النقاش ولكن اعرضه فقط للتمثيل) . يعني عند انقطاع السبل بالانسان المسكين الذي لا مفر له الا اللجوء الى الشرطة. اذا ما كنت متفقا ام مختلفا مع قرار الناس عند انعدام سبل حماية انفسهم بالذهاب الى الشرطة، فهناك بالنهاية محصلة ان السيادة الحقيقية هند تطبيق النظام والقانون هي للشرطة الاسرائيلية فلا مفر من ذلك.
ولكن .. عندما تعتقل الشرطة وتعتدي على شخصية اعتبارية بحجم وزير او محافظ، نعرف ان لهذا اعتبارات سيادية من نوع سياسي. بالنهاية سواء اعترفنا او انكرنا. سواء تقبلنا او رفضنا، فان الحياة بالقدس تخضع لقوانين احتلال رغما عن انوفنا. قبل اوسلو كانت قوانين الاحتلال اكثر حماية لنا كفلسطينيين نعامل اسرائيل معاملة الاحتلال بكل اشكاله. ولكن بعد اوسلو انخرطنا في الاسرلة مرغمين ، فلا يخفى على احد ما يحصل بالمدارس والمؤسسات المختلفة من ثقافية ومجتمعية. كما لا يخفى على احد الاعباء والعقبات التي يتعرض لها المواطن بكافة المستويات. نحن نعيش في هذه المدينة نوعا ما رغما عن انوفهم، وربما تحولت مقاومتنا الى تكيف. فصار الامر بالنسبة للكثيرين هو صراع بقاء في المدينة امام احتمالية تهجير ممنهجة. ولكن تبقى الخيوط الفاصلة بين ما هو تكيف ومكا هو خنوع واضحة، على الرغم من ضبابية الوضع. ونبقى كلنا مع الاسف خاضعين لسياسة الامر الواقع التي ذللت الطريق اليها السلطة منذ توليها زمام السلطة وترك القدس لتمضغ بين فكي الاحتلال.
نقوم بما يشبه لعبة القط والفأر معهم على مر السنوات بشأن العمل بالقدس. بين ما يبقي الهوية الفلسطينية محددة الملامح والطابع في شكل المدينة وسيادتها ، وبين ما يبقي اصحاب الهوية بمأمن من خطر الاقصاء او الاعتقال او التهديد او المخالفات او التهجير القصري.
افهم تماما ان السلطات الاسرائيلية لا تحتاج الى حجج كبيرة لكي ترمي السيادة الفلسطينية في مقتل. وما نراه من اعتقالات متعددة لوزير القدس وكذلك لمحافظ القدس الذي تعدت اعتقالاته ال ١٣ او ١٤ اعتقال. بين محاولة العمل وفق سيادة يعرف اهل السلطة جيدا انها ليست متاحة ولكن نحتاج اليها لنؤكد على اننا هنا. وبنفس الوقت في محاولة لتفكيك شرعية او سيادة الاحتلال المفروضة عنوة وضد القوانين الدولية.
ولكن قيام الوزير بتقديم شكوى تأتي بالفعل في مقتل للسيادة الفلسطينية في القدس. لا اعرف اي نوع من المستشارين القانونيين يدلون بهكذا نصائح بلا اي تفكير بمكانة الوزير السيادية. تقديم الشكوى تؤكد فقط على شرعية اسرائيل وسيادتها. بكل الاحوال قد يستطيع الوزير طلب تعويضات والشكوى من الشرطة لضربه وارغامه على لبس الكمامة القذرة، ولكنه لا يستطيع ابطال “شرعية” اعتقاله لأن التهمة الموجهة له من قبلهم معدة منذ سنوات لكل من يحاول العمل بالقدس باضفاء “سيادة” فلسطينية على المدينة ولو شكلية . فكما ذكرت صحيفة (هآرتس) العبريّة، أيْ النشاط في القدس الشرقيّة المُحتلّة ممنوعًا وفقًا لاتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينيّة وكيان الاحتلال الإسرائيليّة. مع الاسف وقع الوزير في شرك الاستشارات الخاطئة، في عدم الانتباه الى ان هناك فرق بين الشخص العادي الذي تم الاعتداء عليه ويحق له الشكوى ، وبين شخصية اعتبارية تمثل في وجودها “السيادة” على الارض.
مؤسف جدا ما حصل…. بقدر هزلية التفكير باماكنية حصوله بالاساس!!
عنجد الواحد بقول بهيك موقف عزاااااااااااا
One comment