في يوم الأسير الفلسطيني: هل من ضغط جدّيّ من أجل إطلاق سراح أسرانا في سجون الاحتلال؟

في يوم الأسير الفلسطيني: هل من ضغط جدّيّ من أجل إطلاق سراح أسرانا في سجون الاحتلال؟

كم نحن في حالة يرثى لها …منذ أربعين يوم ونحن نعيش في عزلة فرضها علينا فيروس ولا نعرف التحكم ولا الالتزام. وكأن الدنيا طعام وشراب ومشوار. وقد يكون هذا اليوم للتذكرة…

لنتذكر بسالة القابعين شهورا واعواما في زنازين مغلقة موصودة، كم تغنينا في بسالتهم وهم يخوضون معارك الاضراب عن الطعام.

اشعر بالخجل من نفسي وانا أتذكر كم تغنّينا ببسالة الاسرى في اضراباتهم عن الطعام. وكما في كل مرة، فنحن نختبئ وراء هؤلاء الابطال الحقيقيون من استشهد منهم ومن يقضي ريعان حياته وراء قضبان، ان كان بالموت عذاب فلا بد انهم يحيونه.

نعيش اليوم ونشعر معنى تقييد الحركة المطلق وتحديد مساحاتنا ببيت نعيش فيه. ونقول كم مللنا، وكم صارت حياتنا جحيم لا يطاق.

الاسرى هم من تبقّى بهذه القضية من نضال حقيقي، بلا رياء ولا مصلحة ولا اهداف مخفيّة او معلنة يدعمها حزب او فصيل او مرشح لانتخابات بلدية او متأمِّل بانتخابات رئاسية وجوقة منتفعين هي أقصى احلام من يعتاشون على هذا الوطن.

نقف اليوم متفكرين متأملين ربما، رافعين رؤوسنا بلا شك، بأولئك الالاف منا القابعين خلف قضبان جبروت الظلم المتمثل بالاحتلال كيف يستطيعون تحمّل كل هذا الحجر؟ كيف يعيشون وحياتهم كما حياتنا يجتاحها فيروس لا يميّز الصالح من الطالح، السجان من المعتقل؟ الملتزم من المستهتر؟

لأولئك منّا الذين لا تزال ارواحهم تنشد الحرية، اقول اليوم اننا نشارككم أسْركم ولكن هل نتّعظ؟ ليكن هذا اليوم فرصة لتكون قضيتكم هذه هي قضية الوطن وقضية العالم.

نحن شعب أسير. ليس أولئك المحاصرون بين غياهب الزنازين فقط هم الأسرى. كنّا نحن المتحكمون في بعض من حراكنا في محيطنا المحدود بالكاد نشعر بحرية ونصرخ ونستنجد العالم ليخلصنا من احتلال فاشي عنصري، فكيف اليوم ونحن والعالم في حجر منزلي تترتب على اختراقه العقوبات والمخاطر الجمة بانتشار الفيروس المتربص في كل مكان. هل لنا ان نتفكر ولو للحظة كيف تكون حياة الاسرى الذين يقضون العقد وراء الاخر من حياتهم في ايام تمر بثقل سنوات، وعمر يمضي وينتهي والحقوق المسلوبة تنتهك خلف القضبان مرارا وتكرارا… واليوم أكثر بخطر تسرب الفيروس اللعين إليهم.

اولئك الذين بذلوا حياتهم من اجل ان نكون نحن بالخارج مع بعض المزايا يستحقون اليوم منا مناصرة حقيقية على كل الاصعدة. لنبدأها اولا بمنع استخدام الاسرى وقضيتهم كشعارات انتخابية بخيسة. لنخرج الاسرى من حساباتنا الفصائلية وانقساماتنا الداخلية التي صارت مشينة ومخزية واهلكتنا وجعلتنا اضحوكة للعالم حولنا.

الاسرى في سجون الاحتلال هم فلسطينيون لا مذهب لهم الا هويتهم الفلسطينية، ولا قضية لهم الا قضية التحرير. فدعونا لا نخذلهم.

الاسرى اليوم في سجون الاحتلال يرفعون اصواتهم مستغيثين بما تبقى من انسانيتنا وانسانية العالم وما يكنه العدو من مظاهر انسانية.

إذا ما كانت حياتنا هكذا خارج اسوار الزنازين، بين حاجز وجدار وتنكيل يومي، وحجر بيتي اضيف الى حياتنا فجأة، فكيف يكون هذا السجان في داخل اسوار السجون؟

عندما يستجير الاسرى ويصرخوا من سوء المعاملة والتدابير الصحية ومخاطر تفشي الفيروس إليهم فلا بد ان تكون فرصة لأن تصبح قضيتهم أكثر من شعار تبدأ به المؤتمرات وتنديد فارغ بمطالبة لا تتعدى لحظتها من أفواه المسؤولين.  أقل ما يمكن ان تقوم به الحكومة اليوم هو المطالبة والضغط الجاد والحقيقي والمتواصل لإطلاق سراح الاسرى في سجون الاحتلال.

في مثل هذه الأيام طالت ايدي الغدر ابطالا كانوا لهذه القضية مثالا، وعلى نهجهم سار اولئك في سجون الاحتلال … عبد القادر الحسيني وابو جهاد. في مثل هذه الايام ومع بداية نكبتنا كانت مجزرة دير ياسين وفي مثل هذه الايام تم اعتقال مروان البرغوتي قبل ١٩ عام.

الاسرى في سجون الاحتلال يعانون ما لا ندركه من معاناة. يقضون ما تبقى من حلم لحياة في غياهب الزنازين والمعتقلات ويعانون كافة اشكال التعذيب والاذلال والاهانة. ما ندركه يوميا من عذاب نفسي وجسدي ولا نطيقه، كيف يكون حالهم وايديهم مغلولة بسلاسل السجان القامعة.

في كل لحظة نعاني فيها ونحن نمر عن حاجز…

في كل لحظة نشعر فيها بالتهديد من خطر رصاصة طائشة من جندي حاقد…

في كل لحظة يمر امامنا الجدار الفاصل العازل ولا نستطيع الوصول الى الجانب الاخر الذي كان للتو قريب….

في كل لحظة نسكت فيها خوفا من ان يسمعنا أحد ويوشي بنا.

في كل لحظة نخشى فيها العودة الى منزل ونجده مهدوما.، او نفتح صندوق البريد ونجد اخطارا يهدد تواجدنا …

في كل لحظة نمشي بها “الحيط بالحيط” ونقول “يا رب الستر” فلنتفكر للحظة كم تكون حقيقة حياة كلها لحظات كهذه بزنزانة يتحكم بها احتلال هدفه منذ ان جاء الى وجودك ان يصفيك من الوجود بكل الطرق المتاحة وغير المتاحة…

في كل لحظة نفكر الى متى ممكن ان يستمر حجرنا في بيوتنا، لعلنا نتفكر ونطالب ونضغط من اجل العمل جديا بمطالبة الحكومة الحقيقية لإطلاق سراح الاسرى لدى سلطات الاحتلال.

لأسرانا المجد والكرامة …وعذراً لهواننا ، فلا أعرف كم بقي فينا من أمل…

اترك رد