تخطى إلى المحتوى

من ام هارون إلى الساحر، تتغير السيناريوهات والطريق الى التطبيع واحد

من ام هارون إلى الساحر، تتغير السيناريوهات والطريق الى التطبيع واحد

لا اعرف ان كان التطور الذي يطال المصطلحات المستخدمة مقصود ام جهل ام مجرد “ترند” نمشي وراءه كما نمشي هذه الأيام هرولة وراء كل ما يراد لنا ان نلحقه.

تحول الاصطلاح المتوارث ربما من رمضان كريم الى رمضان مبارك، اثار استغرابي. بالحقيقة انني لا آبه للكثير من هذه الأمور، وانا لا أحب الموروثات بالعادة. ولكنني كجزء من كل ينبض حياة بالموروث الثقافي والديني، أجد نفسي متأهبة عند سماع تغيير بما تعودت أذناي على سماعه منذ وعيت على هذه الدنيا. ووعي ليس وعي حاضر بذكريات عمرها قصير، ولكنها ذكريات بعمر أوشك على ان يقفل الخمسة عقود من تجمعات الذكريات التي شكلت وعيا حاضرا في حياتي.

وإذا ما كان هذا التغيير البسيط بالمصطلح من رمضان كريم الى رمضان مبارك ليس الا فذلكة بريئة في استخدام المصطلحات بما يجعلنا جزء من عالم متعولم منفتح على بعضه بثقافاته ودياناته فلا ضير من اسقاط صفة الكرم عن رمضان واضفاء سمة المباركة عليه.

كل ما يجري برأسي هو فذلكة فلسفية لا معنى لها.. رمضان كريم ام مبارك سيان.

ولأني قررت ان أرى الأمور بإيجابية شاهدت الحلقة الأولى من مسلسل ام هارون. تجاوزت كل ما جرى بالمسلسل من ادخالات غريبة لم اعد اميز فيها ان كانت صعوبة فهمي للهجة الكويتية هي المشكلة ام ان ما يتم إدخاله من لغة عبرية “مخلجنة” هو المشكلة.

حاولت المشاهدة بنفس براغماتية اخذة بعين الاعتبار ما تتطلب الدراما من “تقنيات أدبية”. ضحكت عندما سمعت كلمة ” جالف” أي خليج بالعبري.

كنت لوهلة منشغلة بالممثلة التي تردد النص العبري بمحاولات حفيفه من الاجتهاد. وسألت نفسي ان كان هذا نص توراتي، وكدت اصدق حتى ترددت كلمة خليج مترجمة للإنجليزية بدل العبرية عدة مرات. ضحكت كيف تفشل محاولات المهزلة التي نعيشها بان تغلق الستار عن هزليتها بجدارة. فكل محاولات الممثلة بترديد ما يبدو تلاوة ودعاء توراتي بعبرية متقنة، تهاوي عند استخدام كلمة خليج.

على فرض اننا أردنا ان نصدق ما تبنيه لنا حبكة الدراما من أصول اليهود في الكويت فهل يعقل ان بعد كل هذا الاتقان ان تسقط كلمة خليج من محاولات الترجمة، ام انها محاولة ركيكة مبنية على وعي محكم بان المتلقي جاهل، وما سيكون أقرب الى اذنيه هي انجلزة كلمة خليج لتستخدم بما يعرفه اهل الخليج عن اسمهم بالخارج.

الحقيقة أني ضحكت وانتهى المسلسل بالنسبة لي، فكل محاولات أنسنة الاحتلال وأنسنه اليهود في عمومهم سقطت سهوا او قصدا لا اعرف عند استخدام هذه الكلمة الأوروبية لوصف الخليج.

لنعرف ان هكذا نص ليس موجود الا بنص كاتب السيناريو الذي أراد لليهودية مهدا خليجيا.

وإذا ما كانت هذه غلطة يجهل صاحبها اللغة العبرية او ربما يكون تعلمها بأمريكا. لا اعرف إذا ما كانت السقطة في أحد المشاهد عند اعلان قيام إسرائيل بينما يتجمهر الناس عند المذياع بقول مذيع النشرة انه تم قيام دولة إسرائيل على ارض إسرائيل. حتى من انتهك حياة فلسطين واغتصبها اعترف بانها ارض فلسطيني. ايغيّر العرب النص لجعل الأرض بأصلها ارض إسرائيل؟

عشنا حياتنا تحت تهديد التزييف الإسرائيلي للتاريخ، وها نحن اليوم نشهد التزييف العربي لمصلحة إسرائيل على الشاشات!

وبينما اقلب بين المسلسلات توقفت عند مسلسل عابد الفهد، الساحر، وهو مسلسل سوري، إذا ما كان عقلي يريد الابتعاد عن الخليج وهرولته نحو تطويع التطبيع وأنسنه المغتصب في حبكة درامية ستؤثر فقط بالجاهلين والاغبياء الذين لا يفهمون من التاريخ الا ما تقدمه برامج التلفزيون والفضائيات.

اذ بالساحر دي جي مستورد بخلطة أغاني تبدأ بسكر محلي وتنتهي مطولا بينما الفنان العظيم عابد الفهد يذهب ليلتقي بصديقه الفنان القدير عبد الهادي الصباغ على أطراف البار بأغنية عبرية بعد وصلة سكر محلي وشخص ما أضاع تلفونه وامرأة ما بطعم التوت.

للحظات فكرت ان اذني تخونني، وانه اصابني هوس او رهاب التطبيع العربي. فكرت إذا ما كانت هذه حقيقة الحفلات الصاخبة في العالم العربي، بينما يهز الراقصون الرؤوس انسجاما مع ضجيج الموسيقى الصاخبة والاغاني التافهة، ليزيد فوق تغييب الوعي العربي اسرلة.

تذكرت الشبان العرب في محيطي، والذي تحولوا في معظمهم الى عمال في المصانع والفنادق الإسرائيلية، بينما يتفاخرون بموسيقى السيارات الصاخبة بأغنيات عبرية، متفاخرون باندماجهم الوهمي بعد يوم عمل مليء بالإذلال لدى الاسياد، بفرصة ليكونوا على قدر ثقافتهم باستخدام اغانيهم. وكأن المار امامهم سيدرك انهم في وضع أفضل لأنهم يعملون “لديهم” كعمال. ففرص معاشاتهم أكبر، تتفاخر بهم امهاتهم لأنهم يدخلون المال الى البيت. وهم اثناء محاولتهم تذويت ذلهم اليومي، يختالون بالأغاني العبرية بضجيج الشوارع، ليحاولوا ان يثبتوا لنا ان عملهم فرحة وحفلة وثقافة جديدة لا نفهمها نحن الرجعيون المتخلفون.

فما الذي أراده الفن السوري تقديمه لنا هذا الموسم من خلال وصلة الأغاني “الشعبية” الرائجة في الحلقة الأولى؟ وهنا اعي تماما ان انتاج المسلسل ليس سوريا، ولكن عندما ترى ممثلين بحجم عابد الفهد وعبد الهادي الصباغ الذي بني تاريخهم الفني بالتغريبة الفلسطينية وشأنها من مسلسلات، فالامر كذلك سيان.

هل العولمة طريقها يشق هكذا عن طريق ادخال العنصر الإسرائيلي فيها عنوة وطواعية؟

أحدهم يقدم لنا نصوصا توراتية تشير الى يهود الخليج ولا يأبه حتى بالتفكير باستخدام الكلمة العبرية في نص عبري مدروس، لان إيقاع الكلمة المؤنجلزة سيكون أقرب الى قلب الجالفييين (gulf).ويحرّف بمجريات التاريخ من نكبة على ارض فلسطين لاعلان قيام إسرائيل على ارض إسرائيل، والأخر يقدم لنا أغاني شوارع بلغة عبرية لنضيفها الى قوائم أغانينا المحببة لإضافة الزخم لليالي الصخب والسكر.

يبدو اننا نعيش تحقق حلم الصهيونية الكبير في دولة إسرائيل من النهر الى البحر. ونحن بغبائنا نفتح لها الطريق من الخليج.

نعم قضية فلسطين كما تنشر التغريدات السعودية ليست قضيتهم. لأنه على هذا المنوال سيكون لكل دولة عربية قضية فلسطينية يتحمل وزرها!

5 أفكار بشأن “من ام هارون إلى الساحر، تتغير السيناريوهات والطريق الى التطبيع واحد”

  1. هل المشكلة هي التطبيع .. ام انها تمهيد لمطالبة الرجوع الى الجزيرة العربية ؟؟
    ” حينها “سيكون لكل دولة عربية قضية فلسطينية يتحمل وزرها!” والتي بدأت فعلا بميلاد ما يسمي الربيع العربي
    وادمعتي

اترك رداً على nadiaharhashإلغاء الرد

اكتشاف المزيد من نادية حرحش

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading